الإسلام هو الحل.. والإسلاميون هم المشكلة!

تقف الحركة الإسلامية اليوم على أعتاب محطة فارقة، ليس في تاريخها الدعوى والسياسي فحسب، وإنما في تاريخ أمتها العربية والإسلامية، وذلك عقب ثورات الربيع العربي، وما أفرزته تلك الثورات من تصدر الإسلاميين للمشهد السياسي في عدد من البلدان، ثم ما أعقب ذلك من انتكاسة دخلت معها الحركة الإسلامية صراعها من أجل البقاء.

وإذا كانت الأطروحات الفكرية تقاس بمدى منطقيتها، وملائمتها للبيئة التي تطرح فيها، فإن التجارب تقاس بنتائجها، والجماعة الواعية هي التي تقيم تجاربها بمنتهى التجرد، وتعيد النظر في طرحها وفى ممارستها كل حين، لأن من سنن الله الباقية في كونه أن من لم يتجدد يتبدد، ومن لم يتقدم يتقادم، والذي لا يستفيد من أخطاء حاضره يكون أسيراً لها في المستقبل.

والتجديد في فقه الحركة وفكرها ليس مرتبطاً بحادث معين، وإنما هو واجب علي – منظريها وقادتها – في كل زمان ومكان، وأوجب ما يكون حين تتردى الأمة في مفازات الردي، وتتداخل المفاهيم حتى تتلاشي الرؤية أو تكاد، حينها يصبح التجديد فرض عينٍ علي الحركة الإسلامية، التجديد الذي يشمل التنظيم والقيادة، كما يشمل الفكر والفقه سواء بسواء .

ونحن في هذه المراجعة سنقف وقفة نحاول من خلالها تسليط الضوء على بعض المفاهيم التي أثرت على الممارسة السياسية للإسلاميبن، وكانت سبباً رئيسيا في إفشال تجربتهم الأولى في السلطة، وعجلت بالسقوط المريع .

لقد تبني الإسلاميون – وأعنى بذلك شريحة واسعة من شباب الحركة – خطاباً سياسياً إقصائياً، يقدم رؤيتهم علي أنها الحق المطلق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، باعتبار أنهم إنما ينشدون إصلاحاً قائماً علي الفهم الإسلامي السليم، وهم بذلك يقعون في مغالطة منطقية، لأنَ قداسة الدعوة لا تستلزم عصمة التطبيق!

إن هناك فارقاً جوهرياً بين النص وبين الاستنباط منه، والفكر الذي يطرحه الإسلاميون على اختلاف مدارسهم إنما هو محاولات اجتهادية في فهم النصوص، والاستنباط منها بما يتلائم مع الواقع المعاصر، وبالتالي فإن كلاً من الرؤية والممارسة إنما هي اجتهاد يحتمل الصواب والخطأ.

ومن حق كل مجتهد أن يقدم مشروعه الإصلاحي الذي  يتبناه أياً كانت مرجعيته، ولكن ليس من حق أحدٍ أن يزعم لنفسه احتكار الحق المطلق، أو عصمة الاجتهاد أو التطبيق !

لابد أن يُدرك الإسلاميون أن رؤيتهم ما هي إلا جزء من الرؤية الإسلامية الكلية الشاملة، وأن وجودهم ما هو إلا جزء من النسيج الوطني للأمة، وبالتالي فهم لا يمثلون الإسلام وحدهم -وإن كانوا من أهم رجاله ودعاته-، ولا يمثلون الوطن وحدهم -وإن كانوا أكبر فصائله.

إن الانغلاق على التنظيم وتبني النظرة الأحادية التي لا ترى الآخر فضلاً عن أن تحترم وجوده وحقه في الاختلاف مصيبة كبرى يقع فيها الشباب الإسلامي، ويمارس بسببها الإقصاء علي كل فصائل المجتمع، ويحتكر تصور الوطنية وحق النضال إلا علي من يتبنون رؤيته أو ينضوون تحت رايته، وليس هذا شأن المصلحين.

إن الأمة الإسلامية اليوم بحاجة إلي قادة، يبعثون الحياة في أوصالها، ويزيحون عنها ركام النسيان المنبعث من خلف القرون الغابرة، ويعودون بها إلي مكانها اللائق علي سلم الحضارة، والذى لا يتسع صدره لمخالفه لا يصلح أن يكون قائداً .

وعلى الشباب المسلم أن يدرك دوره، وأن يأخذ زمام المبادرة، ويضطلع بأعباء مهمته، وأن يحقق للقيادة مؤهلاتها، حتى نعود بالدفة إلي الاتجاه الصحيح .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها