اللاجئات الأوكرانيات وكتائب الباحثين عن الجمال!

ازدحمت الحدود الأوكرانية بالفارين ومن ويلات الحرب، وسمح للنساء والأطفال بمغادرة أوكرانيا على الفور، أما الرجال من سن 18 إلى 60 فقد فضلوا البقاء للدفاع عن الوطن، وهرعت فرق متطوعة من كل الأقطار المجاورة إلى الحدود حاملة الطعام والدواء إلى النازحين.

وفجأة ووسط كل هذه الفوضى والتخبط في الفصل الدرامي الأول للحرب، ظهر فريق ثالث أقل ما يمكن وصفه به أنه فريق من “كتائب الجنس المكبوت” راح يشق طريقه بكل همة، متخذا من وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات عبر الإنترنت وجهة له للتعبير عن رغبته في الزواج أو استقبال أي من النازحات الأوكرانيات من ذوات العيون الزُّرْق والشعر الأصفر، ومع حدة المعارك علت نبرة هذا الفريق في كل الوسائل وبكل الطرق.

صحف تدخل على الخط

اعتقد البعض أن هذه خفة دم لا تناسب الحدث، فالناس تهرب من حرب مدمرة، والموت يحلق فوق رؤوسهم فهل يمكن أن يفكر أحد في استغلال الموقف لإشباع غرائزه؟!! المصيبة أن صحفًا سارت على نفس الدرب وروجت للفكرة، فجريدة “الوفد” المصرية عنونت تحت صور لفاتنات أوكرنيات “لا تتسرع في الزواج، ستكون هناك نازحات ولاجئات أوكرانيات قريبًا”، وهوت الصحيفة بمهنيتها إلى مجرد شكل من أشكال مكاتب الزواج!!.. وعلى غرار الصحيفة المصرية نشرت صحيفة “الشرق” اللبنانية أيضا صورة عارضة أزياء روسية وكتبت تحتها “عمل إنساني… تبنوا أوكرانية لحمايتها من الاحتلال الروسي”.

هذه العناوين أو الأغلفة المثيرة أثارت حفيظة الناس على مواقع التواصل الاجتماعي وأشعلت غضبا في الأوساط الصحفية الحقيقية، حتى إن السفارة الأوكرانية في بيروت أصدارت بيانا أعربت فيه عن أسفها حيال ما نشر في الصحيفة اللبنانية، واعتبرت أن تلك الصورة “تحتوي على تعليقات مسيئة للأوكرانيين وتهين كرامتهن”. أما في مصر فقد قام رواد التواصل الاجتماعي بتوبيخ صحيفة الوفد كما ينبغي.

الجرائم الجنسية معروفة في الحروب

كيف يمكن أن يصل المحتوى الإعلامي العربي إلى هذا المنطق المتردي وسط محنة إنسانية لا أحد يعرف كيف يتم احتواؤها؟ وكيف تنافس صحف تغريدات المكبوتين جنسيا بهذه العناوين والصور المثيرة؟

الغريب أن الظاهرة لم تقف عند عموم الشباب، بل وصلت إلى بعض المشاهير؛ فالفنان اللبناني أمير يزبك تعرض لهجوم شرس بعد أن عرض على صفحته صورا لشابات أوكرانيات كتب تحتها “بيوتنا وقلوبنا مفتوحة للنازحات من أوكرانيا”. هذه الظاهرة تستحق الدراسة، رغم أننا نعرف أن الجرائم الجنسية معروفة في الحروب؛ فالغزاة دائما ينتهكون كرامة الإنسان ويغتصبون النساء، حدث ذلك في الحرب العالمية الثانية وفي آخر الحروب الأوربية حرب البلقان التي شهدت تطهيرا عرقيا واغتصابا مروّعا للنساء.

لا أحد يستطيع تفسير تلك النزعة التي يمكن وصفها باللامبالاة أمام حالات تثير الشفقة؛ فلماذا تتوارى النزعات الإنسانية وتنطلق النزعات الحيوانية في مثل هذه المواقف؟

يرى البعض أن هؤلاء مفصولون عن الواقع، وليس لديهم إدراك بمآسي الحروب، وهذا ما يؤثر على المدى البعيد في كيفية تفاعلهم مع الأمر وقدرتهم على اتخاذ قرارات جادة في حياتهم.. إنها من غرائب لدى بعض الناس الذين يتوارون في الخير ويظهرون في الشر!

ويعتقد بعض آخر أن هذا الحديث الساخر يعبر ربما عن أنانية مفرطة وفراغ عقلي لا يمت للواقع بصلة؛ فالتعامل مع الأمور الضاغطة بالمزاح ربما يكون للفت الانتباه ليس أكثر، وهذا هو ما يحدث بشكل عام في ظاهرة الاستعداد للزواج من الأوكرانيات.

تحرشات جنسية في مراكز اللجوء

ما يثير القلق فعلا أنه في كل مراكز اللجوء تحدث تحرشات جنسية؛ ففي ألمانيا اكتشفوا أن موظفين يعملون في مراكز لجوء عرضوا رُشًى جنسية مقابل تسهيل اللجوء، وفي ليبيا يتم اغتصاب النساء في معسكرات اللجوء في الصحراء، وحتى مهربي القوارب يقومون باغتصاب اللاجئات على متن القوارب.

استشاريون الطب النفسي لهم رأي في ذلك، فهم يقولون إن الاتصال سواء بالعمل أو المشاركة في الحروب والأزمات العالمية الكبرى، قد يخلق نوعا من الإحباط والاكتئاب والشعور بعدم الأمان لدى بعض الأشخاص فيبدون غير مبالين بتصرفاتهم ولا سلوكهم الذي يبدو للبعض غير لائق، وإذا لم يتوقفوا في الوقت المناسب، فإن الأمراض النفسية والقلق لديهم يصبح علاجه مستعصيًا!

ردًّا على هذا السلوك شنّت النساء المصريات حملة على الرجال المنفتحين على استقبال الأوكرانيات والزواج منهن بالسخرية وتساءلن عن الميزة التي تجعل الرجل الشرقي جذابا للأوكرانية؟؟!! لكن الرجال يردون على ذلك بأن جاذبية المرأة لا تأتي فقط من جمالها، بل أيضا من تعلّمها وثقافتها والأهم من ذلك هو بعدها عن النكد الذي تشتهر به المرأة العربية، هذا بالإضافة إلى مشاركة المرأة الأوربية الرجل في كل أعماله، وحتى الخدمة في الجيش، فعلى سبيل المثال في أوكرانيا يمثّل النساء 15.6% من أفراد الجيش الأوكراني النظامي، ومنذ سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم عام 2014 شهدت الثكنات العسكرية الأوكرانية طوابير من النساء الراغبات في الانضمام إلى جيش بلادهن! وهذا ما لا تستطيع المرأة العربية أن تفعله.

المصدر : الجزيرة مباشر