فتاوى هدم البيوت!

هي قنابل موقوتة يطلق الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق ستؤدي لهدم البيوت حتى وإن لم يكن في نيته هذا!

فقد فوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بانتشار بعض فتاوى للمفتي السابق نُشرت في أحد المواقع، أعلن فيها أنه يجوز للمرأة الامتناع عن خدمة زوجها وأولادها، كما يحق لها أن تطالب بأجر عن إرضاعها لأولادها.

وقال إن الزوجة لا تتزوج لكي تصبح خادمة، بل جاءت لمؤانسة زوجها وعليه نفقتها وجلب خادمة لها، وأن خدمتها لزوجها تأتي من باب التفضل.

ورغم أن هذه الفتاوى نشرها أحد المواقع، فتاوى مجمعة جاءت في تواريخ سابقة وفى لقاءات تلفزيونية مختلفة وخطب للمفتي السابق، بعضها قاله عام 2014 وبعضها عام 2020، إلا أنه تم استقبال هذه الفتاوى باستغراب شديد في ظل ظروف صعبة يعاني منها الشباب والأسر المصرية، حيث الظروف الاقتصادية وعزوف الشباب عن الزواج بسبب التكاليف الباهظة، وزيادة معدلات الطلاق لتصل نسبتها لأعداد رهيبة تنذر بكارثة في مجتمع حتى سنوات قليلة ماضية كان الطلاق يعد مشكلة كبيرة في وسط الأسر.

الزواج ليس فراشاً

نعم يا مولانا المفتي الزوجة ليست خادمة ولكن من المعاشرة بالمعروف خدمة زوجها طوعاً وليس كرهاً، وطاعة المرأة لزوجها واجبة بالمعروف وعصيانها عصيان في الشرع، فالعلاقة الزوجية ليست فراشاً فقط وإنما معاشرة كاملة بالمعروف، ويُراد بالمعاشرة التعامل والسلوك والتعاون بين الزوجين بالعدل والرحمة والتسامح. وفى فتاواك تلك جعلت دور المرأة ينحصر في الفراش فقط! فأين دور المرأة في التربية وخدمة زوجها وأولادها؟ حتى الرضاعة فقد ظهر طبياً أن الرضاعة الطبيعية تقي المرأة والطفل أمراضاً كثيرة وأصبحت الدعوة في الغرب للرضاعة الطبيعية تلقى تجاوباً كبيراً بين النساء.

لقد جعلت يا مولانا في فتاواك المرأة عندما تعمل في بيت زوجها وتساعده هو وأولادها حتى في الرضاعة يكون بأجر، قد يكون ما تقوله موجود في الفقه عند بعض العلماء، ولكن أنت بتلك الفتاوى تسهم في خراب البيوت، ولا تختلف فتاواك عما تبثه بعض النساء اللاتي يبحثن عن الشهرة مثل من تدعي أنها كاتبة وإعلامية دينا أنور، وربيبتها الإعلامية ياسمين الخطيب والكاتبة فاطمة ناعوت، والمذيعة رضوى الشربيني، ومن قبلهن الدكتورة نوال السعداوي، فهن حسب رؤية الجميع يدعين لخراب البيوت وهدمها بتلك الأفكار الغريبة التي ينشرنها ويرددنها ليلاً ونهاراً في برامجهن وفى مقالاتهن وكتبهن الخاوية، وأنت يا مولانا بدلاً من ردعهن وبيان أن هذه الأمور رفاهية في مجتمع يعاني بشدة تسهم معهن في هدم البيوت وهي بالفعل آيلة للسقوط، لتكون فتاواك هي المعول الذي يهدمها تماماً ويقوّض أساسها.

ألا تذكر لهم يا فضيلة المفتي أن فاطمة الزهراء بنت رسول الله -سيدة نساء العالمين- شكت ما تلقى يداها من الرَحَى وسألت أباها خادماً فدلها على خيرٍ من ذلك، وهو ذكر الله تعالى.

ألا تذكر لهم يا مولانا أن المرأة في عهد النبوة كانت تخدم زوجها كما كانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما تفعل مع زوجها الصحابي الزبير بن العوام، حيث تعلف فرسه وتكفيه مؤنته وتسوسه وتدق النوى له وتعلفه وتستقي الماء وتعجن وتنقل النوى على رأسها .

ارتفاع حالات الطلاق

ألا تعلم يا فضيلة المفتي السابق أن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري دق ناقوس الخطر بتقرير حديث نشره وكشف فيه ارتفاع نسب الطلاق في مصر بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، وجاء في التقرير أن حالات الطلاق وصلت إلى حوالي 213 ألف حالة عام 2020 بواقع حالة كل دقيقتين، الأمر الذي يؤكد أن هذه الظاهرة زادت في السنوات الأخيرة وتمثل تهديداً للواقع الاجتماعي في مصر.

ومن أهم أسباب زيادة نسب الطلاق أيضاً ارتفاع أعباء الزواج بحيث تكون الديون هي الطريقة لإكمال الزواج وينتهي الأمر إلى تراكم الديون والعجز عن سدادها ويتم الانفصال، ما جعل الشباب لا يريد الزواج، كما أن البطالة أحد الأسباب الهامة أمام عزوف الشباب عن الزواج، وارتفاع نسب الطلاق حيث لا يجد الشباب مصادر دخل مناسبة ويكون الانفصال هو الحل بالنسبة للطرفين.

ويبلغ عدد المطلقات في مصر 2.5 مليون مطلقة بسبب عدم الفهم الصحيح للزواج ومعنى العائلة، فمعظم من يتزوج يكون السبب إشباع غريزة أو عاطفة أو واجهة اجتماعية، ومجرد أن يتم الزواج يحدث صراع القوة في السنة الأولى وكل طرف يريد أن يفرض سيطرته على الآخر دون استيعاب الطرف الآخر.

وشهدت الفترة الأخيرة في مصر والمجتمعات العربية عموماً تفاقم ظاهرة الطلاق، حيث أصبحنا نسمع يومياً عن حالات طلاق أزواج حديثين، فلم يعد مقتصراً على حديثي الزواج بل أنه صار أول الحلول المستخدمة للتعامل مع المشاكل الزوجية، وتسجل مصر 24 حالة طلاق مقابل 100 حالة زواج يومياً.

والسؤال هنا لماذا هذه الفتاوى وهل في التماهي مع دور المدافعين عن المرأة وأزمة حقوق المرأة نضلل الناس بهذه الفتاوى، هل النساء الغربيات اللاتي تريدون من نسائنا الاقتداء بهن لا يخدمن في منازلهن؟ وهل توجد في منازلهن خادمات وخدم وما إلى ذلك؟ أم أن الغرض هو الفتنة والحديث عن حقوق للمرأة بغرض الفرقعة وليس النظر على أرض الواقع الذي يعيشه معظم الناس أم أن هذه الفتاوى لطائفة معينة؟!

المصدر : الجزيرة مباشر