بسبب اللاجئين الأفغان المعارضة تفتح النار على أردوغان!

أردوغان

ما كادت المعارضة التركية تعيد ملف اللاجئين السوريين للواجهة سياسيا وإعلاميا، وتوظيفه لإثارة الناخبين الأتراك ضد سياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم، متهمة إياه بفتح الباب على مصراعيه لاستقبالهم، وتوفير حياة كريمة لهم متجاهلا مواطنيه، حتى برزت على الساحة مشكلة اللاجئين الأفغان الذين يتزايد يوميا عدد من يتدفقون منهم إلى الأراضي التركية عبر نقاط الحدود المشتركة مع إيران، التي يبدو أنها تغض الطرف عنهم، بل وتمنحهم الفرصة كاملة للفرار إلى الداخل التركي دون أن تتدخل لمنعهم أو بذل أي جهد للتصدي لهم.

لتجد المعارضة في هذا الحدث فرصة ذهبية تمكنها من تكثيف هجومها على حزب العدالة والتنمية، الذي ينتهج -وفق وجهة نظرها- سياسات خاطئة في هذا الملف، تنعكس سلبا على أصحاب البلد الحقيقيين، ليس فقط فيما يخص حياتهم المعيشية، وما يعانونه من بطالة وغلاء وأزمات اقتصادية واجتماعية، لكن الأمر بات يتخطى ذلك إلى تهديد الأمن القومي التركي. الأمر الذي يبعث على القلق جراء ما يمكن أن تسببه سياسة فتح الباب دون ضابط أو رابط لاستقبال اللاجئين من تأثيرات على ديموغرافية التركيبة السكانية لتركيا مستقبلا، بعد أن تحولت البلاد إلى مخيم للاجئين، وفق رؤيتهم.

هذه المخاوف من جانب أحزاب المعارضة، وتصديرها بصورة مكثفة للمواطنين، خلقت حالة من عدم تقبل الآخر، والقبول بمبدأ وجود لاجئين أيا كانت جنسياتهم على الأراضي التركية، الأمر الذي تسبب في حالة من العدوانية الشديدة تجاه الأجانب داخل تركيا، حيث تعرض بعضهم للاعتداء والتنمر في المناطق الشعبية تحديدا، بعد أن سلطت وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على ممارسات وتصرفات قام بها عدد من رؤساء البلديات التي تديرها المعارضة تجاه اللاجئين لديهم، وصفت بالعنصرية.

فيما أشارت بعض استطلاعات الرأي التي قام بها عدد من مراكز الأبحاث أن 9.1% فقط من الأتراك يؤيدون سياسة العدالة والتنمية لاستقبال اللاجئين من جانب انساني، فيما أعربت النسبة الباقية عن رفضها لهذا الأمر لأسباب مختلفة.

الحركة القومية يتخلى لأول مرة عن حليفه العدالة والتنمية

ما تتداوله المعارضة حول طبيعة اللاجئين الأفغان، وأنهم ليسوا نساء وأطفالا أو كبارا في السن، وتوصيفهم بأنهم شباب مقاتلون، حتى أن بعضهم وصل إلى تركيا مرتديا زيه العسكري، جعل حزب الحركة القومية ينتهج منهجا مخالفا لمنهج حليفه العدالة والتنمية من هذه المسألة، مفضلا هذه المرة أن يسلك مسلكا مغايرا لما جرت عليه العادة، إذ وجه دولت بهشلي زعيم الحزب انتقادات حادة للسماح بهجرة اللاجئين الأفغان إلى تركيا، معتبرا ذلك نوعا من الغزو الذي ستنعكس آثاره السلبية على الهيكل الديموغرافي للبلاد، مطالبا بضرورة القيام بإجراء بحوث ديموغرافية لما ستؤول إليه الأمور بعد 50 أو 100 عام من الآن.

وذلك بعد أن ارتفع عدد الأفغان الذين يفرون من بلادهم بنسبة تصل إلى حوالي 50%، ووصل عددهم في تركيا حتى الآن إلى 500 ألف لاجئا فيما تتوقع المعارضة أن تستقبل تركيا حوالي 6 ملايين ونصف المليون من اللاجئين الأفغان خلال الأشهر القليلة المقبلة، في ظل تقارير إعلامية تركية تشير إلى وصول ما بين خمسمئة وألف مهاجر أفغاني إلى الأراضي التركية بصورة يومية، منذ يوليو/تموز الماضي، وهو ما يفوق حجم اللاجئين السوريين في تركيا، الذين يصل عددهم إلى حوالي 4 ملايين لاجئ.

وإمعانا في إثارة المواطنين الأتراك ضد سياسات حزب العدالة والتنمية المرتبطة بذلك الملف، صعد حزب الشعب الجمهوري من نبرة هجومه، واصفا اللاجئين السوريين والأفغان بالـ”متشردين “، محذرا من التورط في اتفاقية جديدة مع الاتحاد الأوربي تخص اللاجئين الأفغان، كما سبق أن حدث مع اللاجئين السوريين، متوعدا بمحاسبة أردوغان وحزبه بسبب الأزمة التي تسببوا فيها للبلاد بتعاملهم الخاطئ مع تلك القضية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، مدعيا أن الأتراك فقدوا الشعور بالأمن والأمان سواء على أرواحهم أو ممتلكاتهم، متهما العدالة والتنمية نفسه بأنه أصبح يشكل مشكلة أمن قومي على تركيا شعبا وأرضا، مجددا دعوته إلى الاحتكام لرأي الشعب عبر دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة لحسم هذه القضية وغيرها من القضايا العالقة بين الحزب الحاكم وجميع أحزاب المعارضة، بل ومحذرا الولايات المتحدة من أنه لن يعترف بتلك الاتفاقية حال وصوله إلى السلطة.

التصريحات العنصرية للمسؤولين في المعارضة التركية لم تتوقف رغم النفي الدائم من جانب العدالة والتنمية لها وللأخبار التي تبثها وسائل إعلامها ليلا ونهارا، سواء تلك الخاصة بعدد الأفغان الذين وصلوا إلى تركيا، أو ما يتحدث منها عن عقد صفقة مع الولايات المتحدة تتعلق باللاجئين الأفغان، والاتفاق مع بريطانيا لإنشاء مخيمات تأوي عددا من هؤلاء اللاجئين الذين لن تستطيع واشنطن استقبالهم كونهم غير مؤهلين لدخول الأراضي الأمريكية في الوقت الراهن، مؤكدا على لسان قيادته ومسؤوليه أن التطورات الأخيرة على الساحة الأفغانية، وما أصبح يعانيه الشعب هناك يثير القلق، ويجعل من مد يد العون ومساعدتهم أمرا إنسانيا لا مناص منه، رغم الهجوم الذي يتعرض له الحزب من خلال خطاب شعبوي تتبناه المعارضة، هدفه الوحيد هو إثارة الجماهير وترويع الأمنين سعيا وراء تحقيق حلم الفوز في الانتخابات.

رد العدالة والتنمية

العدالة والتنمية اتهم المعارضة بالعنصرية واستغلال معاناة إنسانية لتحقيق مكاسب سياسية، رافضا ما يثار حول أن سياساته الخارجية تتوافق تماما ومصالح كل من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن ما يحركه هو الشعور بالمسؤولية تجاه أخوه في الإنسانية وجيران يواجهون ظروفا قاسية، تستوجب مساعدتهم والوقوف إلى جوارهم، خصوصا وأن بلاده أصبح لديها خبرة في التعامل مع مثل هذه الأزمات بعد مرور عشر سنوات على استقبالها للاجئين السوريين، مطالبا الجميع بضرورة عدم توظيف ذلك الملف في الدعايات الانتخابية، والتعامل معه بنوع من الإنسانية والرأفة، خصوصا وأن هذا التعامل يتم مع مدنيين يبحثون عن مأوى للحفاظ على أرواحهم، وتأمينا لمستقبل أبنائهم.

ولم يغلق الملف بعد.

المصدر : الجزيرة مباشر