كأس العالم.. عيون العالم وقلوب العرب في ليلة قطرية تاريخية

استاذ البيت

 

عندما تشير الساعة إلى الخامسة و40 دقيقة بعد مغرب هذا اليوم بتوقيت مكة المكرمة والدوحة سيتوقف العالم وتتوقف عقارب الساعة وهي تنظر إلى شاطئ الخليج العربي، هناك حيث تتطلع كل العيون في أرجاء المعمورة إلى الافتتاح الذي ينتظره الملايين بل المليارات كل أربع سنوات..

إنه افتتاح البطولة الأولى في المنطقة العربية والشرق لكأس العالم لكرة القدم في نسختها الجديدة. لا يتوقف هذا الترقب والانتظار على من يعشقون الرياضة الأشهر في العالم -كرة القدم- بل ينتظر الجميع ماذا سيفعل العرب وقطر في أول حدث رياضي بهذا الحجم؟

نعم الجميع ينتظر، ورغم كل الاستعدادات التي تابعها العالم عبر مجموعة قنوات بي إن سبورت، هذه القنوات التي تمتلكها قطر أيضا، وكانت المفاجأة هي إطلاق مجموعة جديدة خاصة فقط بالبطولة الكبرى. منذ أيام وعشاق نجوم العالم يتابعون وصول النجوم وتجوالهم في الدوحة وتدريبات الفرق الرياضية..

كل هذا على الهواء مباشرة، كما عودتنا هذه الدولة في مفاجآتها السعيدة من خلال البث الحي على قنوات شبكة الجزيرة (خاصة العربية والإنجليزية ومباشر)، والتي صارت منذ إطلاقها تحتل مكانا متميزا بين القنوات العالمية.

الحدث الأهم للساحرة المستديرة

إذن هو الحدث الأكبر لكل محبي كرة القدم وكذلك المتابعون لها في بقاع العالم المختلفة، بينما الوضع هكذا للعالم فإن كل قلوب العرب متعلقة في ذات التوقيت بمشاهدة النسخة العربية لكأس العالم.

يا لها من فرحة لكل القلوب المحبة لأمتها العربية ولكل نجاح عربي، والذي بدأت بشائره منذ أن طلعت علينا المشاهد من كل أنحاء العاصمة القطرية العربية الدوحة. إن الطبعة العربية الموجودة هناك في كل شارع وطريق يسعد قلوب العرب ويجعلهم يتفاخرون بتقديم تلك النسخة التي يتوقع الجميع أن تكون هي الأجمل عن كل النسخ السابقة في البطولة الذهبية وهي النسخة الثانية والعشرون من البطولة التي بدأت في عام 1930 في أوروغواي.

تتعلق قلوبنا باستاد البيت بمدينة الخور، الذي يحتضن مبارة الافتتاح، وهي ضمن خمس مدن قطرية تقام بها مباريات البطولة، ونحن نشعر بالسعادة والفخر لكل ما فعلته قطر على مدار السنوات العشر منذ أن تم اختيارها لتنظيم البطولة الكبرى في تاريخ كرة القدم.

تلك السمات التي تعكس ثقافتنا العربية والإسلامية، وتلك التيمة التي اختيرت لتعبر عن ثقافة الدولة المضيفة قطر وتراثها العربي، وتلك اللوحات التي تعكس الثقافة الإسلامية ومقاصدها النبيلة، الواقع أننا نعيش فرحا عربيا سيظل في أذهاننا وعقولنا أعواما بل تاريخا طويلا.

ما زالت ذاكرتنا الرياضية تحمل بعضا من ذكريات مشاركتنا العربية في البطولة التي تأخذ العقول حيث تكون، ما زلنا نتذكر المشاركة المصرية الأولى -وندونها في التاريخ- في البطولة الأولى، نتذكر مشاركات منتخب تونس والجزائر والمغرب والعراق والسعودية، و لكل منا ذكريات لا تنسى عن تلك المشاركات ونجومها من محمد لطيف إلى طارق زياد، والأخضر بلومي وعزيز بودربالة، وطاهر أبو زيد، ونجمنا الحاصل مؤخرا على جائزة الجماهير كأحسن لاعب في العالم محمد صلاح.

اليوم ومع بداية كاس العالم في نسختها العربية في قطر هناك أربع فرق عربية تشارك في المونديال العالمي: قطر الدولة المضيفة، والعربية السعودية، والمغرب، وتونس. والشعوب العربية رغم محبتها لفرق عالمية كبيرة كنجوم السامبا البرازيل وعشقهم للأداء البرازيلي، وتشجيع الكثير منهم لفرق كالأرجنتين منذ تعلقنا بنجمها الكبير مارادونا والفريق الألماني الذي لا يهدا، والبرتغال بحيويتها وانتمائها لطابع أمريكا الجنوبية رغم أوربيتها، الإ أننا جميعا نصبح مشجعين للفرق العربية في كل مبارياتها، وللفريق القطري في هذه البطولة خصوصية مضافة إذ يضم بين لاعبيه عدد ممن ينتمون إلى أصول عربية أخرى كالسودان، العراق، الجزائر ومصر.

تاريخ من الذكريات والنجوم

مع بداية المباريات التي تستهل اليوم بمباراة قطر والإكوادور وعلى مدار 28 يوما يتذكر كل منا أول بطولة تابعها أو شاهدها ونجوما كانوا هم مسار حديث العالم، هناك الأجيال التي ما زالت تتذكر بطولات الجوهرة السوداء بيليه أسطورة كرة القدم الذ ساهم في حصول البرازيل على الكأس في ثلاثة أعوام: 1958، 1962، 1970.

وهناك من يتذكر يوهان كوريف الأسطورة الهولندية، وهذا الثعلب الإيطالي باولو روسي الذي خرج من السجن عام 1982 ليقود منتخب إيطاليا إلى البطولة ويحرز لقب الهداف، وزيكو وسقراطس وفالكاو   من البرازيل الذين امتعوا العالم كرويا في ذات العام، ولكنهم خسروا البطولة، وماريو كمبس من الأرجنتين ورومنغيه اللاعب الألماني، ثم تظهر الأسطورة الثانية في كرة القدم دييغو مارادونا الذي صنع بهجة كرة القدم في الثمانينيات، ونجوم آخرون أمتعوا جمهور كرة القدم قبل دخولنا القرن الحادي والعشرين وظهور نخبة من أجيال كرة القدم التي قدمت فنونا كروية لا يزال  يتمتع بها عشاق الكرة المستديرة.

النجاح الكبير لقطر والذي تبدو ملامحه ظاهرة ويتجلى اليوم ويستمر  -بمشيئة الله- إلى المباراة الختامية في 18ديسمبر القادم سيفتح آفاقاً جديدة أمام قطر وكل الدول العربية.

قطر بهذه البطولة تؤكد أن العرب قادرون على النجاح والإبداع في عالم يقوده العلم والإرادة والإدارة، ويجعلنا جميعا كأمة عربية تقف وبقوة خلف دولتنا العربية في هذا الحدث العالمي الرياضي الذي يتكرر مرة كل أربع سنوات.

المصدر : الجزيرة مباشر