الاستثمارات البترولية الخارجة من مصر أكبر من الداخلة إليها

 

أشارت بيانات البنك المركزي المصري إلى بلوغ قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع البترول الخارجة منها، بالعام المالي 2021/2022 المنتهي آخر يونيو/حزيران الماضي 7.317 مليارات دولار، بينما بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع البترول الداخلة إليها بالعام المالي نفسه 4.692 مليارات دولار، ليصل العجز الاستثماري بقطاع البترول خلال العام 2.625 مليار دولار.

وشهدت كل فصول ذلك العام المالي استمرار العجز الاستثماري في قطاع البترول، حيث بلغ العجز بالربع الأول منه 489 مليون دولار وبالربع الثاني 646 مليون دولار، وبالربع الثالث 536 مليون دولار وبالربع الأخير 953.5 مليون دولار.

ويشير ذلك إلى أن حصة الشركات الأجنبية العاملة في مصر من إنتاج النفط والغاز الطبيعي، أكبر من حصة الشركات المصرية، حيث تقوم تلك الشركات الأجنبية بإخراج قيمة نصيبها من الإنتاج إلى مراكزها الخارجية، وهو ما يُعرف بحصة الشريك الأجنبي والتي تعزف وزارة البترول المصرية عن تحديدها بإنتاج كل من النفط خام والغاز الطبيعي منذ سنوات طويلة.

الاكتفاء الذاتي من الغاز لم يحدث بعد

رغم مطالبة الخبراء لها بذكرها أسوة بما تقوم به البلدان الأخرى، حتى يتحدد النصيب الصافي الذي تحصل عليه مصر من الإنتاج، حيث تقوم مصر بشراء حصة الشريك الأجنبي من الإنتاج عادة، سواء من النفط الخام أو الغاز الطبيعي لتغطية الاستهلاك المحلي، والذي لا تكفي لتغطيته الحصة المصرية سواء من النفط الخام أو الغاز الطبيعي.

وهو ما ينفي المزاعم المصرية التي تدعي تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي منذ عام 2018، حيث تقوم السلطات المصرية باحتساب حصة الشريك الأجنبي ضمن الإنتاج الإجمالي، ويتطلب الأمر لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مضاعفة الإنتاج الحالي، بحيث يكفي النصيب المصري من الإنتاج للاستهلاك المحلي، وهو أمر يحتاج لاكتشافات ضخمة خلال السنوات المقبلة حتى يتحقق ذلك.

واستمر العجز الاستثماري في قطاع البترول خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2022/2023 حسب البنك المركزي وهي آخر بيانات معلنة، حيث بلغت التدفقات الاستثمارية الأجنبية الداخلة 1.418 مليار دولار، مقابل 1.738 مليار دولار للتدفقات الخارجة من البلاد، ليصل العجز بالميزان الاستثماري البترولي إلى 320 مليون دولار.

والمعروف أن الإنتاج المصري من الخام كان قد بلغ 856 ألف برميل يومي عام 1997، مما كان يوفر كميات كبيرة للتصدير زائدة عن الاستهلاك المحلي، لكنه نتيجة لتقادم الحقول المنتجة وعدم ظهور اكتشافات بترولية جديدة كبيرة الإنتاج، مع استمرار زيادة الاستهلاك المحلي، فقد تحولت مصر منذ سنوات عدة إلى مستورد صافٍ للبترول.

عجز تجاري للخام والمشتقات البترولية

وتشير بيانات البنك المركزي المصري خلال العام المالي الأخير نفسه 2021/2022، إلى بلوغ قيمة الصادرات المصرية من البترول الخام 3.845 مليارات دولار، بينما بلغت قيمة الواردات من البترول الخام 4.525 مليارات دولار، ليصل العجز بتجارة النفط الخام 680 مليون دولار، حيث تستورد الخام من الكويت والعراق وجهات أخرى.

وتكرر العجز التجاري نفسه بتجارة المشتقات البترولية المصرية خلال العام المالي نفسه، حيث بلغت قيمة الصادرات 5.007 مليارات دولار، مقابل 7.227 مليارات دولار لواردات المشتقات، لتصل قيمة العجز التجاري للمشتقات 2.220 مليار دولار، حيث ما زالت مصر تستورد كميات من البنزين والسولار والبوتاجاز.

وكانت وزارة البترول المصرية قد أعلنت مسبقًا عن استهدافها تحقيق الاكتفاء الذاتي من البنزين، خلال العام الحالي من خلال تنفيذ توسعات بعدد من شركات التكرير المحلية، إلا أن وزير البترول المصري قد أعلن مؤخرًا عن تأجيل تحقيق الاكتفاء الذاتي منه بالعام الحالي دون تحديد موعد جديد.

وأشارت بيانات أوبك إلى بلوغ إنتاج الخام المصري عام 2021 نحو 461 ألف برميل يومي، بينما بلغ حجم الاستهلاك اليومي 786 ألف برميل يومي، لتصل نسبة الاكتفاء الذاتي 59% مما دفعها لاستيراد 162 ألف برميل يومي من الخام، بالإضافة إلى 203 ألف برميل يومي من المشتقات، بإجمالي 365 ألف برميل يومي من الخام والمشتقات معًا، الأمر الذي مكنها من تصدير 110 ألف برميل يومي بالإضافة إلى 134 ألف برميل يومي من المشتقات.

ورغم بلوغ طاقة التكرير اليومي للنفط في مصر 833 ألف برميل، إلا أن ما تم عمليًا قد بلغ 587 ألف برميل نظرًا لتقادم بعض المعامل الحكومية، لتصل نسبة المُخرجات بشركات التكرير إلى 70.5% من طاقتها الإنتاجية.

المتجددة أقل من 3% من موارد الطاقة

ولهذا تستمر الحكومة المصرية في رفع أسعار المشتقات محليًا بشكل دوري، والتي كان آخرها أوائل مارس/آذار الحالي لكل من البنزين والمازوت والغاز الطبيعي للسيارات، رغم تراجع الأسعار العالمية لكل من النفط والغاز الطبيعي خلال الشهور الأخيرة، بمبرر أن انخفاض قيمة الجنيه المصري بدرجة كبيرة أمام الدولار الأمريكي، قد زاد من تكلفة الواردات النفطية بالجنيه حتى بعد انخفاضها في الخارج.

وتعتمد مصر على النفط بنسبة 34% من إجمالي موارد الطاقة بها، بينما كان نصيب الغاز الطبيعي 59% والفحم 1%، والطاقة الكهرومائية من السد العالي وخزان أسوان أقل من 4%، والطاقة المتجددة من رياح وشمسية أقل من 3% من موارد الطاقة بها.

ومن ناحية أخرى فقد تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في العام الماضي، حيث وصل إلى 6.5 مليارات قدم مكعب يومي خلال الربع الثالث من العام، بعد أن كان قد وصل إلى 7.2 مليارات قدم مكعب يومي، وأعلنت شركة إيني الإيطالية التي تنتج 60% من الغاز الطبيعي المصري، عن انخفاض إنتاجها في مصر بنسبة 6% خلال الربع الرابع من العام الماضي على أساس سنوي.

وكان البنك المركزي المصري قد كشف للمرة الأولى منذ أيام، عن قطاعات النشاط الخاصة بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج من مصر خلال العام المالي 2021/2022، بعد أن ظل لسنوات طويلة يكتفي بذكر الرقم الإجمالي له فقط، بينما كان يتوسع في استعراض بيانات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل لمصر، من حيث قطاعات النشاط والدول التي جاء منها، ومع قيامه بذكر قطاعات النشاط للاستثمارات الخارجة من مصر فإنه ما زال مُحجمًا عن ذكر الدول التي اتجه إليها.

وأشار إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر الخارج من مصر، والبالغ قيمته 13.268 مليار دولار كرقم غير مسبوق تاريخيًا، قد توزع ما بين 7.3 مليارات دولار في قطاع البترول بنسبة 55% من الإجمالي، يليه القطاع الصناعي بقيمة 2.672 مليار دولار بنسبة 20%، والقطاع التمويلي 1.2 مليار دولار وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 785 مليون دولار، وقطاع الإنشاءات 314 مليون دولار والقطاع السياحي 48 مليون دولار، وقطاع الزارعة 21 مليون دولار والقطاع العقاري 6 ملايين دولار.

 

المصدر : الجزيرة مباشر