اقتصادات الموانئ المصرية المرشحة للخصخصة

 

عقب إعلان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قبل أيام، عن طرح جزء من أسهم سبعة موانئ حكومية في البورصة، ضمن طرح شركات ومشروعات أخرى بالمرحلة القادمة، لتحقيق إيرادات تخفف من ارتفاع الدين الحكومي المحلي والخارجي، حدد وزير النقل أسماء الموانئ السبعة التي ستتحول من هيئات عامة حاليًا، إلى شركات تابعة لشركة قابضة سيجرى إنشاؤها، مع طرح جانب من أسهم شركات الموانئ في البورصة.

والموانئ المرشحة هي: الإسكندرية ودمياط وغرب بورسعيد وسفاجا وشرق بورسعيد والأدبية والسخنة، ويتخذ مينائا الإسكندرية ودمياط شكل الهيئة الاقتصادية، بينما تتبع موانئ شرق بورسعيد وغربها والسخنة هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تشرف على ستة موانئ تم ترشيح ثلاثة منها للخصخصة، كما يتبع ميناء سفاجا هيئة موانئ البحر الأحمر التي تتبعها ستة موانئ تم ترشيح أحدها فقط للخصخصة.

وهكذا يوجد في مصر 15 ميناء تجاريًا تضم 205 أرصفة متعددة الأغراض، ستة منها تابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس هي: غرب بورسعيد والعريش وشرق بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط والسخنة والطور والأدبية على البحر الأحمر وخليج السويس، كما تتبع هيئة موانئ البحر الأحمر ستة موانئ هي: السويس والزيتيات وشرم الشيخ ونوبيع والغردقة وسفاجا، بالإضافة إلى موانئ الإسكندرية ودمياط والدخيلة على البحر المتوسط.

وفى مصر بالإضافة إلى تلك الموانئ التجارية الخمسة عشر الأكبر حجمًا ونشاطًا، يوجد 44 ميناء بحريًا تخصصيًا، منها 11 ميناء بتروليًا هي: رأس غالب ووادي فيران ورأس شقير ورأس سدر والحمرا بالعلمين، ومرسى بدران وجبل الزيت البحري وشرق الزيت البحري، والرصيف البحري لشركة بتروجيت بالمعدية وإدكو للغاز المسال وبتروجيت بخليج الزيت.

  رجال الأعمال يرفضون القابضة عام 2007

وسبعة موانئ تعدينية هي: أبو زنيمه والحمراوين وأبو غصون والقصير وسفاجا التعديني (أبو طرطور) وسفاجا التعديني (المصريين) والرصيف البحري رأس حجرية، وخمسة موانئ سياحية هي: مارينا بورت غالب ومارينا مرتفعات طابا ومارينا الجونة ومارينا الغردقة ومارينا وادى الدوم، وأربعة موانئ للصيد مثل عزبة البرج والأتكة، بالإضافة إلى 17 ميناء تمثل نقط سروح مثل نقطة سروح دهب والأنفوشي ومرسى مطروح.

وكانت الدعوة نفسها لتحويل الموانئ الحكومية إلى شركة قابضة قد جرت مسبقًا في أغسطس 2007، إلا أنها وجدت اعتراضًا من قبل رجال الأعمال، حيث أصدرت جمعية رجال الأعمال برئاسة عادل جزارين حينذاك دراسة، استعرضت المشاكل التي ستترتب على قرار الخصخصة، بل إن اللواء شيرين حسن رئيس هيئة موانئ بورسعيد حينئذ اعترض على إنشاء تلك الشركة القابضة مُرجعًا المعوقات التي تواجه النقل البحري إلى التشريعات.

وهو ما يشير إلى مناخ الحريات النسبي حينذاك رغم تشجيع رئيس هيئة ميناء الإسكندرية إبراهيم يوسف حينذاك بالفكرة، كذلك أعدت غرفة الملاحة في الإسكندرية برئاسة حسام لهيطه استبيانًا أسفر عن رفض التحول لسيطرة شركة قابضة على الموانئ.

وواكب ذلك الرفض حينذاك سعي صندوق النقد الدولي وقتها لخصخصة بنك القاهرة، والذي واجه رفضًا شعبيًا أجّل ذلك حتى الآن، وتشير تصريحات قيادات البنك الحالية إلى طرحه خلال الربع الأخير من العام الحالي، بعد إدراجه في البورصة منذ مدة لتسهيل عملية البيع.

وفيما يخص مكانة الموانئ المرشحة للخصخصة في مجال التجارة الخارجية، فقد أشارت بيانات جهاز الإحصاء إلى استحواذ ميناء الإسكندرية على نسبة 31% من قيمة التجارة الخارجية في العام الماضي، بقيمة بضائع بلغت 39 مليار دولار من إجمالي 127 مليار دولار لقيمة التجارة الخارجية، وكان نصيبه من قيمة الصادرات 30%، ومن قيمة الواردات 31%.

 ميناء سفاجا يتفوق بعدد الركاب

واحتل ميناء دمياط المركز الرابع بالتجارة الخارجية البحرية في العام الماضي بنسبة 7%، وسبقه مينائا السويس والدخيلة، وكان ميناء دمياط الثالث في قيمة الصادرات والرابع بقيمة الواردات، وجاء ميناء بورسعيد بالمركز الخامس في التجارة الخارجية، بينما تأخر مركز ميناء سفاجا لقلة نصيبه من التجارة نسبيًا، ولم تشر بيانات جهاز الإحصاء لنصيب مينائي الأدبية والسخنة بالتحديد، حيث جاءا ضمن بند موانئ أخرى.

أما في حركة نقل الركاب فقد تأخر مركز تلك الموانئ الكبيرة المرشحة للخصخصة خلال عامي 2020 و2019، حيث تصدر ميناء سفاجا بنسبة 44% من مجمل عدد الركاب في عام 2020، يليه ميناء نويبع بنسبة 40%، وميناء الغردقة 8%، وجاء ميناء الإسكندرية في المركز الرابع بنسبة 3% من مجمل الركاب، وشرم الشيخ في المركز الخامس وغرب بورسعيد في المركز السادس والسخنة في المركز السابع.

وفيما يخصص حمولة البضائع والحاويات، فقد بلغ حجمها في عام 2020 بميناء الإسكندرية حوالي 60 مليون طن من خلال تردد 7681 سفينة على الميناء، وكان نصيب ميناء دمياط 35 مليون طن من البضائع زادت إلى 40 مليون طن في العام الماضي، بتردد 2661 سفينة على الميناء زادت إلى 2895 سفينة في العام الماضي، وبلغت البضاعة المترددة على ميناء سفاجا حوالي 4 مليون طن عام 2020 من خلال تردد 87 سفينة معظمها صب جاف.

وفي ضوء اتخاذ الموانئ المرشحة للخصخصة شكل هيئات اقتصادية أو تابعة لهيئات اقتصادية، فقد حققت تلك الهيئات الاقتصادية الأربعة أرباحًا كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث حققت هيئة ميناء الإسكندرية أرباحًا بلغت أكثر من 3 مليار جنيه في العام المالي 2017/2018، وانخفضت تلك الأرباح لأكثر من 2 مليار جنيه في العامين التاليين، وتوقعت وزارة المالية التي تحصل على فوائض تلك الهيئات، بلوغ أرباحها في العام المالي الحالي 2.6 مليار جنيه، وفي العام المالي المقبل حوالي 2 مليار جنيه.

 أرباح عالية في كل هيئات الموانئ

وتكررت الأرباح العالية في هيئة ميناء دمياط عدا عامًا واحدًا، حيث بلغت الأرباح 1.7 مليار جنيه في العام المالي 2017/2018، لتنخفض لأقل من نصف مليار جنيه في العام المالي التالي، ثم تعاون الصعود إلى 1.5 مليار جنيه، ثم إلى 913 مليون جنيه في العام المالي الأخير، وتوقعت وزارة المالية تخطي الربح 2 مليار جنيه في العام المالي الحالي، وبلوغه 1.9 مليار جنيه في العام المالي المقبل.

كما تميزت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بأرباحها المرتفعة نظرًا لتبعية ستة موانئ لها، وكذلك أربع مناطق صناعية، لتصل الأرباح 2.1 مليار جنيه قبل أربع سنوات مالية، ثم تنخفض الأرباح إلى 1.7 مليار قبل ثلاث سنوات، وتستمر بالمعدل نفسه لعام آخر، ثم تنخفض الأرباح إلى 1.1 مليار في العام المالي الأخير، وتوقعت وزارة المالية ارتفاع الأرباح إلى 1.9 مليار جنيه في العام المالي الحالي، وبلوغه 1.8 مليار جنيه في العام المالي المقبل.

وكانت الأرباح أقل في هيئة موانئ البحر الأحمر مع صغر حجم موانئها التابعة بالقياس للموانئ الأخرى، لتصل الأرباح قبل أربع سنوات مالية 855 مليون جنيه، واقتربت من ذلك الرقم في العامين الماليين التاليين، ثم انخفض الربح إلى 762 مليون جنيه في العام المالي الأخير، لكن وزارة المالية توقعت تخطيه حاجز المليار جنيه في العام المالي الحالي الذي ينتهي الشهر القادم، ويزيد عن ذلك إلى 1.2 مليار جنيه في العام المالي المقبل.

وهو ما يعني تحقيق كل الهيئات الاقتصادية العاملة بنشاط الموانئ البحرية لأرباح كبيرة خلال السنوات الماضية والمقبلة، من خلال ما تحصل عليه من رسوم متعددة للخدمات التي تقدمها للسفن المترددة عليها، وهي الأرباح التي تسهم في تخفيف أثر خسائر العديد من الهيئات الاقتصادية، وتحقيق إيرادات للموازنة الحكومية ما بين مدفوعات ضريبية وصافي ربح.

المصدر : الجزيرة مباشر