التسلح بين الثنائيات المضادة والهيمنة العالمية

أليكسي كريفوروتشكو الرئيس التنفيذي لـ "مجموعة كلاشنيكوف الروسية" لصناعة السلاح
أليكسي كريفوروتشكو الرئيس التنفيذي لـ "مجموعة كلاشنيكوف الروسية" لصناعة السلاح

لا شك أن تصريح “مهاتير” سيعيد خلط الأوراق من جديد عند الدول التي تقتني هذا النوع من الطائرات، كي لا تسقط في فخ الصفقات الماكرة.

يشكل التسابق نحو التسلح  معركة حامية الوطي، تتصارع فيها الدول لنيل صفقة شراء أحدث الطائرات الحربية، وأذكى منظومات الدفاع الجوي .
والتي باتت في  يومنا هذا من أولويات كل دولة تريد حماية غلافها الجوي ومراقبة حدودها البرية والبحرية من هجمات مباغتة.
 ولما كان أمتلاك السلاح الوسيلة الكفيلة لفرض الاحترام، والمكانة داخل منظومة السياسة العالمية، جُندت عدة دول ميزانياتها لاقتناء القطع العسكرية على إختلاف جيلها، وقدرة استشعارها راداريا في معالجة الأهداف وصد الغارات المعادية.
 وقد توالت مجموعة من الأسباب كان لها تأثير مباشر في عقد الاتفاقيات العسكرية، وكذا تمتين العلاقات مع الدول المصنعة للأسلحة نذكر بعضها تمثيلا لا تفصيلا: الحروب المدمرة التي تشهدها بعض الدول.
 والعقوبات الاقتصادية المفروضة على دول أخرى مثل: إيران، الصين، فنزويلا، وروسيا، وكوريا الشمالية، جراء معارضتها لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتبر فزاعة تخيف الدول بإجراءاتها.
 وتهدد كل من يسعى إلى امتلاك السلاح الفتاك،  كما تنغص حلم كل من يفكر في بناء المفاعل النووية، ولنا أن نستحضر في هذا السياق التجربة العراقية “مفاعل تموز” التي بُنيت في ثمانينيات القرن الماضي وتم تدميرها، ثم التجربة الليبية مع الزعيم معمر لقذافي، وحاليا المضايقات التي تتعرض لها إيران إزاء برنامجها الذي يهدف إلى تخصيب اليورانيوم.
 ولقد شكلت الحروب الأرضية المناسبة لتجريب الأسلحة، وتقييم مدى فاعليتها في تدمير الأهداف، هكذا اتجهت الأنظار إلى البؤر المتوترة ومنها سوريا ليبيا واليمن للاستفادة من الهفوات ، ثم لتتبع المنافسة العسكرية الشرسة بين الدول المصنعة للأسلحة: روسيا، أمريكا، فرنسا، الصين.

وذلك لرصد نجاعة كل سوق على حدة، ومن الملاحظ أن بعض الدول العربية تشتري السلاح باتفاقيات سرية من عدة أسواق مكسرين بذلك مركزية السوق المهيمنة، ويمكن اعتبار ذلك إجراء مقصودا سلكته بعض الدول العربية بغية  ضمان الحماية والمساندة عند نشوب الحرب، معتمدين على سياسة “فرق تسد”.
 إن المتتبع للمشهد العسكري في سوريا سيتذكر الغارات التي كادت أن تسقط دمشق لولا المساندة الروسية التي أنقذتها من صواريخ الجماعات المسلحة، بغطاء جوي أمريكي تصول وتجول فيه صواريخ ”التوماهوك“ الأمريكية.
 والحالة هذه أن الإدارة الروسية أبانت عن فعالية أسلحتها عندما دكت صواريخ ” الكاليبر” الروسية معاقل تلك الجماعات المسلحة سنة 2015، فمن بحر قزوين وبدون سابق إنذار قطعت صواريخ “الكاليبر” مسافة 2500 كيلومتر عابرة المجال الجوي الإيراني ثم العراقي ، مستهدفة بذلك الأهداف بدقة شمال سوريا.
 وهو ما دفع بعض الحكومات إلى تغيير وجهتها لتجريب المنظومات الروسية، ونخص بالذكر: صواريخ “سام” ومنظومة الدفاع ” بانتسير إس 1″، وصائد الصواريخ تور إم 2 الذي يعمل على الارتفاعات المنخفضة، وقد صُمم للتعامل مع الطائرات الحربية وصواريخ الكروز والصواريخ الباليستية القصيرة المدى.

هل الأسلحة المتطورة في متناول الدول العربية؟ كونها قد تشكل يوما ما خطرا على المصالح الأجنبية إذا بيعت لها. وتعتبر مصر والجزائر والمغرب من أكثر الدول العربية استيرادا للأسلحة

 دون أن ننسى فخر الصناعة الروسية منظومة الدفاع الجوي” إس 400″ التي أرعبت الطائرة الحربية الأمريكية ” إف 35″، حيث جعلتها تختار الأجواء المناسبة لشن غاراتها تفاديا لرادار المنظومة الروسية، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التفكير في فرض عقوبات على تركيا إذ هي شغلت منظومة “إس400” ،نظرا لأنها تهدد مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.
 لقد رسمت الشركات المصنعة للأسلحة مجموعة من الثنائيات المضادة في الخريطة العسكرية، شجعت بها دول العالم على شرائها، وهنا نذكر بعضها“إف 35 الأمريكية” تقابل “السوخوي 57 الروسية” ، “إف 16 الأمريكية” تقابل “سوخوي 24 الروسية” …
نفس الأمر ينطبق على مضادات الدفاع الجوي، إذ نجد منظومة “باتريوت الأمريكية” تقابل “المنظومة الروسية إس 300″، ثم منظومة ” ثاد الأمريكية ” أمام نظيرتها “إس 400 الروسية“…
 ويبقى السؤال المطروح هل الأسلحة المتطورة في متناول الدول العربية؟ كونها قد تشكل يوما ما خطرا على المصالح الأجنبية إذا بيعت لها. وتعتبر مصر والجزائر والمغرب من أكثر الدول العربية استيرادا للأسلحة، إذ تزاوج في اقتنائها بين الأسلحة الأمريكية والروسية، باستثناء المغرب الذي يستورد من السوق الأمريكية والفرنسية.

لا شك أن تصريح “مهاتير” سيعيد خلط الأوراق من جديد عند الدول التي تقتني هذا النوع من الطائرات، كي لا تسقط في فخ الصفقات الماكرة

 لكن المثير للانتباه أن بعض الدول تعرض أسلحة قديمة على حلفائها، فلماذا تتجه روسيا إلى مد حلفائها بأحدث الأسلحة والمنظومات ؟

بخلاف أمريكا التي تغرق حلفاءها بأسلحة لم تعد تواكب نوع العمليات الميدانية والإستراتيجية، وهي أسلحة يعود تاريخ تصنيعها إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
لقد أثارت الشهادة التي أدلى بها رئيس الوزراء الماليزي الأسبق” محمد مهاتير” في برنامج شاهد على العصر  ح.7  والذي تبثه قناة الجزيرة صدمة وبلبلة في نفوس الخبراء والمتتبعين، لما قال إن الحكومة الماليزية تفاجأت من الصفقة التي عقدتها مع الولايات المتحدة الأمريكية لاقتناء طائرات “إف 16″، حيث اكتشفت أن أمريكا جردت الشيفرات من الطائرة لتصبح مهمتها استعراضية فقط دون قيامها بضرب الأهداف، ويضيف قائلا: ” أمريكا لم تعط شيفرات طائراتها لماليزيا ودول أخرى، لكنها ربما أعطتها لإسرائيل” وبالتالي فالسيطرة تبقى في يد الولايات المتحدة الأميركية.
لا شك أن تصريح “مهاتير” سيعيد خلط الأوراق من جديد عند الدول التي تقتني هذا النوع من الطائرات، كي لا تسقط في فخ الصفقات الماكرة، فهل ستصبح الدول المستوردة مصنعة لتجنب الرقابة،  وإذا هي أرادت ذلك، فستجد نفسها بين مطرقة التصنيع العسكري وسندان حظر اقتصادي لا يرحم.  

         

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها