“أنا قادم أيها الضوء”.. رحل الصحفي المثابر محمد أبو الغيط

الصحفي المصري محمد أبو الغيط

كأنه كان يعرف أنه قد حان الرحيل، وأنه لن يستمر طويلا، وأن الوقت بالنسبة له قد انقضى، وأنه لابد من أن يستعد للرحيل في أي لحظة، وعليه أن يترك أثرا يبقى لمن عاشوا معه ولمن سيأتون من بعده، ويذكر الجميع بتجربة ثرية لصحفي شاب حمل بين جنبيه روح المقاتل، وعزيمة المثابر، وحكمة المتأمل.

فمن طبيب يداوي الجروح وآلام المرضى، إلى كاتب وصحفي يداوي الفكرة ويعالج الباطل بكلمة حق، عبر مداد قلم لم ينقطع إلا بمماته، كانت رحلة الزميل الصحفي محمد أبو الغيط.

…………………….

بعد صراع طويل ومعركة شرسة مع المرض، وعن 34 عاما، رحل الطبيب والكاتب الصحفي الشاب محمد أبو الغيط، أحد أبرز أبناء جيله من الصحفيين، خاصة في مجال الصحافة الاستقصائية.

عانى محمد أبو الغيط مرارة الغربة وآلامها بعيدا عن وطنه وأهله وذويه إجبارا وليس اختيارا، ضريبة لكلمة حق لا يعرف سواه. وأضيفت إلى آلام الغربة آلام المرض العضال.

………

كان محمد أبو المغيط صاحب مسيرة مهنية صحفية وإعلامية تتجاوز آثارها سنوات عمره القصيرة.

حصد أبو الغيط العشرات من الجوائز الصحفية، خاصة في مجال الصحافة الاستقصائية، التي كان من بين أبرز كتابها في مصر والوطن العربي.

محمد أبو الغيط كان مرآة عاكسة لمرارات يعاني منها كثيرون خاصة أولئك الذين لا يملكون إلا قلما يعبر عن فكرة. ورغم أن هذه الفكرة لا تحيد عن الحق، فإنها لم تُرض آخرين، فأبوا إلا أن يُمعنوا في التنكيل بأصحابها، ويسلبوهم حق العودة إلى أوطانهم.

…………………….

قبل شهور من وفاته، كانت آخر أمنياته وهو يعلم أن خطواته في هذه الدنيا أصبحت معدودة، أن يجد من يساعد على الإفراج عن والد زوجته إسراء شهاب، ذلك الشيخ السبعيني، مناديا كل من له عنده لحظة ودّ أن يساعد على ذلك؛ حتى لا تجتمع على زوجته فجيعتان جديدتان بعد وفاة أمها؛ فجيعتها في زوجها، وفجيعتها في فقد والدها.

…………..

كتاب “أنا قادم أيها الضوء”.. هو آخر ما كتب الصحفي الشاب محمد أبو الغيط، وفيه يحكي جوانب مختلفة متنوعة من ضروب الحياة التي سار فيها خلال رحلة عاشها بين عمله طبيبا يداوي الجروح والمرضى في المستشفيات، وعمله صحفيا وكاتبا يداوي الفكرة والكلمة بمداد قلم لم يتوقف إلا عندما أسلم روحه إلى بارئها بعد معاناة مع المرض ومعاناة مع الغربة القسرية.

المصدر : الجزيرة مباشر