تحرير القدس بين قلق الأمم المتحدة وبيانات الأعراب

لا تقلق أنت على القدس فيكفى قلق الأمم المتحدة ومجلس الأمن فقلقهما عميق وحالتهما النفسية تحتاج لعلاج من فرط الشعور بالمسؤولية والإحساس المرهف وأعلنتا عن تحمل جميع مصاريف علاج الضمير الإنساني الذى تأذى هو الآخر مما يحدث ليس للفلسطينيين -حتى لا تفهم خطأً- بل من الفلسطينيين، ولا تدري الأمم المتحدة ما هو السبيل كي يكف هؤلاء عن المقاومة وقد باعهم العرب والعجم ويقومون بالدعم والتنسيق الكامل والشامل مع الإسرائيليين المسالمين الطيبين!!

هل تريد قرارات من الأمم المتحدة ومجلس أمنها؟

ألم يكفك قرار مجلس الأمن رقم 242 سنة 1967م والذي أعرب عن القلق، إذ بدأ بالآتي “إن مجلس الأمن يعبر عن قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطير في الشرق الأوسط”.

ألم يكفك أن القرار نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي أحتلت في النزاع الأخير؟

ولا عليك بأنه حذف (أل) التعريف من الأراضي في النص الإنجليزي ليظل العرب في معركة -لا مؤاخذة- التفسير بين التعريف والتنكير هل هى الأراضي أم أراضٍ والفرق بينهما كبير والأمر جد خطير!

أما الاعتراف في القرار ضمناً بإسرائيل واعتبار قضية فلسطين هي مشكلة لاجئين؛ فقد جاء في الفقرة ب من المادة الثانية “تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين”، ولا تسألن عن تفسير التسوية العادلة فإنما المقصود بها يتراوح بين التسوية على نار ملتهبة أم هادئة.

ألم يكفك أيها المتحامل القرار 252 لسنة 1968م الذي يدين أى تغيير فى هوية القدس الحضارية والسكانية ويعتبره غير شرعي ولا يثبت بالتقادم!

ألم يكفك القرار 452 لسنة 1979م الذي يدين الاستيطان غير الشرعي فى الضفة الغربية بما فيها القدس!

ألم يُرح قلبك ويثلج صدرك القرار 478 لسنة 1980م الذى أدان إعلان القدس عاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني!

ألم يقوموا بالتطبيع الشامل والكامل مع الصهاينة إلى حد التنسيق الأمني طلباً للسلام وبحثاً عن الرفاهية

ماذا تريد من الأمم المتحدة؟ هل تصدر قرارات وتقوم بالتنفيذ! أم أنك من هؤلاء المتطرفين الذين يرون أن هذه القرارات هي تنفيس لغضب الشعوب واستنزافاً للطاقة وتفريغاً لها وسعياً وراء سراب يحسبه المغدور واقعاً حتى إذا أتاه لم يجده شيئاً ووجد عدوه قد ابتلع أرضه.

ماذا تريد من الأمم المتحدة وغير المتحدة فحكام العرب يقاتلون قتال الأحرار ويجاهدون جهاد الأبرار ويدافعون عن العرض والأرض والإنسان!

ألم يقوموا بالتطبيع الشامل والكامل مع الصهاينة إلى حد التنسيق الأمني طلباً للسلام وبحثاً عن الرفاهية والرخاء! ألم يعتبروا جهاد البيانات هو ذروة سنام الإسلام فيصدرونها عالية مدوية في الآفاق!

ألم تقرأ لبعضهم يوماً أن ما يحدث من هدم البيوت وحرق المزارع يؤذى الضمير الإنساني؟ ولا تسأل عما هو الضمير الإنساني ولا كيف يؤذي ولا عن كيفية علاجه؟

ألم تقرأ لبعضهم أننا نهيب بالعالم الحر أن يتحرك لأجل هذه القضية العادلة؟ وإياك أن يوسوس لك الشيطان بالسؤال عما هو “العالم الحر” ولا كيف يتحرك؟

هل تنكر أنك قرأت بياناً آخر يعلن أن المؤسسات الدولية أصبحت على المحك وننتظر منها مواقف تليق بها؟ ولا تبحث في القاموس المحيط أو مختار الصحاح عن معنى المحك فتضيع الوقت ويفوتك البيان الأكثر روعة الذي يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة إزاء ما يحدث، ولن أنبهك مجدداً إلى عدم إعمال عقلك فى معنى المجتمع الدولي ولا مسؤولياته الكاملة.

لكن ربما استوقفك البيان الذي يدين ما يحدث “بأشد عبارات الإدانة” وقمت بالتصفيق الحاد مع أنه لم يفصح عن ماهيتها.

وماذا ستقول لك نفسك في بيان وزير خارجية عربي جار للكيان الصهيوني أن هذه الإجراءات الإسرائيلية مقلقة للغاية، أو قول آخر أشد قرباً لهم “إن إسرائيل بهذه الإجراءات تلعب بالنار”.

وإياك أن تسأله فبماذا أنت تلعب؟ ولا تسأل في زحمة الأحداث عن المخنثين الذين كانوا يقولون إن الفلسطينيين باعوا أرضهم لأنهم لا يخجلون من أنفسهم وهم يشاهدون المرأة الفلسطينية المرابطة المجاهدة الثائرة العفيفة الشريفة وهى تواجه أولياءهم من بنى صهيون فحذاؤها أشرف منهم، ولا يستحون إذ يشاهدون الطفل الفلسطيني وهو يواجه قوات الاحتلال فهو أكثر رجولة من ألف واحد من هؤلاء الذين فقدوا معانى الشرف والكرامة.

لماذا تذهب نفسك حسرات على أحزاب ومؤسسات إسلامية جُل همها تدبيج البيانات وكلما كان البيان أشد حِدةً أحسٌوا أنهم أحرزوا انتصاراً ساحقاً ماحقاً على العدو في ميدان الوغى وهم يزحفون بكتائب الواتس والزووم والتليغرام وقد وقاهم ما أصدروا وخز الضمير وجنبهم حرارة الانفعال وخفٌض لهم ضغط دم الكرامة.

لا أمل في الحكام الذين باعوا أنفسهم للشيطان وكل أملهم أن يستيقظوا فلا يجدوا شيئاً اسمه القدس

ربما تسألني هل ثائر أم ساخر؟ مُؤَمٌل أم آيس؟

أنا آيس من كل عميل خؤون مهما لبس من المسوح، أنا آيس ممن يؤمل في العملاء ويأتمن الخونة وينتظر العون ممن يتربص به كيد المنون.

لا أمل في الحكام الذين باعوا أنفسهم للشيطان وكل أملهم أن يستيقظوا فلا يجدوا شيئاً اسمه القدس ولا آذاناً يُرفع من مسجد اسمه الأقصى ولا أرضاً تسمى فلسطين ولا شعباً عاش فيها ولها وروى ترابها بدمائه.

لا أَمَلَ في الأكالين على موائد القضية المتربحين من الصراع الخوانين بالليل والنهار.

الأمل في الله أولاً ثم في تلك الطائفة الظاهرة على الحق التي لا يضرها من خالفها ولاما أصابها من المرابطة في تلك الأرض الطاهرة أو المناصرة أو المنتصرة لها بحق في كل مكان.

الأمل في الشعوب -وليس الحكومات- التي لا يزال يتدفق في شرايينها دم الإسلام.

ألا فأعيدوا تثويرها لتتدفق في الشوارع والميادين تهتف كما كانت باسم القدس وفلسطين ليشق هتافها عنان السماء وتتوق وتتأهب ليوم اللقاء.

الأمل في الشرفاء المقاطعين للأعداء المخاصمين للمطبعين سواء منهم العملاء أو الجهلاء أو البلهاء.

ثم دعوتي التي أطلقتها غير مرة لفصائل المقاومة الحقيقية بالتنسيق بينها ثم عمل تنسيقية عليا تجمع كل المؤسسات والهيئات والمنظمات العاملة للقدس وفلسطين في الداخل والخارج لتوحيد جهودها وترشيد أنشطتها وتأطير فعالياتها ووضع استراتيجية عليا لها لتؤتي ثمارها بدلاً من بعثرة جهودها.

(وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ)

المصدر : الجزيرة مباشر