ليبيا.. ليس من رأى كمن سمع!

طرابلس

في الأيام الماضية سافرت إلى ليبيا، ومنذ بداية التخطيط للزيارة راودتني أسئلة كثيرة؛ عن مدى الأمان في العاصمة طرابلس، وأين سأسكن وكيف سأتحرك وما صحة الروايات بشأن سيطرة المليشيات على الدولة؟ كما تطرق ذهني إلى البنية التحتية والخدمات العامة المتردية بحسب ما يروج لها في بعض وسائل الإعلام من بعض المستبدين العرب بأن وضع بلادنا أفضل من ليبيا وكأنها لم تعد دولة بحق ..!

أهلا بكم في بلدكم

جهزت حقيبة السفر ومعها حقائب الأسئلة التي بدأت في تلقي إجاباتها منذ لحظة وصولي للعاصمة بلسان الحال لا بلسان المقال فوجدت ما لم أكن أتوقعه!
والبداية كانت في المطار فجهاز الشرطة يستقبلنا بابتسامة جميلة، وقال لي أحدهم: “أهلا بكم في بلدكم”. ولم تأخذ الإجراءات وقتاً إلا بقدر ما أخذت هذه الكلمات.. هنا ومن هنا فقط بدأت القصة.

دخلت للعاصمة فوجدت شبكة طرق ممتازة، بها خدمات مرورية رائعة ودوريات شرطة في كل الأحياء، ما شجعني للسهر مع بعض الأصدقاء حتى الثانية فجراً، وفي طريق عودتي لمقر إقامتي كنت أرى رجال الأمن في الميادين الرئيسية يستوقفون المارة بلطف للتحقق من هوياتهم ثم الانصراف بكل هدوء.. فلم ألحظ وجود أي مليشيات خارجة عن القانون، فضلا عن الشعور العام بالأمان الذي يسود المدينة.
ما لفت انتباهي كذلك أن مستوى النظافة بالعاصمة عال جدا والبلديات تعمل على مدار الساعة حتى سرح خيالي لمقارنة طرابلس ببعض العواصم الأوربية التي زرتها من جمال ما رأيت وشاهدت من نظافة وتنظيم. تجولت في العاصمة وزرت المدينة القديمة وبعض معالمها التي صنفتها اليونسكو على لائحة التراث.

بدت طرابلس في حلتها الجميلة هذه ورأيت فيها ما رأيته في عواصم كثيرة لم تتعرض لحروب أو اقتتال، ففيها مطاعم من معظم الجنسيات: المصري واللبناني والسوري والتركي وغيرها، فضلاً عن الكرم الوافر لأهلها وشعبها الطيب الذي يحب مصر والمصريين. وكذلك لم أواجه أي صعوبة في صرف الدولار أو الحصول عليه، وقد لاحظت أن سعر الدينار متماسك أمام الدولار، فما زال الدولار الواحد يساوي خمسة دنانير ليبية.

عبور المرحلة

لقد آن الأوان لهذا البلد الحبيب أن يستقر وينعم شعبه بالرخاء الذي يستحقه. وما شعرته من حرص كل من قابلتهم في هذا البلد على عبور هذه المرحلة إلى دولة موحدة ينعم فيها المواطن بالحرية والكرامة لهو بادرة أمل أسأل الله عز وجل أن يكتب لها التمام على خير.. بيد أنه من المؤسف رؤية هذه التدخلات الخارجية من أطراف دولية لها مصلحة في عدم استقرار الأوضاع الداخلية لهذا البلد الغني بثرواته، الكبير بأهله وأبنائه إذ ينعكس عليهم ذلك بالسلب، وتحول الخير الذي يسرقونه إلى أهل البلد مما يدفعهم إلى الاستثمار في إضرام المزيد من النار بين فئات هذا الشعب الطيب.

لقد عشت في ليبيا آمنا مطمئنا، وكم وددت لو استطعت البقاء هناك بعض الوقت حيث شعرت فيها بما يشبه الوطن الغائب منذ سنين وقد غادرتها وأنا حزين، ولكن على أمل اللقاء القريب إن شاء الله.

المصدر : الجزيرة مباشر