مقاطعة الرئيس المأزوم

اقتربت مقاطعة المنتجات الفرنسية من إتمام عامها الأول، حيث تبنتها الشعوب الإسلامية قبل 333 يوما، ردا على تعمد الرئيس ماكرون وحكومته الإساءة إلى مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال نشر الرسوم المسيئة إلى شخصه الكريم، وإمعانا في اللدد والفجور في الخصومة صرح ماكرون بأن الإسلام نفسه يعاني من أزمة!

ومن بعدها توالت الأزمات على رأس ماكرون حتى استحق لقب الرئيس المأزوم، وإن حلت المقاطعة في مرتبة ثانية في قائمة أزمات ماكرون الكبرى، فإحقاقا للحق يُعتبر أحد أهم نجاح المقاطعة واستمرارها، من خلال القرارات التي يتخذها ضد حرية المسلمين في فرنسا، ووقوفه ضد المسلمين وتطلعاتهم في كل مكان له فيه قدم، وتصريحاته المستفزة ضد الإسلام كديانة يؤمن بها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وهي الديانة الثانية في بلده !

ومع خسارة مشروعه في ليبيا من خلال الاستثمار في دعم الجنرال المتمرد خليفة حفتر، وفشله في استنساخ حفتر جديد في بنشير، بعد هزيمة فتاه المدلل أحمد مسعود الصغير، وقعت على رأسه طامة اقتصادية كبرى حيث ألغت أستراليا صفقة شراء غواصات كانت عقدتها مع فرنسا في 2016 تزيد قيمتها عن خمسين مليار دولار، واستبدل بها غواصات أمريكية حديثة، وهو ما عبرت عنه حكومة فرنسا بأنه طعنة في الظهر، ثم تلتها الطعنة الثانية من داخل البيت الأوربي حيث ألغت سويسرا صفقة شراء طائرات فرنسية، وتبعتها بريطانيا التي ألغت صفقة شراء 100 مليون جرعة لقاح كوفيد 19 من شركة فالنيفا الفرنسية.

تبيض وجه فرنسا

وفي محاولة لتبيض وجه فرنسا، ومداعبة عواطف الناخبين، لجأ ماكرون إلى تكريم الحركيين الجزائريين، مما أثار عليه موجة سخط عند المعارضين ، ونكأ جروحا عند الجزائريين، لأن الاحتفاء بالحركيين والسعي إلى تعويضهم فيه تكريم للطائفة التي خانت الجزائر، وبدلا من الانضمام إلى جيش التحرير قاتلوا في صفوف الفرنسيين، ولطخوا أيديهم بدماء شهداء الجزائر الأبرار، وبعد جلاء الاحتلال الفرنسي لم تأخذ فرنسا من الحركيين إلا فئة محدودة، كعادة الغزاة مع من يعاونهم على احتلال أرضه وشعبه، وقد رأينا ذلك عيانا بعد جلاء الأمريكان عن أفغانستان، واكتظاظ مطار كابل بالآلاف من “المتعاونين” الذين يرغبون في الرحيل مع المحتل !

تركت فرنسا الحركيين في الجزائر بعد أن جردتهم من السلاح، ومَن حملته إلى فرنسا وضعته في سجون أو أماكن احتجاز ومعسكرات لجوء بالغة السوء، واستمروا في ظروف معيشية بائسة وحياة تعيسة، ولم تلتفت لهم الحكومات المتعاقبة في العقود السابقة حتى فتح ملفهم الرئيس الأسبق “هولاند”، والآن تحت لافتة الدعاية الانتخابية يعتذر إليهم ماكرون ويعدهم بالتعويض!

يعتذر لجزائريين قاتلوا أهلهم مع فرنسا، ولم يعتذر عن الاحتلال الذي دام 132 سنة، قدمت فيها الجزائر ملايين الشهداء، ولم يعتذر عن ما حدث في 8 من مايو/أيار 1945 بمدينة سطيف وقالمة وخَرَاطَة، من مجازر راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد دفعة واحدة!

البصمة القذرة

ولما يئست فرنسا من البقاء، وأيقنت بالرحيل سارعت إلى إجراء تجاربها النووية، لتترك آخر بصماتها القذرة على الأرض الطيبة، التي مازالت الأجيال تعاني من آثارها حتى الآن، كيف ستبرر هذه الجريمة التي ارتكبتها ضد الإنسانية؟

ما فعله ماكرون جعل نشطاء وسائل التواصل يعيدون نشر قول علامة الجزائر والإمام الثائر البشير الإبراهيمي رحمه الله: فرنسا هي عدو اليوم والأمس والمستقبل!

نحن نؤمن أن شؤم معاداة رسول اللهﷺ سيحل بماكرون ومن معه، وهي من سنن الله التي لا تتخلف،

ونرى ما يؤكد عقيدتنا في ذلك في قال الله تعالى (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)

وقوله جل وعز: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ.)

الأبتر هو الأقطع، مقطوع الذِكر والأثر، ممحوق البركة، شقي الدنيا وتعيس الآخرة.

وبعيدا عن عقيدتنا نحن، فهل يدرك الشعب الفرنسي شؤم قرارات وتوجهات ماكرون على فرنسا ومستقبل شعبها، وهل سيحسم الأمر في انتخابات أبريل القادمة، ويلحق ماكرون بصنوه ترمب، ويضاف إلى قائمة رؤساء الدورة الواحدة؟ سنرى… والأيام بيننا.

المصدر : الجزيرة مباشر