(إدريسا غي).. في مواجهة إرهاب المثلية!

إدريسا غي

أي شخص مؤمن، أو يعتقد بدرجة كافية بحرية الاختيار، لن يتردد إطلاقًا في أن يتضامن مع إدريسا غي، اللاعب السنغالي المُسلم، ونجم نادي باريس سان جيرمان الذي رفض ارتداء قميص عليه ألوان قوس قزح (رمز المثلية)، وتعرّض نتيجة لذلك إلى حملة شعواء، تريد أن تكرهه على فعل يأنفه ولا يحبه، وتأنف منه النفس السوية قبل كل شيء.

قميص الفاحشة

تعود القصة إلى جولة في الدوري الفرنسي يجبر فيها اللاعبون على ارتداء قصمان مطبوع عليها شعارات تدعم حقوق (الشواذ)، لكن إدريسا غاب عن مباراة فريقه الأخيرة أمام مونبلييه لتجنب ارتداء القميص والتضامن مع المثليين في يومهم العالمي، مما حدا بمجلس الأخلاق الوطني التابع للاتحاد الفرنسي لكرة القدم فتح تحقيق بشأن غياب غي، واكتفى المدرب بتبرير ذلك الغياب بعبارة “أسباب شخصية”.

وطفق المجلس الفرنسي على التلويح بخيار استدعاء اللاعب ومعاقبته لأنه ارتكب، وفقاً لزعمهم، أكبر خطأ بالانحياز ضد الأقليات المختلفة، وانتهج السلوك التمييزي ورفض الآخر، وعليه الخروج والتحدث علنًا ومناصرة المثلية، وهو لعمري تهديد مبطن، يقوم على فرض خيارات على شخص لا يؤمن بها، مثل ارتداء قميص الفاحشة، ويصلح المنطق ذاته الذي تذرّع به الاتحاد الفرنسي للرد عليهم، إذ أن الرجل مسلم، وليس من حقهم إجباره على مخالفة تعاليم الدين الذي يعتنقه، وفي ذلك حرية اختيار، سيما وأن هذا الفعل المباح في الغرب، يعد من أعظم المفاسد، واستبشعه القرآن في قوله تعالى (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).

المثلية آفة بيولوجية

بينما يتم تصوير المثلية الجنسية وفهمها في الغرب على أنها خيار صحيح، فهي بالنسبة لنا، ولإدريسا كذلك آفة بيولوجية، وفعل مشين، ولذلك يستحي من يأتون تلك الفاحشة من المجاهرة بها، وتأخذ طابعًا سريًا، لأنها بالمقابل تأخذ منحى سلبيًا، ويصعب الدفاع عنها، بل إن القبول بالمثلية والدفاع عنها حتى في المجتمع الغربي، هنالك من يتصدى لها من منطلق حماية السلالة البشرية، لأنها تفضي إلى زواج غير طبيعي يقطع النسل، ومحاولة الزج بها في ملاعب كرة القدم، وسحب نجوم كبار لديهم جمهور في شتى أنحاء العالم للترويج (للشذوذ) شيء مقصود، والهدف منه التأثير في ملايين المتابعين، والدخول للمجتمعات من الأبواب كافة، إذ أن الناس يحبون كرة القدم في حدود المتعة والإثارة الكروية، ولا ينبغي تلويثها بالألوان القزحية الموحية لميول آثمة.

المهاجرون السود في الغرب، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، لديهم حساسية كبيرة ضد تلك الممارسات الشاذة، وينظرون إلى المثلية الجنسية بازدراء، وليس السبب تأثير (الهيب هوب) والبناء الاجتماعي للذكورة المفرطة فحسب، وإنما تربى هؤلاء المهاجرون على قيم فاضلة ومجتمعات تقليدية تعنى بالأخلاق والسلوك القويم، ولذلك تلقى إدريسا مساندة واسعة من زملائه في المنتخب السنغالي خاصة شيخو كوياتي وإسماعيلا سار، وانضم إليهم الرئيس السنغالي، ماكي سال، الذي كتب تغريدة في تويتر أعلن فيها تضامنه مع مواطنه، ونادى باحترام قناعات إدريسا الدينية.

أين حرية الاختيار يا فرنسا؟

لا يتعين على إدريسا إصدار اعتذار علني، وارتداء ذلك القميص القبيح كما تطالبه فرنسا، فهو لاعب حر، ومن حقه أن يرفض الترويج لفعل يتعارض مع قناعاته الدينية، أو على الأقل من حقه أن يصمت، لكن فرنسا تريد أن تحاكمه حتى على النوايا! وتمارس بذلك نوعًا خطيرًا من الإرهاب، يصادر الحقوق والحريات، التي طالما تغنت بها، وربما فات عليها، أن إدريسا لا يستطيع بالمقابل الدفاع داخل الملعب عن حجاب المرأة أو التعددية الزوجية، أو بالمرة رفع علم فلسطين، فكيف يدافع عن حقوق المثليين ولا يدافع عن حقوق أخرى يؤمن بها؟ وهو بذلك يستطيع التمسك بموقفه واللجوء إلى الفيفا الذي لا تحث قوانينه، بطبيعة الحال، على ممارسة الفاحشة والترويج لها.

التأثير عبر النجوم

خطورة المثلية والترويج العلني لها من خلال السينما وكرة القدم ليس في أنها ضد الفطرة السليمة فقط، وإنما صارت تجارة رابحة في الغرب يوصم من يعاديها بالغلو، ولا تتوقف عند الأفعال المستنكرة في الديانات السماوية كلها، بل اكتسبت مؤخرًا جراءة شديدة في إرهاب الرافضين لها، وغزو المجتمعات، وتحولت إلى قوانين تقف خلفها أحزاب وقوى سياسية تريد كسب أصوات الشواذ في الانتخابات، دون أن تعبأ بحقوق الآخرين، وأن هؤلاء (الرينبووين) يتحركون في كل مكان، وبات لديهم نوع من الاتصال والتأثير في الأطفال، مما يشكل خطورة على الأجيال الجديدة.

لربما تنجح فرنسا بكل جبروتها في تجريد إدريسا من ثروته ونجوميته والفرص التي يستحقها، لكنها لن تفلح أبدًا في تجريده من قناعاته الدينية وأخلاقه السامية، كلاعب ونجم يعي بشكل رائع أدواره النبيلة داخل ملاعب كرة القدم وخارجها، فهو لاعب موهوب، وسوف تزاد شعبيته أكثر بعد هذا الموقف الشجاع، وإن أخرجوه من ملاعبهم ودولتهم، فقد فعلوا ذلك لأنهم عرفوا أن إدريسا غي، من (أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون).

المصدر : الجزيرة مباشر