رغم تحسن العلاقات السياسية.. التجارة ما زالت محدودة بين مصر وقطر

التوقيع على مذكرة تفاهم بين صندوق مصر السيادي للاستثمارات والتنمية وجهاز قطر للاستثمار

رغم عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وقطر مطلع العام الماضي وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، ما زالت التجارة السلعية محدودة بين البلدين بالقياس إلى ما كانت عليه قبل المقاطعة، في حين زادت قيمة الاستثمارات القطرية في مصر خلال سنوات المقاطعة عما كانت عليه قبلها، واستمرت تحويلات المصريين العاملين بقطر تمثل الرافد الأكبر للمتحصلات المصرية من العلاقات الاقتصادية مع قطر.

فخلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى قطر 6.1 ملايين دولار، مقابل صادرات مصرية بلغت 137.5 مليون دولار خلال نفس الشهور الخمسة من عام 2017، أي قبل بداية المقاطعة التي بدأت في يونيو/ حزيران من ذلك العام واستمرت ثلاث سنوات ونصف.

وهي السنوات التي شهدت أرقاما متدنية بالنسبة للصادرات المصرية، لتنخفض إلى 7 ملايين دولار عام 2018 ثم مئتي ألف دولار في العام التالي، ثم إلى 395 ألف دولار عام 2020 ثم ترتفع في العام الماضي عام المصالحة إلى 4.5 ملايين دولار.

وتوزعت الصادرات المصرية العام الماضي بين 1.4 مليون دولار من الأثاث، و848 ألف دولار من الأجهزة الكهربية و632 ألف دولار من مصنوعات الحديد أو الصلب، و621 ألف دولار من خلاصات الدباغة و256 ألف دولار من مصنوعات الحجر والإسمنت.

   ارتفاع الاستثمار القطري خلال المقاطعة

وهكذا تعد أرقام الصادرات المصرية في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، أفضل كثيرا من نفس الفترة من العام الماضي التي بلغت خلالها 290 ألف دولار فقط، لكنها تمثل انخفاضا عما كانت عليه قبل المقاطعة حين بلغت في نفس الشهور الخمسة الأولى من عام 2014 نحو 118 مليون دولار، وحافظت على هذا الرقم في نفس الشهور الخمسة من العام التالي، لتنخفض قليلا إلى 115 مليون دولار في نفس الشهور من عام 2016.

وقد حدث هذا التأثير السلبي للمقاطعة للواردات المصرية من قطر، التي بلغت قيمتها 37 مليون دولار في الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي، مقابل 879 مليون دولار في نفس الشهور من عام 2017 عام بدء المقاطعة، وقد تحسنت قيمتها العام الحالي بالمقارنة بما كانت عليه العام الماضي.

أما الاستثمارات المباشرة القطرية في مصر التي كانت قد بلغت حسب بيانات البنك المركزي المصري، 92 مليون دولار عام 2014 مع ظهور الخلاف بين البلدين إلى السطح، ثم زادت إلى 183 مليون دولار في العام التالي ثم إلى 191 مليون دولار عام 2016 العام السابق للمقاطعة، فإنها -رغم تأثرها بالمقاطعة في العام الأول لها حين انخفضت إلى 162 مليون دولار- قد أخذت اتجاها صعوديا في السنوات التالية لترتفع إلى 215 مليون دولار عام 2018، ثم إلى 482 مليون دولار في العام التالي ثم إلى 641 مليون دولار عام 2020 عام ذروة كورونا.

وخلال سنوات المقاطعة كانت الاستثمارات القطرية تحتل المركز الثالث غالبا بين الاستثمارات العربية الواردة إلى مصر بعد الإمارات والسعودية وأحيانا الكويت، وفي العام الماضي عام المصالحة انخفضت قيمة الاستثمارات القطرية إلى 501 مليون دولار، لكنها احتلت المركز الثاني بين الاستثمارات العربية الواردة إلى مصر بعد الإمارات أي أنها كانت أكثر مما ورد إلى مصر من السعودية.

 توقعات بطفرة للاستثمارات القطرية

وبعد القرض الذي منحته قطر لمصر في الربع الأول من العام الحالي في صورة وديعة قصيرة الأجل تبلغ 3 مليارات دولار، واتجاه مصر إلى تحويل الودائع الخليجية عموما إلى استثمارات، يتوقع زيادة قيمة الاستثمارات القطرية خلال العام الحالي والعام المقبل إلى أرقام غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الاستثمارية بين البلدين، خاصة بعد أن قامت شركة قطر للطاقة بالاستحواذ على حصة 17% من امتيازين تديرهما شركة شل بالبحر الأحمر أواخر العام الماضي.

ففي مارس / آذار من العام الحالي استحوذت شركة قطر للطاقة على حصة 40%، من منطقة استكشاف مملوكة لشركة إكسون موبيل بالبحر الأبيض المتوسط، وفي نفس الشهر استحوذت شركة بلدنا القطرية لصناعة الألبان والعصائر على حصة 5% من شركة جهينة للصناعات الغذائية. وترتبط قطر ومصر باتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين منذ عام 2001 في عهد الرئيس مبارك.

وتتداول وسائل الإعلام الاقتصادية المصرية أنباء عن اهتمام جهاز قطر للاستثمار بشراء حصة تصل إلى 25% من الشركة الشرقية للدخان، وكذلك اهتمامه بشراء نسبة 25% من حصة الشركة المصرية للاتصالات في شركة فودافون مصر للاتصالات، واهتمامه بشراء حصة بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، لكن كل تلك الأخبار لم تتبلور بعد في شكل اتفاقات رسمية. كما تتحدث تصريحات مسؤولين مصريين عن نية قطر ضخ استثمارات تتراوح قيمتها بين 2 و3 مليارات دولار، وتصل حسب آخرين إلى 5 مليارات دولار.

كما تُتداول أنباء عن اهتمام الشركة القطرية للموانئ بالاستثمار في ميناء السخنة، وعن دراسة مجموعة الفردان القطرية إقامة فندق سياحي بمصر، ورغبة قطرية حسب مسؤول قطري في الدخول في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمصر.

  فائض مصري ضخم بالعلاقات الاقتصادية

وحسب بيانات جهاز الإحصاء المصري الحكومي فقد بلغت قيمة متحصلات مصر، نتيجة علاقاتها الاقتصادية مع قطر في مختلف أنماط النشاط الاقتصادي 2.642 مليار دولار خلال العام المالي 2020/ 2021، وهو ما يمثل نسبة 2.1% من مجمل متحصلات مصر من العملات الأجنبية من العالم، في حين بلغت المدفوعات المصرية لقطر بكل الأنشطة الاقتصادية بين البلدين 67 مليون دولار فقط، لتحقق مصر فائضا في علاقتها بقطر بلغ 2.575 مليار دولار، ولتصل نسب المدفوعات للمتحصلات بينهما 2.5% فقط.

وتصدرت تحويلات العاملين المصريين بقطر المتحصلات المصرية بقيمة 1.5 مليار دولار، بنسبة 58% من مجمل المتحصلات، تليها المبالغ القطرية الواردة إلى سفارتها وإلى المنظمات العربية والهيئات الدولية المشاركة فيها، وعلى رأسها الجامعة العربية بقيمة 953 مليون دولار بنسبة 36% من المتحصلات، ليصل نصيب التحويلات والمبالغ المُرسلة للهيئات 94% من الإجمالي.

وبقيت نسبة 6% موزعة بين الاستثمار الأجنبي المباشر، والمتحصلات الخدمية بخلاف السياحة والنقل، والصادرات السلعية التي جاءت بالمركز الخامس من المتحصلات، وبلغت قيمة خدمات النقل ورسوم عبور القناة من السفن التي تحمل علم قطر 8 ملايين دولار، وإيرادات السياحة القطرية بمصر 5 ملايين دولار تقابلها سياحة مصرية في قطر بقيمة 4 ملايين دولار.

ويتوقع خلال مجريات بطولة كأس العالم لكرة القدم بقطر خلال نوفمبر/ تشرين الثاني القادم أن تزيد معدلات السياحة المصرية في قطر، وعلى الجانب الآخر سيساهم تحسن العلاقات السياسية بين البلدين في زيادة السياحة القطرية ذات الإنفاق المرتفع إلى مصر، خاصة مع وجود منشآت فندقية وسياحية وإسكانية قطرية بمصر.

المصدر : الجزيرة مباشر