رئيس البحرية التركية السابق يكتب لـ “الجزيرة مباشر”: هروب أمريكا والغرب.. وبقاء أوكرانيا في البئر!

جهاد يايجي

نزلت أوكرانيا في البئر بحبل أمريكا والغرب، وبقيت هناك ولم تستطع الخروج.

دعونا نقول الكلمة الأخيرة من البداية؛ نزلت أوكرانيا إلى البئر بحبل الولايات المتحدة والغرب، وهربوا بعد ذلك برمي الحبل في البئر، وبقيت أوكرانيا في البئر.

فالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا قامت بإجلاء عائلات الموظفين في البعثات الدبلوماسية، وقاموا بإجلاء عدد كبير من موظفيهم وجنودهم الموجودين في أوكرانيا.

لقد غادرت الولايات المتحدة الأمريكية أوكرانيا بتصريح واضح للغاية حيث قالت “يمكن غزو أوكرانيا في أي لحظة، ونحن نسحب جنودنا”، حتى أنها حددت موعدًا لذلك، كما يبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها؛ لا تريد مواجهة روسيا في احتلالها أوكرانيا، فلا يريد الحلفاء مواجهة روسيا، ولا يريدون الدخول في صراع معها، لقد ضحّوا بأوكرانيا.

الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكندا هي دول أعضاء في حلف الناتو، فسحبوا غالبية جنودهم ومسؤوليهم الدبلوماسيين، فالذين يقولون إنهم وقفوا مع أوكرانيا يقومون بإخلاء سفاراتهم وسحب جنودهم من هناك، علاوة على ذلك الولايات المتحدة الأمريكية أدلت ببيان قالت فيه: “نحن، بصفتنا الولايات المتحدة وحلفاءنا، وحلف الشمال الأطلسي، سيكون لنا ردة فعل إذا غزت روسيا أوكرانيا”، ولكن عندما تقول إننا سنرد، فتشرح نطاق الرد على أنه “دبلوماسي ورادع.” يعني أن الرد سيكون دبلوماسيًا ورادعًا، وبعبارة أخرى، أعلنوا صراحة أنهم لن ينفّذوا أي إجراءات عسكرية وأنهم لن ينخرطوا في النزاع، فلذلك نزلت أوكرانيا إلى البئر بحبل الولايات المتحدة والغرب وبقيت في البئر.

هذا في الواقع هو أحد أعراض اتفاق ضمني بين روسيا والغرب، وتم التضحية بأوكرانيا.

لا يمكن للدول التي تعاني من المشاكل الحدودية أو التي أراضيها محتلة أن تكون عضوًا في الناتو.

إذن، هل قضية عضوية أوكرانيا في الناتو، المنصوص عليها هدفًا في الدستور الأوكراني، هي سبب التدخل في أوكرانيا؟ وهل هذا كله يمكن أن يتحقق في ظل الظروف الحالية؟

اللعب لصالح روسيا

الذين قيّموا انضمام أوكرانيا إلى الناتو إما أنهم ليسوا على علم بحلف الناتو، أو أنهم يعرفون ذلك، ولكن لعبوا عمدًا لصالح روسيا من خلال التظاهر بأن هناك احتمالًا لأن تصير أوكرانيا عضوًا في الناتو، لأنه وفقًا لمعاهدة الناتو “لا يمكن للدول التي تعاني من مشاكل حدودية أو أراض محتلة أن تكون أعضاء في الناتو”، وبعبارة أخرى، لا يمكن لأوكرانيا، التي تقول إن أراضيها في شبه جزيرة القرم تحت الاحتلال، ولا جورجيا التي تقول إن أراضيها في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية تحت الاحتلال، أن تكون عضوًا في الناتو في ظل هذه الظروف، لأنه بمجرد أن تصير عضوًا في الناتو، يُجبر الناتو تلقائيًا على الدخول في الحرب، وفقًا للمادة 5 من معاهدة الناتو، والتي تتضمن بند “الكل من أجل واحد”، لذلك لا يمكن لدول مثل أوكرانيا وجورجيا أن تصير أعضاء في الناتو ما دامت أراضيها تحت الاحتلال أو ما لم تتنازل عنها.

الغرض السائد لاتفاقية مونترو هو منع روسيا من الوصول إلى الجنوب.

أولًا وقبل كل شيء، دعنا نقول: هل كانت روسيا في الواقع وراء أولئك الذين كانوا يتحدثون عن اتفاقية مونترو حتى اليوم؟ أم كانت الولايات المتحدة الأمريكية؟ أم الغرب؟ الجواب عن هذا السؤال يكمن في الواقع في هذه الأيام، لماذا؟ لأن القضية التي كانت تلفق بتركيا حتى الآن هي أن اتفاقية مونترو كانت لصالح روسيا، وليس لصالح الغرب، مرة أخرى الجهات نفسها؛ تشير إلى أنه في حالة حدوث أزمة ستنتهك الولايات المتحدة والغرب أحكام اتفاقية مونترو التي تقيد دخول السفن الحربية إلى البحر الأسود من حيث العدد والنوع والطن والوقت، ونتيجة هذا الانتهاك سيمارس الضغط على تركيا، وأن اتفاقية مونترو هي المفتاح التركي للمضايق ضد الولايات المتحدة والغرب، ومع ذلك، منذ البداية، كنت أقول عكس ذلك، أي أن الهدف المهم لاتفاقية مونترو هو الحد من دخول روسيا إلى البحر الأسود، البحر الدافئ الوحيد بسواحلها، وبالتالي الحد من نقل القوة من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط ​​والمحيط الأطلسي من خلال إنتاج السفن، نظرًا لاتفاقية مونترو، لا تستطيع روسيا إنتاج حاملات طائرات وغواصات في البحر الأسود، لأنه إذا فعلت ذلك، فسيكون لها هناك قاعدات، ولن يكون من الممكن إرسالها إلى البحار الأخرى.

الآن لننظر ماذا حدث في المرحلة التي وصلنا إليها؟ كان يقال إن الولايات المتحدة ستحشد قواتها في غرب البحر الأسود. أين هذه السفن؟ هل هناك سفينة واحدة؟ الآن أين سفن الولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا في البحر الأسود؟ علاوة على ذلك، إن الولايات المتحدة الآن تقول، “يجب تنفيذ أحكام اتفاقية مونترو وإغلاق المضائق التركية في وجه روسيا”، وهذا يعني أن اتفاقية مونترو كانت مدعومة بالفعل من قبل الغرب، ولو لم يكن الأمر كذلك، لكانوا قد طالبوا بإلغائها إلى الآن، لأنه من بين الدول الموقعة والتي لها الحق في إنهاء الاتفاقية؛ هناك أوكرانيا وروسيا ودول تحت تأثير الولايات المتحدة وهي جورجيا ورومانيا وبلغاريا واليونان وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا. لا أحد من هذه الدول يريد إنهاء هذه الاتفاقية. فتضمن التوازن الثنائي في البحر الأسود:

  • الحد من توسع روسيا جنوبًا.
  • ومنع الدول غير المشاطئة من دخول البحر الأسود.

نقطة مهمة للغاية

من ناحية أخرى، البحر الأسود هو بحر ضيق للغاية، فلن تترك أي دولة عاقلة أيًا من سفنها الثمينة في تلك المساحة الضيقة حيث يمكن أن تكون هدفًا سهلًا في حالة الأزمات والتوتر والحرب. هل تستطيع تركيا إغلاق المضيق التركي أمام السفن الحربية الروسية وفق اتفاقية مونترو؟ وهل يجب إغلاقه؟

حاليًا هناك أزمة بين أوكرانيا وروسيا ولم تتحول إلى حرب، لذلك في إطار أحكام الاتفاقية لا يوجد موقف من الأطراف أو الدول الأخرى يتطلب إغلاق ممر المضيق التركي، ولكن عندما يتعلق الأمر بإعلان الحرب، فالمادة 19 من اتفاقية مونترو؛ عندما لا تكون تركيا طرفًا في الحرب أو ليست في وضع قريب من الحرب، (كما هو في الوضع الحالي، حيث أنها ليست طرفًا في الحرب ولا تشعر بالتهديد بالحرب، لأن هذه المشكلة هي بين أوكرانيا وروسيا)، تنص على عدم وجود عائق أمام مرور السفن الحربية للدول الأخرى، باستثناء سفن الدول المتحاربة، بمعنى آخر إذا اندلعت حرب بين أوكرانيا وروسيا، فلا يمكن للسفن الحربية الروسية والأوكرانية المرور عبر المضيق التركي، وفقًا للمادة 19 من الاتفاقية، فروسيا من الآن تسحب بعض سفنها من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى البحر الأسود وتأخذ هذه الحقيقة في عين الاهتمام، ومن المحتمل أن يكون هناك صراع وحرب، فبمجرد اندلاعها ستكون هذه السفن في البحر الأسود، لأن تركيا في هذه الحالة لن تسمح لسفن الأطراف المتحاربة بالمرور عبر مضيقها.

لكن هناك نقطة مهمة للغاية، حيث يمكن للسفن التي غادرت قواعد وطنها قبل الحرب أن تعود مرة أخرى إلى قواعدها الأصلية، وبعبارة أخرى، يمكن للسفن البحرية الروسية التي غادرت البحر الأسود قبل الحرب أن تعود إلى البحر الأسود، بما في ذلك الغواصات التي ذهبت للصيانة والإصلاح، ولكن روسيا أو أي دولة أخرى لا يمكنها أخذ أي غواصة أو حاملة طائرات غير متمركزة في البحر الأسود وتمريرها عبر المضيق، فلا يمكن تمريرها بأي شكل من الأشكال. باختصار، يتعين على تركيا ألا تسمح للدول المتحاربة المرور عبر المضيق، ولن تسمح بذلك، ولكن يسمح لهم بالعودة إلى قواعدهم الأصلية.

إن أحكام اتفاقية مونترو واضحة. فتركيا، يتعين عليها استخدام السلطة الممنوحة لها في إطار أحكام هذه الاتفاقية والقيام بما يجب، وإذا لم يحصل هذا فإن اتفاقية مونترو ستكون باطلة.

المصدر : الجزيرة مباشر