الصراع على رئاسة مصر [الغرفة السوداء واللحظة “صفر “] (6-6)

جمال مبارك

تقدّم الرئيس في العمر، وتدهورت لياقته الصحية، وبات يقضي معظم وقته معتكفًا في شرم الشيخ، أكثر مما يقضي بقصر الحكم في الاتحادية.

وكان هذا الفراغ الواقعي -في العقد الأخير من حكم مبارك- سببًا في أن يشغل “ظِلّ الرئيس” مساحة الفراغ.

وظِلّ الرئيس -في ذلك الوقت- كان مثلثًا ذا أضلاع متساوية، قاعدته السيدة الرئيسة (سوزان مبارك).

وضلعه الثاني “الرئيس تحت التشطيب” (جمال مبارك).

والضلع الأخير “الغرفة السوداء” -التي لا يُعرف عنها إلا القليل- والتي كانت تضم عددًا محدودًا من السياسيين والمسؤولين الإعلاميين المعنيين بمشروع التوريث.

هذه الغرفة غير الرسمية، كانت تضم أسماء مهمة مثل: رجل الأعمال محمد كامل، وأحمد عز، ومفيد شهاب، وعماد الدين أديب، بجانب سوزان مبارك وجمال مبارك، وآخرين من أصدقاء جمال والمتحمسين له.

مهمة هذه الغرفة السوداء هي إدارة الصراع على الرئاسة من خلال سيناريو لنقل السلطة في حياة مبارك إلى نجله جمال، وسيناريو آخر لنقل السلطة إذا غاب الرئيس بموت الفجأة “اللحظة صفر”.

السيناريو الأول بنقل السلطة في حياة الأب إلى الابن كان يواجه عقبات كثيرة، أهمها عدم حماس مبارك نفسه لهذا السيناريو، لفترات طويلة، بسبب تخوفه من موقف الجيش غير المتحمس لفكرة توريث جمال، وموقف النخب القديمة داخل الحزب والنظام، الرافضة لشخص جمال مبارك والمجموعة المحيطة به.

أذكر يومًا قال لي كمال الشاذلي، جمال كان شابًا مهذبًا عندما بدأ ينخرط في العمل العام، فقد كان يقول لي ولصفوت الشريف ويوسف والي عندما يتحدث إلينا يا “أنكل” فلان، وبعد عام بدأ مَن حوله يطلبون منا أن نقف عند دخول جمال أي اجتماع، وبعد عام آخر بدأ هؤلاء يطلبون منا أن نقف في طابور أمام مدخل الغرفة كي نصافحه قبل دخوله الاجتماع، وبعد أن كان يقول لي يا “أنكل” كمال أصبح يقول يا كمال!!

هذه الرواية رغم بساطتها، فإنها كانت كاشفة لمرحلة التحول في شخصية جمال مبارك، من نجل الرئيس الذي يبحث عن دور في العمل العام، إلى مشروع رئيس تحت التشطيب يمارس صلاحيات الرئيس، قبل أن يُحسم الصراع لصالحه على مقعد الرئاسة.

والأهم في السيناريو الأول هو سيناريو دخول جمال مبارك دائرة المنافسة، سواء في حياة والده أو بعد وفاته، وهذا ما اقتضى ضرورة تعديل نص المادة 76 من الدستور لفتح باب الترشح من خارج البرلمان، الذي حاولت مجموعة جمال السيطرة على أغلبية الأعضاء فيه، خلال انتخابات عام 2000، إلا أن المحاولة فشلت، وثبت هذا بالدليل العملي، عندما ترشحت لرئاسة ووكالة المجلس، وحصلت على أكثر من ثلث الأصوات، وهذا أسقط الرهان على ترشح جمال عبر البرلمان.

وهذا ما دفع أسرة مبارك إلى الضغط عليه للقبول بتعديل الدستور، بعد أن قال للصحافة قبلها بأسابيع قليلة، إن التفكير في تعديل الدستور خيانة.

وفي الوقت الذي سيطرت فيه الغرفة السوداء على اختيار أعضاء الأمانة العامة للحزب، نص تعديل الدستور على أن يكون من بين شروط ترشيح الحزب، أن يكون المرشح عضوًا في الأمانة العامة، ومضى على عضويته أكثر من عام على الأقل.

وهذا النص -في ظل التبعية الكاملة للأمانة العامة لمجموعة جمال مبارك- نجح في استبعاد احتمالات تقدّم مرشحين أقوياء من داخل النظام، مثل عمر سليمان وأحمد شفيق وعمرو موسى، وغيرهم من الأسماء التي لم تكن أعضاء بالأمانة العامة.

السيناريو الثاني: هو وفاة مبارك أو غيابه قهريًا عن المشهد، وقد كشف لي أحد أعضاء لجنة السياسات، وسرّب لي صورة من السيناريو المكتوب، الذي توافقت عليه الغرفة السوداء، وملخصه الذي أنشره للمرة الأولى هو الآتي:

«الحدث الأول»

الحدث الأول: هو الإعلان عن غياب الرئيس! والمراسم الخاصة بسبب الغياب، التي تختلف في حالة الوفاة عن حالة التنحي أو العجز عن أداء الوظيفة.

وسيتضمن الإعلان الأول، تكليف الدكتور أحمد فتحي سرور -رئيس مجلس الشعب- بأعمال رئيس الجمهورية خلال المدة الدستورية لاختيار الرئيس الجديد وهي «قبل أسبوع من الـ60 يومًا بعد غياب الرئيس»، أي 53 يومًا سيتم اختزالها واقعيًا -إلى أقل من ذلك- وإذا كان المجلس منفضًا بنهاية الفصل التشريعي -وليس دور الانعقاد- سيتم اختيار المستشار ماهر عبد الواحد!! ليكون رئيسًا للجمهورية!! بصفته رئيس المحكمة الدستورية!! كل ذلك وفقًا لحكم المادة رقم 84 من الدستور. ويبقى احتمال تولي ماهر عبد الواحد قائمًا -أيضًا- وفقًا لنص المادة رقم 84، إذا كان الدكتور سرور مرشحًا للرئاسة، حتى لو كان المجلس في حالة انعقاد، فلا يجوز له تولي الرئاسة -مؤقتًا- طالما كان أحد المرشحين!!

 وهنا تبدو عدة إشكاليات دستورية وثانوية وواقعية خطيرة!!

أولى هذه الإشكاليات: أن تعديل الدستور، في 25 مايو/أيار 2005، تضمّن في المادة رقم 76، تشكيل لجنة للانتخابات الرئاسية، وتحدد أن يكون رئيسها -بنص الدستور- هو رئيس المحكمة الدستورية العليا، ولم ينتبه التعديل إلى أن المادة رقم 84 من الدستور ذاته، تجعل من رئيس المحكمة الدستورية رئيسًا -مؤقتًا- حال انفضاض مجلس الشعب أو ترشيح رئيسه للرئاسة«!!».

هذه الإشكالية يمكن التغلب عليها باعتبار أن تولي الرئاسة المؤقتة، شكل من أشكال موانع استمرار تولي ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة الدستورية لرئاسة لجنة الانتخابات، وهي الحالة المشار إليها ضمنًا في القانون 174 لسنة 2005، بتنظيم الانتخابات الرئاسية «المادة رقم 5» التي تنص على أنه في حالة وجود مانع لدى رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية يحل محله من يليه!! فمن الذي سيدير الانتخابات الرئاسية؟

وهنا يبرز اسم المستشار «عادل أندروس» -رئيس محكمة استئناف القاهرة الحالي والصديق المقرب للدكتور سرور- رئيسًا محتملًا للجنة الانتخابات الرئاسية، بدلًا من ماهر عبد الواحد الرئيس الحالي بنص الدستور، حال توليه الرئاسة مؤقتًا «!!» وهو الاحتمال الذي يواجه إشكاليات واقعية عديدة، من بينها قدرة عبد الواحد على القيام بمهام الرئاسة المؤقتة «صحيًا» على الأقل!!

«الحدث الثاني»

هو إعلان ماهر عبد الواحد، أو عادل أندراوس -حسب الأحوال- عن الدعوة لاجتماع فوري للجنة الانتخابات الرئاسية، يفضي إلى صدور قرار منها يُنشر في الجريدة الرسمية وصحيفتين يوميتين، بتحديد ميعاد بدء إجراءات انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية ويوم الانتخاب.

قرار لجنة الانتخابات الرئاسية، سيحدد موعد تلقي طلبات الترشيح خلال أسبوع من موعد غياب الرئيس، ولمدة خمسة أيام، يعقبها 48 ساعة، لتلقي الطعون والتنازلات وإعلان القائمة النهائية للمرشحين! في اليوم التالي مباشرة.

ستحدد اللجنة الانتخابية، مدة الدعاية الانتخابية للمرشحين، اعتبارًا من بدء الأسابيع الثلاثة السابقة على التاريخ المحدد للاقتراع وحتى قبل يومين من هذا التاريخ!! أي إن المدة الواقعية للدعاية للمرشحين ستكون -فقط- 18 يومًا لا غير«!!».

وهنا تبرز إشكاليات واقعية تعدم فرص المرشحين غير المتوقعين، أو المرشحين الجدد، حيث المدد الزمنية متلاحقة ومتلاصقة، بل إن بعضها يكاد يكون تكليفًا مستحيلًا!! بل هو المستحيل ذاته، مثال ذلك الآتي:

في حالة المرشح المستقل -وهي فرضية جدلية فقط- حيث يستحيل على أي مرشح مستقل أن يجمع 250 مؤيدًا لترشيحه من الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى وأعضاء المجالس المحلية للمحافظات على ألا يقل عدد أعضاء مجلس الشعب عن 65 و25 من الشورى وعشرة أعضاء -على الأقل- من المجالس المحلية في 14 محافظة!!

وإذا كانت هذه الشروط والأعداد وتوزيعها بذاتها، عملية مستحيلة التحقق، فيضاعف من هذه الاستحالة، ويحيل الأمر إلى عبث، أن يتم تخصيص أسبوع واحد!! لتقديم هذه الطلبات إلى لجنة الانتخابات!! بعد جمعها وتوثيقها«!!»

بل إن تحديد 18 يومًا -فقط- للدعاية الانتخابية للمرشحين غير المستقلين -مرشحي الأحزاب- يُفترض أن يمارسوا فيها الانتقال بين 25 محافظة، وآلاف المراكز والقرى، وكذلك إعداد المؤتمرات ومباشرة الدعاية التلفزيونية وغيرها.. هو أيضًا عبث وهزل لا يحدث في أي دولة بالعالم، ولدينا نماذج ماثلة في الذاكرة عن الحملات الانتخابية في أمريكا وفرنسا وغيرهما.

«الحدث الثالث»

هذا هو الحدث الأهم، وسيأتي مواكبًا، ومتوافقًا زمنيًا، مع بداية الإعلان عن فتح باب إجراءات الترشيح -وتحديدًا- خلال الـ48 ساعة التالية لغياب الرئيس، وربما أقلّ من هذا.

الحدث المقصود هو: اختيار مرشح الحزب الوطني الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، خلفًا للرئيس مبارك حال غيابه؟!

بطبيعة الحال فإن مسار هذا الحدث وأهميته، يختلفان باختلاف سبب الغياب، إذا كان التنحي مثلًا فسنكون أمام سيناريو مخطط سلفًا وبدقة، ولا مجال فيه لأي احتمالات للخروج عن النص الذي يكاد أن يكون شبه محسوم، وغالبا لصالح توريث جمال مبارك.

أما إذا كان سبب الغياب هو الوفاة -مثلًا- فيبقى هذا السيناريو مفتوحًا بدرجات متفاوتة لاحتمالات محدودة لمفاجآت، تبقى دائمًا واردة ومحتملة أبرزها الآتي:

 المفاجأة الكبرى

المفاجأة الكبرى التي قد تصدم الجميع، هي خروج مبكر ونهائي لأبرز الأسماء التي يدور حولها الجدل، كبدائل محتملة للرئيس، ومرشحين حكوميين موازين لمشروع توريث جمال!! وفقًا للسيناريوهات الشعبية، ونميمة الصحف والمقاهي!!

الأسماء التي سيكتشف الجميع استبعادها بنص الدستور، أبرزها: اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة!! والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع!! وكذلك بعض الأسماء «ذات الأصول العسكرية» التي ترددت شائعات حولها مثل وزير الطيران أحمد شفيق!! وغيرهم من الأسماء التي رشحتها تمنيات أو شائعات، مثل عمرو موسى أو كمال الجنزوري!!

سبب الاستبعاد الحتمي، والنهائي، للأسماء السابقة وغيرها، هو نص المادة 76 التي اشترطت -من بين شروطها- أن يكون مرشح الحزب «أي حزب» عضوًا بالأمانة العامة، بل اشترطت أيضًا -وهو الأخطر- أن تكون عضوية المرشح بالأمانة العامة سابقة بمدة لا تقل عن عام يسبق موعد الانتخابات الرئاسية!!

وبمراجعة كشوف الأمانة العامة للحزب الوطني، نجدها خالية من كل الأسماء التي تدور حولها الاحتمالات والشائعات والأمنيات أحيانًا.

ووفقًا للنموذج السوري والجزائري، قد يسأل البعض: وماذا يمكن أن يمنعهم وقت الاحتياج والضرورة من تعديل الدستور أو نص المادة 76 بإلغاء شرط اقتصار الترشيح على أعضاء الأمانة العامة مثلاً؟!

للأسف، إجابة السؤال قد تكون هي الأخرى صادمة!! فمن وضع السيناريو أحكم فصوله، وأغلق مثل هذه الثغرة المتوقعة عندما أجرى تعديلًا خاصًا على نص المادتين 82 و84 من الدستور، في استفتاء مارس 2007، جعل نص المادتين كالآتي:

المادة 82 تنص: «لا يجوز لمن ينوب عن الرئيس في حالة غيابه طلب تعديل الدستور»، كما تنص المادة 84 أيضًا: «في حالة خلوّ منصب الرئيس أو عجزه الدائم يتولى الرئاسة مؤقتًا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان منحلًا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا، بشرط التقيد بحظر طلب تعديل الدستور!!».
ما الحكمة من إضافة هذا الحظر الغريب علي نص هذه المادة تحديدًا عام 2007؟! إلا إذا كان استكمالًا لإغلاق الثغرات في مواجهة سيناريو التوريث لكي يكون أكثر إحكامًا.

إذَن فنحن أمام أعضاء الأمانة العامة للحزب ليكون أحدهم وهو مرشح الحزب الوطني وريثًا وخليفة للرئيس مبارك، ولا مفر من الإفلات من هذه القائمة المختارة برعاية فائقة ودقة تكاد تكون مضحكة.

من هم المنافسون من الداخل؟

قائمة المتنافسين على خلافة الرئيس من داخل الحزب الوطني تضم من يرغب في ترشيح نفسه من أعضاء الأمانة العامة، ويملك أغلبية للأصوات داخلها تؤيد ترشيحه«!!».

هذا هو الكلام النظري، لكن عمليًا لا ينطبق على هذه المواصفات غير الرئيس مبارك أو نجله جمال، لأن جميع أعضاء هذه الأمانة “غير منتخبين من أي جهة”، بل تم تعيينهم بعد اختيارهم من الرئيس ونجله!!

.. فمن هم؟

1- الرئيس حسني مبارك (80 عامًا) ولن يكون مرشحًا إما للاعتزال أو الوفاة.

2- جمال مبارك (46 عامًا) صاحب الدور الأوحد في السيناريو المخطط له.

3- يوسف والي (79 عامًا) وتم القضاء عليه حزبيًا وتهميشه وتجريحه إلي الحد الذي قد لا يحصل على حقوقه إذا تقدم للترشيح.

4- صفوت الشريف (76 عامًا) رغم أصوله العسكرية القديمة جدًا، فإن ظروفاً عديدة لا تجعله ممكنًا أن يكون ممثلًا للمؤسسة العسكرية أو رمزًا لها، وكذلك لتقدّم سنّه وعدم تمتعه بشعبية، بجانب قبوله دور الرجل الثاني بعد جمال في الحزب خلال السنوات ما بين 2002 و2008، مما أضعف فرصه في أن يُطرح اسمه منافسًا لجمال مبارك، خاصة بعد أن أعاد جمال تشكيل الأمانة العامة أكثر من مرة، لتكثيف وجود أغلبية له.

5- زكريا عزمي، هو الرقم الصعب الوحيد في المعادلة لارتباطه السابق بالمؤسسة العسكرية، ثم انتقاله في موقع مؤسسة الرئاسة الذي جعله قريب الصلة بالمؤسسة ومشرفًا على الحرس الجمهوري، فضلًا عن وجوده في المؤسسة التشريعية لأكثر من عقدين، محاولًا تقديم صورة الرجل الشعبي الذي لا تمنعه الوظيفة الرسمية من اتخاذ مواقف تتوافق مع المشاعر الجماهيرية في القضايا الثانوية.

وصعوبة رقم زكريا عزمي في المعادلة، ليس فقط لانتمائه إلى المؤسسة العسكرية «الحرس الجمهوري» وخبرته في السيطرة التي اكتسبها من خلال دوره في أحداث مايو 1971، بل لأنه يبدي حماسًا ظاهرًا لمشروع توريث جمال، ويكاد يكون الوحيد من مجموعة الحرس القديم (70 عامًا) الذي تمكّن من التكيف مع جمال ومجموعته، رغم خلافه مع أحمد عز وبعض المقربين من جمال.

إلا أن زكريا عزمي يبقى هو الوحيد، الذي كان لا يزال يحتفظ بقدر من الاتصال بالمؤسسة العسكرية، والعلاقات المتوازنة مع معظم المؤسسات الأخرى، وهو ما جعل البعض يتصور احتمال أن يتم الدفع باسمه في اللحظات الحرجة، كمرحلة انتقالية بين مبارك الأب ومبارك الابن، باعتباره أحد أركان نظام الأول وأيضًا أحد داعمي الأخير!!

يدعم هذا الرأي أيضًا وجود بعض الأعضاء بالأمانة العامة ينتمون شخصيًا إلى الدكتور زكريا عزمي، مثل:
6- سعيد الألفي: نائب سابق (53 عامًا) ورجل أعمال ورئيس لجمعية حماية المستهلك.

7- ماجد الشربيني: محام (51 عامًا) وعضو بمجلس الشورى، وأحد المقربين من مجموعة زكريا عزمي.

8- فضلًا عن وجود بعض الأسماء من بقايا المجموعة القديمة، التي قد تنحاز في اللحظات الحرجة ككتلة تصويتية حائرة إلى الحل الوسط أو المرحلة الانتقالية، وقد يكون الدكتور مفيد شهاب (70عامًا)، والدكتور محمد حسن الحفناوي (60 عامًا) من الأسماء المرشحة لمثل هذا الانحياز أو الاختيار، أيضًا محمد رجب، وربما الدكتور محمد عبد اللاه.

9- أما الدكتور محمود محيي الدين (45 عامًا) فهو وزير الاستثمار، ومن أبرز رموز مجموعة جمال مبارك، والوحيد الذي يجمع بين العمل السياسي والاقتصادي في مجموعة جمال، إلى الحد الذي يجعل البعض يرشحه لرئاسة وزراء أول حكومة في عهد جمال مبارك.

10- أحمد عز: رجل الأعمال الشهير ورئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان وأمين تنظيم الحزب (52 عامًا) وهو الذي نجح في إقصاء كمال الشاذلي، والحلول محله، حيث يؤدي دور قائد الجناح الخاص لجمال مبارك داخل الحزب، ومدير عمليات الحزب، وأحد أبرز الممولين لمشروع جمال مبارك. ورغم هذا كله، فلا يُخفي بعض المقربين من جمال مبارك مخاوفهم من طموحات أحمد عز من جانب، وإمكاناته المالية والذهنية من جانب آخر«!!»، بينما يراه البعض نقطة ضعف ومكسر عصا في مجموعة جمال مبارك!!

11- الدكتور علي الدين هلال (67 عامًا) أكثر المتشيعين لجمال مبارك، ويعتبر نفسه أستاذه وملهمه والمنظّر الأكاديمي لما يسمّونه الفكر الجديد.

12- محمد كمال: من الشباب المقرب لجمال مبارك، ومن مجموعة المساعدين الملتفين خلفه، وأمين التدريب (45 عامًا تقريبًا) ويسعى لخلافة دور الدكتور علي الدين هلال، وليس له طموح سياسي بعيدًا عن مشروع مبارك الابن.

13- الدكتور حسام بدراوي: نائب سابق بالبرلمان (59 عامًا) وأمين قطاع الأعمال، لديه قبول إعلامي، وهو من أشد أعداء الحرس القديم في الحزب والعسكريين، ومن أقرب المشجعين لمشروع جمال. ورغم مقومات الطموح لديه فإن طموحه الحقيقي يبدأ من لحظة صعود جمال مبارك، وبالتالي فهو لا يمثل خطرًا يُذكر على جمال.

14- مهندس محمد هيبة (في بدايات الخمسينيات) أمين شباب الحزب، وهو محدود الموهبة والطموح، ومن المقربين إلى جمال ورجاله.

15- الوزيرة عائشة عبد الهادي، لا يمكن اعتبارها إلا صوتًا في الكتلة التصويتية الحرجة التي ستحسم اختيارها وفقًا لاتجاه الأغلبية.

16- الدكتورة نادية مكرم عبيد: وزير البيئة الأسبق، وأحد الوجوه التي حرص جمال على ضمها بوصفها قبطية ووجهًا مقبولًا.

17- الدكتور إدوار غالي: رئيس هيئة قضايا الدولة الأسبق (80 عامًا) ورئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، وأحد الشخصيات القبطية المعيّنة بالمجلس لأكثر من مرة لعلاقته الوثيقة بالدكتور أحمد فتحي سرور، ويكاد يكون الصوت الوحيد الذي يتحرك بالتنسيق مع سرور داخل الأمانة العامة.

18- ثروت باسيلي: رجل أعمال قبطي، وكان مقربًا بشدة من البابا شنودة، ورئيس المجلس الملي، وحلقة وصل بهذه الصفة بين الطرفين، وسيصوت مع الأغلبية وغالبًا لصالح جمال.

19- رابح بسطا: أحد الأصوات داخل الأمانة العامة الذي ينطبق عليه ما سبق ذكره في حالة ثروت باسيلي.

20- يوسف بطرس غالي: وزير المالية، وأحد أقرب المقربين من جمال مبارك.

21- أنس الفقي: وزير الإعلام، وقائد الجناح الإعلامي في حملة جمال مبارك، وأحد المقربين من السيدة سوزان مبارك، وأحد الأضلاع المهمة في سيناريو ما بعد غياب الرئيس مبارك.

22- محمد أنيس: «فلاح» وضمن الكتلة التصويتية الحائرة التي ستنحاز في الاختيار إلى توازن القوى الذي يكشف الاستعراض السابق أنها تصب في صالح جمال مبارك دون غيره!! إلا حالة وقوع مفاجآت -واردة الحدوث- قد تقلب السحر على الساحر، ويأخذ السيناريو منحى مختلفًا عكس ما تشتهي السفن!!

«الحدث الرابع»

إذَن، فالحدث الرابع، سيكون اختيار مرشح الحزب الوطني، الذي سيكون -حسَب المعطيات السابقة في الغالب ووفقًا للسيناريو الموضوع لغياب الرئيس- هو نجل الرئيس!!

 من هم المنافسون من الخارج؟

سيناريو «غياب الرئيس» اعتمد على مرحلتين، الأولى: استبعاد أي منافسة حقيقية داخل الحزب الوطني، بالنص في الدستور على حظر الترشيح إلا لأعضاء الأمانة العامة، وكذلك حظر تعديل الدستور في المرحلة الانتقالية، مع وضع شرط أن تكون عضوية الأمانة قبل عام -على الأقل- من الانتخابات الرئاسية، حتى لا يتم الضغط لإضافة أحد الأسماء القوية المنافسة لجمال مبارك. في الوقت نفسه، أطلق الرئيس يد جمال مبارك في إعادة تشكيل الأمانة العامة، سواء باستبعاد الأسماء التي تختلف معه، أو بضم غيرها من الشخصيات المحسوبة بالكامل عليه والتي تستمد وجودها من نفوذه.

المرحلة الثانية: هي استبعاد المنافسة من خارج الحزب من خلال محورين.

المحور الأول: استبعاد المستقلين من خلال النص على شروط مستحيلة في مقدمة المادة 76 من الدستور.
المحور الثاني: استبعاد كل الأحزاب السياسية، باشتراط نسبة 5% في التعديل الأول للمادة 76 عام 2005 مع وضع استثناء لأول انتخابات فقط!! ثم النزول بالنسبة من 5% إلى 3% مع استثناء الأحزاب التي لها ممثل واحد بمجلس الشعب منتخب -على الأقل- لمدة عشر سنوات في تعديل مارس 2007.

ومع الأخذ في الاعتبار هذا الاستثناء الجديد، الذي يشترط لقبول أوراق مرشح عن أي حزب، أن يكون للحزب عضو منتخب واحد -على الأقل- في مجلس الشعب أو الشورى، نكون أمام ثلاثة مرشحين مفترضين، فقط لا غير:

الأول: مرشح عن حزب الغد، أيمن نور.

الثاني: مرشح عن حزب الوفد.

الثالث: مرشح عن حزب التجمع.

وذلك باعتبار أن الأحزاب الثلاثة هي -دون غيرها- التي نجح لها بالانتخاب في البرلمان عضو واحد على الأقل، وفقًا لنص المادة 76 من الدستور (تعديل مارس 2007).

ورغم هذا، تبقى الاحتمالات قائمة في عدم خوض حزب التجمع الانتخابات الرئاسية، عملًا واستمرارًا لموقفه في انتخابات 2005، وتبقى ظروف حزب الوفد وما تعرّض له -وكذلك الغد – ترشحه لمنافسة محدودة مع المرشح شبه الوحيد الذي سينصّبه ترشيحه من أمانة الحزب الحاكم!!

«الحدث الخامس»

ستُجرى الانتخابات الرئاسية في يوم واحد فقط، بعيدًا عن الرقابة القضائية، ووفقًا للآليات المعروفة، لتُنتج وريثًا انتقلت إليه السلطة عبر آليات مُدارة ومخططة مسبقًا، وبصورة وإخراج ديمقراطي معوّج، يقود مصر إلى مرحلة جديدة من الاختيارات المفروضة!!

 وأخيرًا..

 كل شيء أصبح مفضوحًا ومكشوفًا

ولا يحتاج إلى مزيد بيان.. والمؤسف أن هذه الجريمة كانت ستُرتكب في حق مصر باسم الدستور والتمسك بالشرعية والنصوص المقدسة«!!».

والحقيقة أنها نصوص جاءت سِفاحًا، لا تعبّر إلا عن إرادة التوريث الذي يتساوى أن يكون بالأبوّة أو بالدستور!!

هذا هو السيناريو الرسمي ليوم غياب الرئيس.

ولكن هناك سيناريوهات أخرى، ربما لا تكون رسمية بالقدْر ذاته، لكنها أكثر شعبية وقبولًا -ومقاربة- لوطن يحلم -وسيظل- بأن يختار بحرية من يحكمه!!

وأهمّها سيناريو قيام الثورة، الذي لم تعدّ أسرة مبارك العدّة له، وهو ما حدث في 25 يناير 2011.

المصدر : الجزيرة مباشر