للمرة الأولى.. تركيا تتصدر دول الصادرات المصرية العام الماضى

أشارت بيانات التجارة الخارجية المصرية للعام الماضي حسب الجهاز المركزي للإحصاء إلى احتلال تركيا المركز الأول، بين دول العالم التي توجهت إليها الصادرات المصرية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين، بعد أن ظلت تركيا تحتل المركز الثالث خلال العامين السابقين، كما شغلت المركز الثاني عام 2018.

وساهم وجود اتفاقية تجارة حرة بين البلدين منذ مارس 2007 في نفاذ الصادرات المصرية إلى تركيا بدون جمارك، وكذلك قرب المسافة الجغرافية بحرًا بالمقارنة مع أسواق أخرى عديدة، وعلى الجانب الآخر تدخل السلع التركية مصر بدون جمارك، هذا إلى جانب انخفاض سعر صرف الليرة التركية.

وتتمتع السيارت التركية بالإعفاء الجمركي الكامل منذ عام 2020، وهو ما ساعد على احتلال تركيا المركز الخامس بين دول العالم الموردة لمصر، بعد الصين والسعودية والولايات المتحدة وألمانيا، وقد تبوّأت هذا المركز عام 2009، لكنها لم تسترده إلا عام 2019.

وخلال العام الماضي أصبحت تركيا الشريك التجاري الرابع لمصر بعد الصين والسعودية والولايات المتحدة، وهو المركز الذي ظلت تشغله خلال العامين الماضيين، رغم ما أثير خلال السنوات الماضية من دعوات إعلامية لمقاطعة البضائع التركية. فقد دفعت جودة السلع التركية وأسعارها المناسبة للمستهلكين غالبية التجار إلى الاستمرار في استيرادها رغم صخب الخلاف السياسي.

وساهمت تهدئة الخلافات بين البلدين في الفترة الأخيرة في استمرار اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وفي نمو الصادرات المصرية إلى تركيا العام الماضي بنسبة 71%، كما زادت الواردات بنسبة 13% لترتفع قيمة التجارة بين البلدين بنسبة 33% عن العام الأسبق.

رقم غير مسبوق للصادرات المصرية إلى تركيا

وفي العام الماضي حققت الصادرات المصرية إلى تركيا رقما غير مسبوق، وكذلك قيمة التجارة بين البلدين، إلا أن قيمة الواردات كانت أقل مما كانت عليه عام 2019 بقليل.

والغريب أن وسائل الإعلام المصرية لم تشر إلى تصدر تركيا للصادرات المصرية، كما لوحظ أن جهاز الإحصاء الذي اعتاد نشر مخلص للتجارة الخارجية السنوية، استبدله هذا العام بملخص للتجارة خلال الشهر الأخير من العام فقط دون إشارة إلى أسماء الدول.

وفي صفحات تقرير التجارة الخارجية وتحت عنوان أبرز خمس دول للصادرات المصرية، تم تقديم إيطاليا وبعدها تركيا رغم وجود فارق بقيمة 122 مليون دولار لصالح تركيا، وحتى عند عرض أبرز خمس دول بالواردات ورغم احتلال تركيا المركز الخامس، فقد تم استبعاد تركيا من تلك البيانات، وجرى ذكر روسيا صاحبة المركز السادس والهند صاحبة المركز السابع!

ولا شك أن استمرار الخلاف حول العديد من الملفات سواء الحدود البحرية بشرق المتوسط أو ليبيا أو ما يتعلق باستمرار بث فضائيات المعارضة من تركيا له صلة بذلك، رغم التنبيه التركي بعدم ذكر الجنرال المصري، واستبعاد عدد من الإعلاميين من الظهور في تلك الفضائيات، أو حتى عدم السماح لهم بالبث الشخصي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي ضوء أزمة نقص الدولار الحالية بمصر والتشدد تجاه الواردات، فإنه يمكن توقع تراجع قيمة الواردات خلال العام الحالي سواء من تركيا أو من غيرها، وهو ما أكده تصريح وزير المالية المصري الذي يشرف على الجمارك، من أنه تم رفض أكثر من ألفي شحنة عبر أسلوب الإبلاغ المسبق عن الشحنات، الذي تم تطبيقه مؤخرا ويتطلب الحصول على موافقة رسمية قبل شحن السلع من بلدان العالم.

  الغاز الطبيعي يمثل ثلث الصادرات

وتضمن التوزيع النسبي للصادرات المصرية إلى تركيا في العام الماضي حسب البيانات المصرية، تصدر الوقود وغالبه من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 32% من الإجمالي، والبلاستيك ومصنوعاته 16% والمنتجات الكيميائية غير العضوية 5%، والأجهزة الكهربية وأجزاءها مثل التلفزيونات 5% والخيوط والشعيرات التركيبية والاصطناعية 4%.

هذا إلى جانب العديد من السلع ومنها: اليوريا وأسلاك النحاس والمصنوعات الزجاجية، والأقمشة والبنطلونات والقمصان والمنسوجات والبرتقال والستائر والفوط والسوتيان، والعسل الأسود والأدوية والألومنيوم والجرانيت والورق المقوى والفراولة وصلصة الطماطم.

أما عن سلع الواردات المصرية من تركيا فقد تصدرتها سيارات الركوب بقيمة 314 مليون دولار، بخلاف سيارات نقل البضائع، والحلى والمجوهرات 222 مليون دولار والأسفلت 105 ملايين دولار، إلى جانب أوعية الطهي وبنزين 95 والمنتجات الحديدية والورق والسجاد، والرخام والإطارات وألواح الخشب والخيوط والقمصان والبنطلونات والفساتين النسائية، والبندق والمشمش المجفف وأدوات المائدة والثلاجات وثلاجات العرض، وخلاطات الخرسانة والأثاث المعدني وغيرها.

وحسب البيانات المصرية فقد بلغت قيمة الصادرات إلى تركيا 2.916 مليار دولار، مقابل واردات منها بقيمة 3.581 مليارات دولار، ليصل العجز بالميزان التجاري 666 مليون دولار، لتبلغ نسبة الصادرات إلى تركيا إلى الواردات منها 81% وهي نسبة لم تحدث منذ أربع سنوات.

   تباين أرقام التجارة بين البلدين

لكن البيانات التركية للتجارة مع مصر خلال العام الماضى اختلفت كثيرا عن البيانات المصرية، حيث تشير إلى بلوغ قيمة صادرات مصر إلى تركيا 2.212 مليار دولار، أي أقل من الرقم المصري بنحو 704 ملايين دولار، وربما قام بعض المصدرين بتضخيم القيمة، للحصول على دعم التصدير الذي تصرفه وزارة التجارة لهم.

أما الواردات فقد جاء الرقم التركي لها بقيمة 4.519 مليارات دولار، أي أكبر من الرقم المصري بنحو 938 مليون دولار، وربما جاء ذلك بسبب حرص بعض المستوردين على خفض قيمة الشحنات لدفع جمركة أقل.

الأمر الذي انعكس على قيمة العجز التجاري لمصر مع تركيا الذي يعد فائضا بالنسبة لتركيا، حيث بلغ الرقم التركي 2.308 مليار دولار، أي بزيادة 1.642 مليار دولار عن الرقم المصري، مما جعل نسبة تغطية الصادرات المصرية للواردات من تركيا 49% فقط حسب البيانات التركية، في حين تعتبرها البيانات المصرية 81%.

أما عن موقع مصر من خريطة التجارة الخارجية التركية في العام الماضي، فقد جاءت في المركز الخامس عشر في الصادرات التركية والخامس والعشرين بقائمة الواردات التركية، وفي المركز التاسع عشر بقائمة شركاء التجارة بالعالم، حيث لم تحتو قائمة شركاء التجارة الخمس عشرة الأوائل لتركيا من الدول العربية سوى العراق بالمركز التاسع، واحتوت على الدول الغربية وروسيا والصين والهند وكوريا الجنوبية.

وحتى فيما يخص تجارة تركيا مع الدول العربية، فقد احتلت مصر المركز الثالث في صادرات تركيا للدول العربية بعد العراق والإمارات، كما احتلت المركز الثالث في واردات تركيا من الدول العربية بعد السعودية والإمارات، والمركز الثالث بتجارة تركيا مع العرب بعد العراق والإمارات.

وكانت تجارة تركيا مع مصر البالغة قيمتها حسب البيانات التركية 6.6 مليارات دولار، أقل من تجارة تركيا مع إسرائيل التي بلغت 8.4 مليارات دولار، وجاءت في المركز الخامس عشر بين شركاء التجارة، وحققت تركيا معها فائضا تجاريا بلغ 4.3 مليارات دولار، أي حوالي ضعف فائضها التجاري مع مصر البالغ 2.3 مليار دولار.

المصدر : الجزيرة مباشر