برأس فيل وجسد إنسان: الهندوس يحتفلون اليوم بالإله الأكثر شهرة!

جانيشا

يحتفل الهندوس في جميع انحاء العالم بعيد ميلاد اللورد (جانيشا) الذي يوافق الجمعة 10 سبتمبر/أيلول، من خلال احتفال هندوسي كبير يقام لمدة عشرة أيام وهذا الاحتفال يسمي (جانيشا تشاتورثي) ويصادف عادة شهري أغسطس/آب وسبتمبر من كل عام وفقًا للتقويم القمري في الشهر الهندوسي.

أسطورة جانيشا

في المثيولوجبا الهندية فان جانيشا هو ابن الاله شيفا وبارفاتي، هو واحد من أكثر المعبودات أهمية وأكثرها شهرة وهو الإله الهندوسي الذي يحمل رأس فيل، وجسد انسان، وأربع أيد، حيث تحمل كل يد منهم شيئًا رمزيًا كزهرة اللوتس.

وتروي الأسطورة كيف أن بارفاتي صنعته من معجون الكركم الذي كانت تضعه على جسدها اثناء الاستحمام وبثت فيه الحياة ليكون ابنًا مخلصا وحارسًا لها نظرًا لعدم وجود أحد لحراستها لأن اللورد شيفا كان يذهب للتأمل علي جبل كايلاش لفترات طويله ويتركها وحيدة. وطلبت من جانيشا حراسة مدخل باب غرفتها أثناء استحمامها ومنع أي أحد من الدخول عليها.

في هذه الأثناء عاد اللورد شيفا وأراد الدخول، فمنعه جانيشا مما أغضب شيفا الذي لم يعتد أن تُعصى أوامره وقام بقطع رأسه، وعندما علمت بارفاتي بموت جانيشا حزنت حزنًا شديدًا وظلت تبكي أمام جسده.

فأمر شيفا أتباعه أن يأتوا له برأس أول مخلوق يمر من أمامهم، وتصادف مرور فيل، فقاموا بقطع رأسه، ووضعوها على جسد جانيشا، وأعاد شيفا إليه الحياة من جديد وأعلنه ابنا له أيضًا ومزيداً لإسترضاء وتهدئة زوجته وعدها أن ابنها سوف يعبد أولاً قبل كل الآلهة.

تبدو هذه القصة للوهلة الأولي وغيرها من الأساطير المتعلقة باللورد جانيشا واحدة من الحكايات الطريفة التي تُروي للأطفال قبل النوم.

لكن القصة بالنسبة للهندوس ليست مجرد أسطورة بل لها رمزية كبيرة تعبر عن الالتزام بالواجب.

فعندما طلبت بارفاتي من جانيشا أن يقف حراسة على باب غرفتها أثناء استحمامها، ورفض جانيشا السماح لأبيه، اللورد شيفا بالدخول، اختار مواجهة غضب اللورد شيفا بدلاً من الإستسلام والسماح له بالدخول، ليمثل رمزاً للقيام بالواجب على الرغم من العواقب.

لذلك فإن الهندوس يؤمنون باللورد جانيشا كإله للحكمة والبدايات الجديدة ويقدمون له الصلوات قبل أي عمل جديد يريدون القيام به، للحصول على بركته وحتى لا يواجهوا أي عقبات في إنجازه لاحقاً.

 طقوس المهرجان

ويحتفلون بعيد مولده كل عام لإحياء ذكري خلقه من خلال سلسلة من الطقوس تبدأ بقيام كل أسرة بشراء تمثال لجانيشا هذا التمثال يكون مصنوعًا من الطين خصيصًا لهذه المناسبة ليتم وضعه في المنزل، طوال الأيام العشر وهي مدة الاحتفال، اعتقادًا منهم أنه سيزيل جميع العوائق التي قد تصادفهم. وعلي الرغم من وجود تماثيل أخرى لجانيشا مصنوعة من المعادن والأخشاب إلا أن التماثيل في هذا المهرجان تكون مصنوعة خصيصًا من الطين.

ويتبع بعد ذلك باقي الطقوس التقليدية، كالاستحمام، وارتداء الملابس النظيفة، ثم تلاوة الصلاوات، وترديد الترانيم لاستحضار الحياة في المعبود، ووضع القرابين أمام التمثال كالزهور، النقود، الملابس الجديدة والحلوى وخاصة حلوي “الموداك” (زلابية مصنوعة من طحين الأرز ومحشوة بجوز الهند مقلية أو مطهوة علي البخار) وهي الحلوي المفضلة للورد جانيشا، ويتم توزيعها أثناء فترة الاحتفال على الجميع.

ومن ضمن الطقوس فى هذا الاحتفال عدم النظر إلى القمر فى الليلة الأولى، لأنه يعتبر فألاً سيئاً، فوفقا للأساطير أن إله القمر ” شاندرا” والذي كان وسيماً جداً ودائما ما يفتخر بمظهره، قام بإبداء بعض التعليقات الساخرة حول شكل جانيشا قائلاً “إن جانيشا لديه بطن كبير ورأس فيل”.

عندما سمع جانيشا هذا الكلام قرر معاقبة شاندرا حتى يدرك خطأه وألا يكون مغرورا متغطرساً بعد ذلك، لذلك لعنه اللورد جانيشا بأنه لن يعبد أحد القمر بعد اليوم وأن أي شخص سينظر إلى القمر سوف يواجه إدعاءات كاذبة وسيتورط في شيء ما.

عندما سمع شاندرا بهذه العقوبة، خشي أن يفقد وجوده مع الوقت فقام بالاعتذار لجانيشا حتي يسترضيه ويزيل عنه العقوبة.

وفى النهاية قرر جانيشا إزالة العقوبة عنه ولكن بشرط واحد وهو ألا ينظر الناس إلى القمر فى الليلة الأولى من المهرجان حتى لا يتعرضوا للإدعاءات الكاذبة.

كما تزين المعابد المكرسة لعبادة اللورد جانيشا بالورود والأنوار حيث يذهب الناس إليها للصلاة ونيل البركة .

وهذا الاحتفال من الاحتفالات المثمرة جدًا للحرفيين الذين يعملون باجتهاد وحرص قبل أشهر من الاحتفال لصنع نماذج فنية مختلفة من تماثيل جانيشا ذات أشكال وأحجام وألوان مختلفة لتناسب جميع الاماكن والمساحات.

 موكب وداع جانيشا

ولا يتوقف الاحتفال عند هذا الحد ففي اليوم الحادي عشر “يوم وداع جانيشا” يقام موكب كبير مصحوبًا بقرع الطبول والغناء التعبدي والرقص ويخرج الناس من منازلهم ومعهم أطفالهم مرتدين الملابس الهندية التقليدية بكثير من الحماس والابتهاج حاملين معهم تماثيلهم متجهين إلى الأنهار أو البحار ايهما أقرب لغمر التماثيل في الماء قبل غروب الشمس، ويقال إن هذا الطقس يرمز إلى مغادرة المعبود عائدًا إلى موطنه في جبل كايلاش آخذا معه كل أنواع المحن والعلل والويلات.

ثم يعود الجميع إلى منازلهم منتظرين عاماً أخر لعودة جانيشا مرة أخرى.

 

المصدر : الجزيرة مباشر