استمرار تراجع أرباح 10 بنوك مصرية في العام الماضي على الأقل!

البنك المركزي المصري

شهدت مؤشرات أداء البنوك المصرية خلال عام 2021 تحسنا ملحوظا، مقارنة بالعام السابق الذي شهد ذروة التداعيات السلبية لفيروس كورونا، حيث زادت قيمة الأصول بنسبة 23% والودائع بـ24% والقروض بـ23.5%، والاستثمارات بـ20% ورؤوس الأموال بـ23% وحقوق الملكية بـ25%، مع الأخذ في الحسبان باحتساب البنوك فوائد أرصدة الودائع والقروض القديمة، ضمن معدلات الزيادة مما يرفع معدلات نمو كل منهما.

لكن البنوك المصرية عانت من نقص حاد في العملات الأجنبية، ترتب عليه تحول الصافي بين الأصول والخصوم بالعملات الأجنبية من فائض إلى عجز طوال النصف الثاني من العام، مما ترتب عليه توجه البنوك إلى المزيد من الاقتراض الخارجي لسد ذلك العجز، فقد اقترضت خمس مليارات من الدولارات بنمو 41% عن أرصدة قروضها الخارجية عام 2020، ليصل مجمل قروضها الخارجية إلى أكثر من 17 مليار دولار.

كما توجهت البنوك خلال العام الحالي إلى الاستمرار في الاقتراض الخارجي، وبيع جانب من استثماراتها لأطراف خليجية للحصول على الدولار، في ضوء استمرار وكبر قيمة العجز بالعملات الأجنبية لديها حتى آخر بيانات منشورة تخص شهر فبراير/ شباط من العام الحالي، حين بلغت قيمة ذلك العجز لديها 11.8 مليار دولار.

وتشير خريطة التوزيع النسبي لتوظيفات البنوك لما لديها من أصول في العام الماضي، إلى توجه نسبة 36.5% إلى شراء أذون وسندات الخزانة المصرية، وأقل من 36% إلى القروض التي استحوذت الحكومة على جانب كبير منها، وتوجهت نسبة 19% من الأصول لأن تكون بمثابة أرصدة لدى البنوك الأخرى داخل البلاد، ونسبة 2% لتكون أرصدة لدى البنوك خارج البلاد، وأقل من 2% إلى أسهم في شركات وأقل من 1% إلى النقدية لمواجهة طلبات السحب من عملاء فروع البنوك.

108 فروع إضافية خلال العام الماضي

ويشير التوزيع السابق إلى أن تمويل الحكومة من قبل البنوك بشراء أدوات الدين لسد عجز الموازنة وإقراض الجهات الحكومية، تفوق في نسبته على ما حصلت عليه شركات القطاع الخاص وأفراده من قروض، كما أدت مشكلة نقص العملات الأجنبية إلى سحب جانب كبير من أرصدتها بالخارج، وفي نفس الوقت زيادة التزاماتها تجاه البنوك الخارجية، كما توضح نسبة الأصول التي توجهت لتأسيس شركات أو المساهمة في شركات ضعف الدور الاستثماري للبنوك، الذي كان من الممكن أن يضيف إنتاج السلع والخدمات ويوفر فرص عمل.

ففي حين بلغت قيمة أسهم مشاركات البنوك في شركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام معا أقل من 153 مليار جنيه، كانت قيمة استثماراتها في أدوات الدين الحكومي المحلي 3.2 تريليونات جنيه، منها 2.56 تريليون جنيه في سندات الخزانة و592 مليار جنيه في أذون الخزانة.

ومن ناحية أخرى يشير التويع النسبي للالتزامات على البنوك، إلى استحواذ الودائع على نسبة 75% من الإجمالي غالبيتها من الأفراد، في حين كان نصيب حقوق الملكية 7% فقط من مجمل الالتزامات، و5% للالتزامات تجاه البنوك المحلية، و4% في صورة سندات وقروض طويلة الأجل حصلت عليها من الداخل والخارج، و2% للمخصصات وحوالي 2% للالتزامات تجاه البنوك بالخارج.

وخلال العام الماضي زاد عدد فروع البنوك بنحو 108 فروع ليصل الإجمالي 4640 فرعا، موزعة على 38 بنكا خاضعة لإشراف البنك المركزي، وما زال بنك ناصر الاجتماعي خارج إشراف البنك المركزي، حيث يتبع وزارة التضامن الاجتماعي وترأس مجلس إدارته وزيرة التضامن، ونفس الأمر لبنك الاستثمار القومي التابع لوزارة التخطيط المختص بتمويل الشركات العامة والهيئات الاقتصادية، وترأس مجلس إدارته وزيرة التخطيط، وهو يعاني من تعثر سداد جانب كبير من قروضه.

    12 بنكا بالبورصة من إجمالي 38

وتشير الكثافة المصرفية إلى وجود فرع لكل 22.5 ألف شخص من المصريين، إلا أن هناك تركزا لتلك الفروع في الشوارع الرئيسية بالعاصمة والإسكندرية وعواصم المحافظات وفي المدن الجديدة، في حين يقل نصيب محافظات الصعيد من تلك الفروع، وتكاد تخلو منها المناطق العشوائية ذات الكثافة السكانية العالية.

ومن حيث إفصاح البنوك العاملة بمصر الخاضعة لإشراف البنك المركزي عن أدائها المالي فلا يقوم بالإفصاح سوى 26 بنكا فقط، وهناك خمس بنوك لا تُفصح عن بياناتها لوجود تعثر في محفظة قروض معظمها، وهي البنك العقاري والزراعي والصناعي وبنك الاستثمار العربي والمصرف المتحد، وانضم إليها بنكان خاصان مؤخرا في عدم الإفصاح.

كما توجد خمس بنوك أخرى لا تعلن نتائج أدائها على اعتبار أنها تعمل برخصة فروع لبنوك أجنبية رغم تعدد فروعها في مصر، وهي سيتي بنك والعربي والأهلي اليوناني والمشرق وأبو ظبي الأول الذي استحوذ مؤخرا على بنك عودة، وساعد على عدم النشر أن عدد البنوك المصرية المقيدة بالبورصة 12 بنكا فقط، وهو القيد الذي يلزمها بالنشر الفصلي عن أدائها.

وحتى كتابة هذه السطور، أعلن 23 بنكا بياناته المالية عن أدائه خلال العام الماضي، وكانت جميعها رابحة، وهو أمر متوقع حيث إنها توظف أموالها في المجالات المضمونة القليلة المخاطر، وأبرزها شراء أدوات الدين الحكومي وإقراض الجهات الحكومية، حيث شهدت السنوات الأخيرة حصول البنوك على أراض وعقارات، مقابل ديونها لدى بعض شركات قطاع الأعمال العام الحكومية التي تعثرت في سداد ما عليها من قروض.

لكن عشرة من البنوك الثلاثة والعشرين التي أعلنت بيانات أدائها المالي، تراجعت أرباحها بالمقارنة مع أرباحها العام السابق وهو عام ذروة كورونا، بل إن بعضها حقق أرباحا تقل عما حققته عام 2019 بل وعن أرباحها عام 2018 مثل بنوك: عودة واتش إس بي سي مصر والإمارات دبي والأهلي المتحد والكويت الوطني وبلوم. وكانت أعلى نسب لتراجع الربح العام الماضي مقارنة بالعام السابق في بنك بلوم يليه دبي الإمارات ثم الصادرات وعودة والبركة.

مؤشرات الربحية أكثر دلالة من الحجم

وتشير خريطة البنوك المصرية إلى استحواذ بنكي الأهلي المصري ومصر الحكوميين، على النصيب الأكبر من الأصول والودائع والقروض، بحكم القدم التاريخي وكثرة عدد الفروع المنتشرة في أنحاء البلاد، إلا أن ذلك الأمر لا يخلو من استثناءات.

فالبنك الزراعي المصري يعد الأكبر من حيث عدد الفروع بالبلاد بنصيب 1208 فروع، مقابل 752 فرعا ووحدة مصرفية لبنك مصر و576 فرعا ووحدة مصرفية للبنك الأهلي، ومع ذلك يعاني البنك الزراعي من خسائر مزمنة ولا يعلن بياناته منذ سنوات عديدة، ويقع نفس الأمر للبنك العقاري ذي التاريخ الطويل حيث يعاني من خسائر مزمنة ولهذا لم يعلن نتائجه المالية منذ أكثر من 20 عاما.

وعادة ما ينظر غير المتخصصين إلى كبر رقم أرباح البنك على أنه دليل على نجاحه بالمقارنة مع البنوك التي حققت أرباحا أقل، إلا أن تلك النظرة غير صحيحة نظرًا لاختلاف حجم البنوك من حيث أصولها وودائعها وقروضها ورؤوس أموالها وعدد فروعها، لتصبح مؤشرات الربحية هي الأدق في الحكم على أداء البنوك، ومدى حرفية القائمين على إدارتها، وهو ما توضحه المقارنة بين البنوك على أساس مؤشرات الربحية.

فمن حيث الحجم سواء في الأصول أو الودائع سنجد الصدارة للبنك الأهلي يليه بنك مصر ثم التجاري الدولي وقطر الوطني والقاهرة، وهي نفس البنوك الخمسة التي تتصدر حجم القروض مع اختلاف بسيط في الترتيب، لكن عند ترتيب البنوك من حيث مؤشرات الربحية على حقوق الملكية، نجد الصدارة لبنكي أبوظبي الإسلامي الإماراتي والمصري الخليجي بنسبة 21.4% لكل منهما، ثم الإسكندرية الإيطالي بـ20% والتجاري الدولي بـ19.3% وإتش إس بي سي البريطاني 19%.

وهكذا نجد بنوكا عربية وأجنبية تتصدر معدلات الربحية، وهو ما تكرر بمؤشر العائد على الأصول الذي تصدّره البنك التجاري الدولي وكريدي إجريكول الفرنسي ثم إتش إس بي سي البريطاني والتعمير ثم الإسكندرية الإيطالي، وتأتي معظم البنوك الحكومية في مكان متأخر بمؤشرات الربحية رغم كبر حجمها.

المصدر : الجزيرة مباشر