المجاعة قادمة لا محالة.. والحل في الحشرات!

هل ستكون البديل؟

 

ليست هي فقط الحرب الروسية الأوكرانية التي تنذر بمجاعة قادمة لا محالة، بل إن أبحاث العلماء المتكررة قد أشارت أيضا في أكثر من مرة إلى أن التغيرات المناخية وأضرار البيئة التي يتسبب فيها الإنسان ستكون من أهم أسباب المجاعة القادمة!

العلماء يحاولون جاهدين من خلال أبحاثهم النظر في مستقبل الإنسان، وإمكانية التنبؤ بالأخطار التي يمكن أن تهدد وجوده سواء كان ذلك في الصحة أو الغذاء، لكن ثمة شيئًا واحدا لا يمكن أن يتجنبه الناس وهو الجوع في حالة وقوعه واتساعه، بسبب قلة الموارد الغذائية المرتبطة بالتغيرات المناخية، والنزاعات المسلحة التي تضر بالأراضي المزروعة.

في جامعة واشنطن خرج بحث مشترك مع جامعة وستانفورد ينبه العالم إلى أن أكبر المجاعات التي ستضرب العالم ستكون في سنة 2100، غير أن مستجدات الأحداث، والتغيرات البيئة المتسارعة، ومشاكل المياه حول العالم تمحورت في بحث جديد لمعهد “وايزمان” نشرته مجلة “نيتشر كلايمت تشينج” يشير إلى أن كارثة المجاعة الكبرى ستكون في تاريخ أقرب من المتوقع أي قبل سنة 2080!!

تغير المناخ السبب الرئيسي

ليس فقط تحديد تاريخ المجاعة هو صفة البحث الجاد، لكن أيضا الواقع له حساباته وفروضه، فواقع الحال يؤكد اقتراب المجاعة الكبرى عبر شواهد كثيرة، أهمها ما يحدث في عالم اليوم من حروب، وهجرات، وتحرشات سياسية جعلت العالم المتقدم ينشغل عن الأخطار البيئية التي تهدد الكوكب.

لكن هل يمكن أن تهدد المجاعة وجود البشرية فعلا؟ وما هي الاستعدادات التي يمكن أن يقوم بها العالم؟

في البداية يجب أن لا نغفل دور المناخ، ويد الإنسان في الكوارث التي ستحل بالبشرية، وإذا لم يتحرك العالم بجدية لوقف مظاهر التغير المناخي فإن العالم هالك لا محالة!! هذه التغيرات المناخية كانت هي محور بحث العالمين الأمريكيين باتيستي ونيلور الذي أشارا فيه إلى أن سنة 2003 ارتفعت فيها درجة الحرارة بمقدار 3.6 عن معدلها الطبيعي مما أدى إلى انخفاض كبير في كمية المحاصيل الزراعية آنذاك، فقد انخفاض القمح بنسبة 21%، والفواكه بنسبة 25%، والذرة بنسبة 30%.

إذن من المرجح أن تزداد درجة الحرارة هذا العام وفق المختصين في الأمم المتحدة بمقدار 1.5 درجة، وتستمر في الارتفاع حتى سنة 2026، وهي بذلك ستفوق أعلى درجة حرارة سجلت في عام 2016، وهو الأمر الذي يرسم سيناريو مخيفا لمستقبل الأمن الغذائي العالمي، خاصة أن أهم المواد الغذائية كالأرز والذرة سيحدث فيهما انخفاض حاد قد يصل إلى نسبة تقدر بـ50%، فضلا على أن زيادة رقعة التصحر في العالم التي بدأت بوادرها تظهر في الشرق الأوسط مثل العراق والكويت وفي بعض بلدان أمريكا اللاتينية آخذة في الازدياد!

ترافق زيادة الحرارة دائما زيادة في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون تؤثر سلبيا على البيئة البحرية، ووفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فإن محيطات العالم أصبحت اليوم في أعلى درجات الحرارة وفي أعلى مستويات الحمضية المسجلة منذ 26 ألف عام!

قلاقل سياسية واجتماعية

ستحدث قلاقل سياسية واجتماعية كبيرة بسبب التزام الحكومات أمام شعوبها بتوفير الغذاء، وربما يدخل الصراع على الماء بين دولتين مثل مصر وإثيوبيا منعطفا خطيرا بسبب حرص مصر على زيادة الرقعة الزرعية المعتمدة على ماء النيل من أجل التوسع في زراعات حيوية لغذاء المصريين كالقمح والأرز.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هو نفسه يحذر من أن التغيير المناخي، وفيروس كرونا، والحروب وأبرزها الحرب في أوكرانيا الآن، هي من أكثر العوامل التي عجلت بأزمة الغذاء، وزادت من خطر المجاعة حول العالم. ويرى خبراء بيئيون أن تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر، ويدعون إلى سرعة تضافر الجهود الدولية لحل مشاكل العالم البيئية والسياسية والاقتصادية والغذائية.

المفاجأة أن الحرب الأوكرانية الروسية قلبت موازين العالم الغذائية، وما كنا نفترض أنه سيظهر بعد مائة عام، أصبح الآن جاثما على الصدور، فالأزمة الغذائية بدأت تطرق أبواب مصر وتركيا وبنغلاديش وإيران، فهذه الدول تشتري أكثر من 60% من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، أما بلدان مثل لبنان وتونس واليمن وليبيا وباكستان فهي تعتمد بشكل كبير على البلدين في إمدادات القمح.

الحشرات هي الحل

ما الحل إذن وهل يمكن أن يكون هناك بديل للأمن الغذائي العالمي؟

العلماء أنفسهم الذين توقعوا المجاعة القادمة يفترضون الآن حلولا سريعة لمشكلة الغذاء في حال احتدامها، فهم يرون أن الحشرات هي البديل الممكن لنقص المواد الغذائية وما يترتب عليه.

ليس الأمر مضحكا أو فكاهيا، إنها حقيقة علمية، فالحشرات غنية بالبروتين الذي يحتاج إليه الإنسان، وهناك حشرات في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا غنية جدا بالبروتين الذي يماثل نظيره الموجود في الأغنام والدواجن والأبقار.

في الصحراء العربية يمكن أن يكون لديهم أهم وأقوى بديل لنقص الغذاء وهو حشرة الجراد، فهي قادرة على سد الفجوة عند وقوعها لما لهذه الحشرة من قيمة غذائية كبيرة، والجراد منتشر بشكل كبير في رقعة تضم حوالي 64 دولة، تتركز معظمها في قارتي أفريقيا وآسيا، وينظر العلماء إلى الجراد بشكل جدي على أنه سيصبح الغذاء المحتمل لسرعة تكاثره وقد تصل تجمعات أسرابه إلى مئات الآلاف من الأطنان، والجرادة الواحدة تأكل في كل يوم قدر وزنها من النباتات النظيفة مما يجعل الإنسان مطمئنا لمصدر لحمه وقادر على تناوله بشهية مفتوحة!!

بالتأكيد ستصبح الدول المصدرة لهذه الحشرة أغنى الأغنياء.. فهل تنقلب الدنيا يوما ويصبح تصدير الجراد أهم من تصدير النفط  والسيارت؟!!

المصدر : الجزيرة مباشر