التغيير الوزاري.. من فيلم “معالي الوزير” إلى وزير الآثار!

وزير الأوقاف مختار جمعة

في فيلم “معالي الوزير” الذي أنتج عام 2002 يتم اختيار رأفت رستم الذي جسد دوره الفنان الراحل أحمد زكي، لكي يكون وزيرا عن طريق الخطأ لتشابه اسمه مع اسم شخص آخر، وينجح في البقاء في منصبه فترة طويلة.

قد يكون نفس السيناريو حدث في التغيير الوزاري الأخير في مصر الذي شمل تغيير 13 حقيبة وزارية، فقد كتب الدكتور أحمد عيسى منشورا قال فيه: “أنا اسمي د. أحمد محمود عيسى، أستاذ الآثار المصرية القديمة بجامعة القاهرة، وخالص الشكر لمَن هنأوني بالوزارة لتشابه الأسماء للمرة الثانية، المرة الأولى كان اسمه د. أحمد عيسى أحمد، والمرة الثانية الآن د. أحمد عيسى طه، خالص التهاني لمعالي الوزير المحترم”، حيث بادر الكثيرون بتهنئته وزيرا للسياحة والآثار لتشابه الأسماء.

موظف بنك وزيرا للآثار

والوزير الذي تولى حقيبة وزارة السياحة والآثار خلفا للدكتور خالد العناني هو أحمد عيسى طه، خريج كلية تجارة، وبدأ مسيرته المهنية عام 1993 بالبنك التجاري الدولي، فما علاقة موظف البنك سابقا بالسياحة والآثار إلا أن يكون تشابه أسماء وصدفة أديا إلى ذلك، وسيكون الأمر فضيحة إذا كان أستاذ الآثار هو من تم تعيينه وزيرا للآثار!

قصة وزير الصدفة حدثت في مصر كثيرا، أبرزها تولي الدكتور هاني هلال الحقيبة الوزارية في حكومة أحمد نظيف عن طريق الخطأ، وذلك أن الدكتور نظيف رئيس الوزراء الأسبق كان قد رشح شخصا آخر، ولكن إدارة مكتبه اختلط عليها الأمر، وأجرت اتصالاتها بالفعل مع الدكتور هلال، وزفت إليه نبأ توليه الوزارة، وحينما حاول استشاريو نظيف تدارك الأمر كان من المستحيل تغيير اسم هلال، كما أن نظيف تعرّض وقتها لحرج بالغ؛ لأنه اكتشف الخطأ مع اقتراب موعد حلف اليمين الدستورية أمام مبارك، وهكذا تولى هاني هلال وزارة التعليم العالي.

وحدث موضوع وزير الصدفة على أرض الواقع عام 1950 عندما تم تعيين وزير التموين مرسي فرحات في وزارة النحاس عن طريق الخطأ؛ بسبب تشابه اسمه مع شخص آخر، حيث تم الاتصال بمرسي فرحات، وطلب منه الحضور لحلف اليمين، وأثناء حلف اليمين لمحه النحاس، فسأل مَن هذا؟ فقيل له مرسي فرحات..

فقال النحاس: “أبدا مش هو”.. لكن استسلم النحاس للأمر الواقع، وعند خروج الوزراء قال النحاس: إنه افتكر اسم القاضي “قطب فرحات”.

وهكذا يصبح موظف بنك وزيرا للسياحة والآثار في التشكيل الأخير، ويترك دكتور الآثار المصرية القديمة يتلقَّى التهاني خطأً.

السيطرة على المساجد مقابل الكرسي

وزراء الصدفة قد يكون العنوان الرئيسي للتغيير الوزاري الجديد، فقد تم تصعيد نواب الوزراء لكي يحلوا مكان الوزراء، وتم تبديل مقاعد وزراء آخرين، وكما يقول المثل “تمخّض الجبل فولد فأرًا”.

فقد رأينا أن أقدم الوزراء في الحكومة وهو الدكتور محمد مختار جمعة الذي تم تعيينُه في حكومة الببلاوي في 17 من يوليو/تموز 2013، قد نجح في البقاء في منصبه؛ بسبب سيطرته على المساجد، وتنفيذ الأجندة المطلوبة منه، رغم أن معظم المصريين غير راغبين فيه؛ لما يفعله من التضييق عليهم في ممارسة عقائدهم، فلا ننسى مشاكل فتح وإغلاق المساجد في رمضان الماضي، ومشكلة صلاة العيد، التي عبّر فيها الشعب عن رفضه لقراراته، وخرجوا بالملايين لصلاة العيد في الميادين والساحات ردًّا على قرارات مختار جمعة، ولكنه ظل في الوزارة الجديدة رغم المخالفات والكراهية التي يحظَى بها من الكثير من المصريين.

وفي حقيبة التعليم تمت الإطاحة بالدكتور طارق شوقي من الوزارة، وهو ما جعل كثيرا من الطلاب وأولياء الأمور يشعرون بالفرحة؛ ولكنهم لا يعلمون أنه لا فائدة من تبديل العربة إذا كانت لا تسير في الاتجاه الصحيح، فالوزير الذي خلفه هو نائبه الدكتور رضا حجازي، وكان ذراعه الأيمن، وهو الذي كان معنيا بالتطوير والثانوية العامة والامتحانات، فهو من منظومة طارق شوقي، إلا أن ما يشفع له هو أنه ثالث مدرس يتولّى الوزارة.

رحيل هالة وتدوير عبد الغفار

وجاء التغيير الوزاري الغريب في تعيين الدكتور خالد عبد الغفار وزيرا للصحة بدلا من الدكتورة هالة زايد التي مرّ عليها أكثر من عام وهي في منزلها في إجازة مرضية مفتوحة، بعد فضيحة رشاوَى ومخالفات وزارة الصحة التي تم الحكم فيها على طليقها بالسجن. وكان خالد عبد الغفار يدير وزارة الصحة بالإضافة إلى التعليم العالي، وكأنهم لم يجدوا منذ عام مَن يصلح لتولي الوزارة ليتم التغيير الغريب.. ولعلهم وجدوه أفضل في الصحة؟!

وقد عُيِّن نائبه الدكتور محمد أيمن عاشور خلفا له في منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ليصبح الوزير رقم 34 في تاريخ الوزارة.

وكان من المتوقع إقالة وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم؛ بسبب الظروف التي جعلتها غير متفرغة، وذلك لمتابعة قضية نجلها الذي قام بقتل اثنين من أصدقائه في أمريكا. وقد كتبت الصحف الأمريكية أن الوزيرة استغلت مركزها السياسي لجعل السفارة المصرية تتابع حادثة نجلها وتدافع عنه وتحاول حل المشكلة، مما يُعدّ استغلالا للنفوذ والسلطة. ولا ننسى تهديدها للمعارضين في الخارج بقطع الرقاب، كما ظهر في أحد الفيديوهات.

وكما فعلتها في كلمات من قَبل بدت كمَن تتسول العطف، إذ طالبت نبيلة مكرم على صفحتها في فيس بوك بالدعاء لها ولابنها رامي، وشكرت الدولة والقيادة السياسية. وقد تولت المنصب السفيرة سهى سمير جندي.

لا يختلف مَن تم اختيارهم في الوزارة الجديدة عن السابقين؛ لأن المنظومة واحدة، والإدارة واحدة، وبدت العملية كأنها ترقيع في ثوب مهلهل، فلا هو جديد ولا يسر الناظرين، وقديما قالوا “ماذا تفعل الماشطة في الوجه القبيح؟!”.

المصدر : الجزيرة مباشر