فضيحة من العيار الثقيل لـ”مختار جمعة” يكشفها وزير الأوقاف الأسبق!

مختار جمعة

وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة شخصية مثيرة للجدل، ليس في علمها فحسب، بل في جرأتها التي تتجاوز حدود الجرأة المحمودة إلى ما بعد ذلك بمراحل. فالرجل رغم أنه دكتور جامعي أزهري، لم يعرف له مؤلف علمي واحد مشهود له بالبحث العلمي فيه، ولا مقالات أو بحوث علمية، بخلاف معظم وزراء الأوقاف السابقين في مصر، الذين كان لهم نشاط علمي تتفق أو تختلف معه، على خلاف جمعة الذي كانت كل مؤهلاته هي رضا الجهات الأمنية عنه الذي يمتد إلى ما قبل ثورة يناير، مما اضطر الجمعية الشرعية بعد ثورة يناير إلى فصله منها، لعلاقته بالأمن.

وعلى الرغم من جرأته في قرارات إغلاق المساجد في رمضان ومنع الاعتكاف والتهجد فيها، والشروط التي وضعها لصلاة التراويح في المساجد، والتي تعد تضييقا على الناس، وتدل على جرأة على الحرمات بشكل عجيب، على الرغم من ذلك لم أكن متفاجأ من فضيحة من العيار الثقيل قام بها مختار جمعة، وهي فضيحة كشف تفاصيلها كاملة وزير أوقاف سابق كان ملء السمع والبصر في فترة وزارته، وفي عمله الأكاديمي العلمي داخل مصر وخارجها، إنه الدكتور محمود حمدي زقزوق رحمه الله.

أما عن الفضيحة، فهي استيلاء وسطو وسرقة واضحة لا يخالف فيها أحد، قام بها مختار جمعة لجهد علمي ألفه زقزوق، ويبدو أن محمود زقزوق طفح به الكيل فكتب تفاصيل السرقة كاملة في مذكراته التي تحمل عنوان “رحلة حياة”، في عدة صفحات من ص: 189 حتى ص: 195، كلها تنضح بسلوك لصوصي قام به مختار جمعة.

أما المسروقات فهي جهد زقزوق في سنوات توليه الوزارة، فقد أصدر عدة موسوعات إسلامية متخصصة، وترجمة لمعاني القرآن الكريم لسبع لغات عالمية، وظلت السرقة مدة عامين غير معلومة، لكن جمعة أوقع نفسه بنفسه، فقد قام مختار جمعة بحذف اسم زقزوق من أغلفة الكتب، وكتب اسمه هو، ليوهم بذلك القراء والمؤسسات العلمية والسيادية في مصر أنه صاحب هذا المجهود.

هدية تقدم مرتين لرئيسين!!

أما كيف اكتشف زقزوق هذه السرقة؟ فقد كان حاضرا في احتفال المولد النبوي الشريف في أواخر عام 2015، وإذ بمختار جمعة يهدي لرئيس الجمهورية موسوعة الحضارة الإسلامية، وعليها اسمه، دون أن يتفطن أن ذلك عمل قام به زقزوق وانتهى منه سنة 2005، وأهداه للرئيس مبارك، وقد كانت الوزيرة فايزة أبو النجا حاضرة بجوار زقزوق، فأبدت دهشتها من إعادة إهداء جمعة عملا علميا تم إهداؤه من قبل لمبارك، ولم يكن هو وهي يعلمان أن جمعة قد حذف اسم زقزوق وكتب اسمه بدلا منه!!

ثم ذهب زقزوق إلى معرض الكتاب فوجد الموسوعات التي قام بإنتاجها وتكليف الباحثين والعلماء بها، وكُتب عليها أنه المشرف عليها، قد تم حذف اسمه منها ووُضع مكانه مختار جمعة، وهي أعمال تمت منذ سنوات، ويتم بيعها في منافذ بيع وزارة الأوقاف، في الركن الخاص بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

قام زقزوق بإبلاغ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بهذه السرقة، فقام بدوره بإثارة الموضوع في مجمع البحوث الإسلامية، وراجع مختار جمعة الذي أبدى اعتذاره وأسفه لما حدث، وقام بتقبيل رأس زقزوق ووعد بالتصحيح، وذلك بأن يعتذر كتابة، واقترح شيخ الأزهر أن يكتب جمعة مقالا يقر فيه بأن الموسوعات التي وضع عليها اسمه هي من عمل وإشراف وتقديم زقزوق.

الاستياء

ألمح الدكتور زقزوق أن السيسي قد علم بالموضوع، فقال “وكان من الواجب أن يحاط السيد رئيس الجمهورية بهذه الواقعة، وعناصرها، وقد كان، واستاء سيادته استياء شديدا مما حدث، استياء اقترن بوجوب تصحيح وتدارك هذا الخطأ الجسيم”.

 

اعتراف مختار جمعة بما حدث

الأزهر ومجمع البحوث يدخلان على الخط

لم يسكت زقزوق على هذا السطو الممنهج من جمعة، بل تقدم بشكوى لشيخ الأزهر، وتفاعل الطيب مع الشكوى، وضم شكوى زقزوق إلى اجتماع مجمع البحوث، وتمت مناقشة الأمر، وثبت لهم بكل دليل واضح وقوع السرقة، وتعمد السطو، ونسبة جهود زقزوق لجمعة، وتم الاتفاق على اعتذار واضح وبين من جمعة كتابيا وشفهيا، كي ينقذ نفسه آنذاك من هذه الورطة التي لو وجدت إعلاما ينصف لشنّ حملة على جمعة، لكن جمعة ابن الأجهزة الأمنية البار.

ويحكي زقزوق ما حدث بعد هذا القرار من شيخ الأزهر، فيقول:

“ولكن يبدو أن الشيخ مختار جمعة لم يكن في نيته أن يتدارك أو أن يغير شيئا، ولكنه ذرا للرماد في العيون اختار نسخة واحدة من بين أربع موسوعات فقط وقام بتغيير الغلاف الخارجي فقط، وكتب عليها أن الموسوعة من إشراف وتقديم محمود زقزوق، ونزع صفحة العنوان الداخلية لكي لا يظهر اسم محمود زقزوق مرة أخرى في كل نسخة بالإضافة إلى الترجمات السبع لمعاني القرآن الكريم، واعتقد الشيخ أنه بذلك يكون قد وفى بما وعد والتزم به، وأن أحدا لن يكتشف هذه اللعبة الماكرة!”.

عمد جمعة إلى التهرب من أمانة الاعتراف بالسطو على جهد غيره، وكلف أحد الباحثين بكتابة مقال عن جهود زقزوق العلمية نشر في مجلة منبر الإسلام، التي تصدرها وزارة الأوقاف، وهو ما لا يحقق المطلوب حسب قرار اجتماع مجمع البحوث الإسلامية.

من الواضح أن حمدي زقزوق لم ينصف في موضوعه وحقه، وتحايل جمعة ولم يتحل بالشجاعة ليقف موقف الرجال، كما عبر عن ذلك زقزوق في مذكراته، وكتب عدة صفحات، قال فيها كل ما يمكن أن يقال في لص سرق حقا لإنسان، ولكن بلغة زقزوق الراقية العلمية، ووضع تفاصيل الموضوع، ومخاطبات مجمع البحوث، وكذلك خطاب مختار جمعة الذي يعترف فيه بالسطو، وبوعده بالتصحيح، وهو ما لم يحدث. وقد ختم زقزوق حديثه عن هذه السرقة، بقوله: والأمر لله من قبل ومن بعد، وحسبي الله ونعم الوكيل.

من مذكرات د. حمدي زقزوق
المصدر : الجزيرة مباشر