جولة رئيس كوريا الجنوبية بالمنطقة.. ماذا تستهدف؟!

رئيس كوريا الجنوبية

يقوم رئيس كوريا الجنوبية حاليا -الذي تنتهي ولايته في شهر مارس القادم ولا يحق له الترشح مرة أخرى- بجولة بالمنطقة العربية، شملت الإمارات والسعودية ومصر، تسعى لتقليل العجز التجاري مع العرب الذي بلغ 30 مليار دولار عام 2020.

ففي عام 2020 احتلت كوريا الجنوبية المركز التاسع بالتجارة السلعية الدولية، والمركز السابع في الصادرات السلعية الدولية. ومنذ عام 1998 بعد الأزمة المالية التي تعرضت لها دول جنوب شرق آسيا حينذاك، وكوريا الجنوبية تحقق فائضا تجاريا سلعيا في تجارتها مع العالم، وذلك بقيمة كبيرة تخطت مائة مليار دولار في بعض السنوات.

وفي عام 2020 حققت كوريا الجنوبية فائضا بلغ 82 مليار دولار، بل إنها كانت من الدول القليلة التي حققت فائضا تجاريا في تجارتها مع الصين بلغ حوالي 24 مليار دولار، وكذلك الولايات المتحدة بحوالي 17 مليار دولار، ومع الهند وإنجلترا والمكسيك وفيتنام وهونغ كونغ وسنغافورة والفلبين وتايلند وكندا وتركيا وغيرها.

لكن عدم إنتاجها للنفط ونسبة اكتفائها الذاتي المتدنية في الغاز الطبيعي، قد أديا بها إلى عجز تجاري مع الدول المنتجة للطاقة، سواء الدول العربية أو غيرها مثل روسيا وأستراليا، حيث بلغت قيمة صادراتها للدول العربية 13.4 مليار دولار، مقابل واردات بلغت 43.7 مليار دولار ليصل العجز التجاري مع العرب 30.3 مليار دولار.

وتسببت واردات النفط والغاز في وجود دول عربية بقائمة الدول العشرين ذات الواردات العليا إلى كوريا الجنوبية؛ حيث احتلت السعودية المركز السابع وقطر الثاني عشر، والكويت السابع عشر والإمارات الثامن عشر والعراق الثالث والعشرين، ومن هنا فقط حققت كوريا الجنوبية عجزا تجاريا مع تسع دول عربية، أبرزها السعودية والإمارات والعراق والجزائر وقطر وسلطنة عمان والكويت.

أعلى فائض مع العرب بمصر

وفي المقابل حققت فائضا تجاريا مع بقية الدول العربية كان أعلاه مع مصر؛ إذ تخطى مليار دولار. وتختلف البيانات المصرية عن البيانات الكورية الجنوبية حول قيمة التجارة بين البلدين خلال عام 2020، حيث تذكر البيانات الكورية أن قيمة الصادرات المصرية إليها بلغت 346 مليون دولار، في حين بلغ الرقم حسب البيانات المصرية المعدّلة 677 مليون دولار، وربما كان السبب رغبة المصدرين في الحصول على الدعم التصديري الذي يأخذ شكل نسبة من قيمة الصادرات.

وبالنظر إلى تاريخ العلاقات التجارية بين مصر وكوريا الجنوبية حسب البيانات المصرية، نجد تدنيًا في قيمة الصادرات المصرية بالمقارنة مع كبر حجم الواردات، ففي عام 2016 كانت قيمة الصادرات المصرية 26 مليون دولار، وفي عام 2015 كانت 41 مليون دولار، وفي عام 2017 بلغت 50 مليون دولار.

وعلى الجانب الآخر كانت قيمة الواردات من كوريا الجنوبية تتخطى مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة، بل إنها تجاوزت مليارَي دولار خلال أربع سنوات من السنوات العشر الأخيرة، ومن هنا تدنت نسبة تغطية الصادرات المصرية إلى الواردات من كوريا الجنوبية إلى 1% فقط عام 2016، وأقل من 2% عام 2015 وأقل من 2.5% عام 2017.

وخلال عام 2020 وحسب البيانات المصرية احتلت الصادرات إلى كوريا الجنوبية، بعد تعديلها من 450 إلى 677 مليون دولار، المركز الحادي عشر بقائمة الصادرات المصرية، كما احتلت الواردات من كوريا الجنوبية المركز الثامن عشر بالواردات المصرية، لتحتل التجارة مع كوريا المركز السادس عشر بين دول التجارة الخارجية المصرية.

أما البيانات الكورية الجنوبية فقد أشارت إلى احتلال مصر المركز الحادي والأربعين بقائمة الصادرات الكورية، والمركز الحادي والستين بقائمة الواردات الكورية، وبمقارنة مركز مصر في تجارة كوريا الجنوبية مع الدول العربية، فقد جاءت مصر بالمركز السابع بعد السعودية والإمارات وقطر والكويت والعراق وسلطنة عمان.

  المشتقات تشكل غالب الصادرات المصرية إلى كوريا

وتركزت الصادرات المصرية إلى كوريا الجنوبية عام 2020 في زيوت النفط بنسبة 91% من الإجمالي، إلى جانب قيمة قليلة لنفايات صناعة الأغذية التي تستعمل أغذية للحيوانات بنسبة 4%، ومصنوعات من حجر وإسمنت بنسبة 2% والألومنيوم ومصنوعاته بنسبة 1%.

أما واردات مصر من كوريا الجنوبية فقد توزعت بين السيارات وأجزائها بنسبة 21%، والأجهزة وأجزائها 15% والبلاستيك ومصنوعاته 15%، والحديد ومصنوعاته 8% والمنتجات الكيماوية 8% وأجهزة البصريات والتصوير وأجزائها 6%، والمطاط ومصنوعاته 2% والمنتجات الصيدلية 1% والشعيرات التركيبية والاصطناعية 1%.

وفي الشهور العشرة الأولى من العام الماضي وهى آخر بيانات متاحة من قبل جهاز الإحصاء المصري، بلغت قيمة الصادرات المصرية 560 مليون دولار بانخفاض بنسبة 9% عن نفس الشهور من عام 2020 الذي شهد ذروة تداعيات فيروس كورنا، بينما بلغت قيمة الواردات من كوريا الجنوبية خلال تلك الشهور العشرة 1.358 مليار دولار، لتصل نسبة تغطية الصادرات للواردات 41% وتبلغ قيمة العجز التجاري 798 مليون دولار.

ونظرا إلى تراجع قيمة الواردات المصرية من كوريا الجنوبية خلال السنوات الست الأخيرة، بعد أن بلغت 2.7 مليار دولار عام 2016، ثم تراجعت إلى حوالي 1.2 مليار دولار عام 2020، يسعى الرئيس الكوري الجنوبي للاتفاق مع مصر على عقد اتفاقية تجارة حرة، بحيث تدخل السلع الكورية مصر دون جمركة.

وستكون هذه الاتفاقية في حالة تنفيذها الأولى من نوعها لمصر مع الدول الآسيوية، حيث ترتبط مصر بعدة اتفاقيات تجارة حرة مع المنطقة العربية والأوربية وأمريكا الجنوبية وشرق وجنوب أفريقيا.

وتعد التجارة السلعية أبرز أشكال التبادل الاقتصادي بين مصر وكوريا الجنوبية من بين 17 مجالا للتعاون، منها السياحة وخدمات النقل والتحويلات المالية والاستثمار المباشر وغير المباشر وخدمات التشييد والخدمات الثقافية وغيرها، حيث استحوذت التجارة السلعية على نسبة 67% من إجمالي قيمة صور التبادل الاقتصادي، وتوزعت باقي النسب بين باقي الأنشطة.

فائض اقتصادي كوري مستمر مع مصر

وخلال العام المالي 2019/2020 بلغت قيمة المتحصلات المصرية من كافة صور التبادل الاقتصادي مع كوريا الجنوبية 451 مليون دولار، بينما بلغت قيمة المدفوعات التي دفعتها مصر لكوريا الجنوبية 1.855 مليار دولار، بعجز 1.404 مليار دولار. ومن بين مجالات التبادل الاقتصادي السبعة عشر حققت مصر فائضا محدودا في ثلاث مجالات فقط، هي تحويلات العمالة حيث زادت قيمة تحويلات العمالة المصرية بكوريا إلى مصر، عن قيمة تحويلات العمالة الكورية بمصر إلى كوريا بفائض بلغ 4 ملايين دولار، والاستثمار الأجنبي المباشر بفائض بلغ 16 مليون دولار وكذلك بالمبالغ الواردة إلى السفارات والهيئات الدولية بمصر.

وقد شهدت مجالات التبادل التجاري عجزا مصريا، أكبره بمجال التجارة السلعية بقيمة 1.3 مليار دولار، وعجزا بقيمة 18 مليون دولار بمجال خدمات النقل رغم احتواء متحصلات خدمات النقل على عوائد مرور السفن الكورية بقناة السويس، كما زادت مدفوعات سياحة المصريين بكوريا الجنوبية عن مدفوعات السياح الكوريين بمصر.

وباستعراض المتحصلات والمدفوعات بين مصر وكوريا الجنوبية منذ العام المالي 2004/2005 وحتى 2019/2020 أي خلال 16 عاما، نجد أن هناك عجزا مصريا متواصلا، حتى إن نسبة تغطية المتحصلات المصرية إلى المدفوعات إلى كوريا بلغت أقل من 6% و9% و11% في عدد من السنوات، وكانت أعلى نسبة تغطية 42% بعام واحد في حين قلت النسبة عن الثلاثين بالمئة في 14 عاما.

ولهذا سعت كوريا الجنوبية مؤخرا لوضع مصر على قائمة الدول ذات الأولوية في الحصول على مساعدات إنمائية كورية بين عامي 2021 و2025، من صندوق التعاون للتنمية الاقتصادية الكوري، في مسعى واضح لاستخدام المعونات لتوسيع الأسواق، بعد استيراد مصر لقطارات لمترو الأنفاق من كوريا، وقيام شركات كورية بإنشاء محطة تكرير بترول مصرية، لاقتناص مزيد من الفرص بمجالات السيارات الكهربية وتحلية مياه البحر، والطاقة المتجددة وتحويل السفن للعمل بالغاز الطبيعي وغيرها من المجالات الاقتصادية.

المصدر : الجزيرة مباشر