فلسطين.. إذ تمتلك أدوات توازن الصراع!!

كثيرا ما كتبت وحلمت بجيل جديد يمتلك أدوات إعادة التوازن لمعادلات الصراع التي كانت دائما محسومة لصالح المستبد الفاسد الوجه الأخر  للمحتل الغاصب، و كان في مخيلتي أدوات الصراع السياسي السلمي، والتي لم  تكن محددة وواضحة بدرجة كافية، لكن الواقع والتجربة يؤكدان أننا بحاجة  للخروج  بل الهروب من النفق المظلم التي حفرته أنظمة الاستبداد وحددت فيه  قواعد المرور والحركة لتكون فيها الخصم والحكم، ثم تهدم النفق أو تغلق كل أبوابه ومنافذه وقتما شاءت، لنعيد الكرة مرة أخرى، وهكذا مسلسل التكرار والإهدار الذي أصاب الغالبية باليأس والملل  والحيرة والخلل.

نعم الربيع العربي فتح بعض الأبواب لكن سرعان ما انهدم النفق أو أغلق بأيدينا التي أوجدت مساحات وفراغات تمددت فيها الثورة المضادة ليعود الاستبداد بوجه الحقيقي، هو وجه الاحتلال الغاشم لكل مؤسسات ومقدرات وثروات الدولة والشعب، ضف إلى ذلك المشروع الصهيوني الأمريكي بأدوات عربية خاصة وإعلان صفقة القرن ويهودية الدولة وتهويد القدس وأخيرا  اقتحام الأقصى ومحاولات التهجير القسري لسكان حي الشيخ جراح المقدسي، ثم معركة القرن بين الكيان الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا وعربيا من جهة، والشعب الفلسطيني كل الشعب الفلسطيني ومن خلفه الشعوب العربية والإسلامية وكل  أحرار العالم من جهة أخرى، وليس كما يروج البعض أن المعركة بين إسرائيل الدولة وحماس المقاومة!

امتلكت المقاومة مقومات إعادة التوازن في معادلات الصراع، من “وفرة المعلومات”

نعم امتلك شعب فلسطين المجاهد أدوات إعادة التوازن لمعادلة الصراع بل ربما قلبها لصالحه، عندما نجح كل مربع في القيام بمهمته الوطنية وهي:

•• وحدة الشعب، وتكاتفه وغضبته في كل الأراضي المحتلة ما جعل صهاينة اليهود يعيشون التيه الجديد والعجز الشديد أمام فورة أصحاب الحق والأرض والتاريخ والمقدسات، الوحدة التي عجزت الكيانات والجماعات والأحزاب تحقيقها منذ سنوات طوال.

•• حرفية المقاومة، التي أعادت الأمل والثقة لنفسها ولشعوب العرب والمسلمين فيها بل ولكل أحرار العالم، المقاومة التي تمارس حقها المشروع في تحرير الأرض وطرد المحتل، دون تسول للشرعية فالمقاومة هي الشرعية نفسها، ودون تفريط في الأرض والمقدسات، ودون تنازل عن المبادئ والحقوق مقابل بعض الامتيازات.

•• امتلكت المقاومة مقومات إعادة التوازن في معادلات الصراع، من “وفرة المعلومات” بل واختراق أجهزة معلومات الصهاينة وتضليلهم هم وأدواتهم هنا وهناك وما أكثرهم، ومن ” كفاية الكفاءات” نماذج مبهرة في الفكر والتدبير والتخطيط والتطوير فاقت جيوش العرب مجتمعة، كفاءات امتلكت زمام المبادرة والعلم والتدريب من دون بعثات إلى أمريكا والغرب، و”تطوير السلاح والأدوات” من دون استيراد وإغراق الوطن في الديون، بل تحرير نفسها من أسر دول السلاح لتكون هي صاحبة القرار لا غيرها ، و”تمدد العلاقات وتماسك التحالفات” عندما اصطفت المقاومة كلها في خندق واحد وغرفة عمليات واحدة بتنسيق مذهل أربك صهاينة اليهود وزملائه من صهاينة العرب.

•• نعم امتلك شعب فلسطين أدوات إعادة التوازن، لدرجة التحكم في مدد الحظر في ميدان العدو، فالمقاومة هي التي تحدد للساسة اليهود ومن حولهم من المغتصبين متى يدخلون الملاجئ ومتى يخرجون منها.

•• شعب فلسطين فك الحصار عن غزة وحاصر صهاينة اليهود في كل الأراضي المحتلة وصهاينة العرب في كل العواصم العربية، إنها مظاهر امتلاك أدوات إعادة التوازن لمعادلة الصراع لتحرير الأرض وانتزاع الحقوق.

•• وبناء على ما سبق، تضع فلسطين شعبا ومقاومة شروط وقف إطلاق النار رغم المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب بسبب كم القتل والدمار الذي أحدثته الغارات الهمجية الصهيونية على شعب غزة وغيرها من أرض الرباط والجهاد والعزة والشرف.

إسرائيل ” تلفظ أنفاسها الأخيرة، تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية مقالاً للكاتب الصهيوني الشهير

مؤشر النهاية

إسرائيل ” تلفظ أنفاسها الأخيرة، تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية مقالاً للكاتب الصهيوني الشهير (آري شبيت) يقول فيه:

•• يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال..

•• يبدو أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان “إسرائيل” إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة ..

•• إذا كان الوضع كذلك، فانه لا طعم للعيش في هذه البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في “هآرتس”، ولا طعم لقراءة “هآرتس”. يجب فعل ما اقترحه (روغل ألفر) قبل عامين، وهو مغادرة البلاد..

•• إذا كانت “الإسرائيلية” واليهودية ليستا عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي لدى كل مواطن “إسرائيلي”، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضا، فقد انتهى الأمر.. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس.

المصدر : الجزيرة مباشر