ما لا تعرفه عن الشركات المملوكة للحكومة المصرية!

خسائر مزمنة.. وملف مؤجل.. وجاء الفرج من صندوق النقد الدولي!

تتعدد مسميات الشركات المملوكة للحكومة المصرية ما بين شركات قطاع الأعمال العام البالغ عددها 116 شركة والتي تشرف عليها وزارة قطاع الأعمال العام، وشركات القطاع العام البالغ عددها 49 شركة والتي تتبع عددا من الهيئات مثل هيئة البترول وهيئة قناة السويس وهيئة الإنتاج، والشركات القابضة التابعة للوزارات والبالغ عددها 14 شركة قابضة لديها 92 شركة تابعة أخرى..

بالإضافة إلى الهيئات الاقتصادية والتي تصل لحوالي 55 هيئة، حيث يتغير العدد كل فترة بدخول هيئات جديدة، والهيئات الخدمية التي تخطت 150 هيئة، إلى جانب مساهمات تلك الشركات السابقة في شركات أخرى، فيما يسمى الشركات المشتركة أي التي تجمع ما بين المساهمات الحكومية والخاصة، والتي بلغ عددها قبل سنوات 688 شركة ولا توجد عنها أي بيانات بالسنوات الأخيرة.

ويضاف لذلك المؤسسات الصحفية الحكومية والتي لا تنشر أي بيانات مالية عن أدائها، وهكذا يصعب على المتخصصين متابعة أداء تلك الشركات الحكومية بسبب تعدد القوانين التي تخضع لها، فشركات القطاع العام وحدها تتبع ثلاثة قوانين، وتعدد الجهات التي تشرف عليها مع تغيرها من وزارة لأخرى.

وتغير الشكل القانوني لبعض تلك الشركات كل فترة، وكذلك بسبب إحجامها عن نشر أي بيانات مالية لسنوات طويلة، فيما عدا شركات قطاع الأعمال العام المقيدة بالبورصة والتي يحتم عليها القيد بالإفصاح ربع السنوي عن أدائها.

وجاء الفرج من خلال جعل صندوق النقد الدولي إفصاح الحكومة المصرية، عن أداء الشركات التابعة لها أحد بنود اتفاق مصر مع الصندوق في أواخر 2016، وهو ما دفع وزارة المالية كممثل للمالك الحكومى للإفصاح جزئيا عن أداء تلك الشركات الحكومية، وبفاصل زمني يصل لحوالي عام ونصف عن الفترة المعلن عن بياناتها، لكنه أتاح للمتخصصين التعرف على خريطة تلك الشركات، وخاصة شركات القطاع العام التى ظلت مبهمة للمتخصصين لسنوات.

  20 عاما بلا بيانات بالبنك العقاري

ويبلغ عدد شركات القطاع العام 49 شركة موزعة ما بين 12 شركة تابعة لهيئة البترول، وسبع شركات تابعة لهيئة قناة السويس و18 شركة ومركزين للمعلومات والتكنولوجيا تابعة لهيئة الإنتاج الحربي، و4 بنوك عامة خاضة لإشراف البنك المركزي، بالإضافة إلى الشركة القابضة للكهرباء التى تشرف عليها وزارة الكهرباء، وهي الشركة القابضة التي تتبعها 16 شركة تابعة فى مجال إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء.

والشركة المصرية للاتصالات التي تملك الحكومة 80% من أسهمها، وشركة المقاولون العرب التي تشرف عليها وزارة الإسكان، والشركة المصرية للثروة المعدنية التي تشرف عليها وزارة البترول، والشركة المصرية للصيد ومعداته وشركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات.

وهكذا يضم القطاع العام المصري كيانات كبيرة الحجم، مثل البنك الأهلي المصرى أكبر البنوك المصرية من حيث الأصول والودائع والقروض، وبنك مصر ثاني أكبر البنوك المصرية من حيث الأصول، حيث تفضل الجهات الحكومية من وزارات وهيئات وشركات التعامل معهما، مما أوجد لهما كم ضخم من المتعاملين الكبار.

وشركة المقاولون العرب بما لديها من محفظة أراضي شاسعة ممتدة بالأقاليم، بحكم استحواذها لسنوات طويلة على معظم عمليات المقاولات الحكومية بالمحافظات من إنشاءات وكباري ومحطات مياه وصرف صحي، وامتداد نشاطها إلى بلدان أفريقية وعربية، حتى ظهرت شركات القطاع الخاص وكبرت والتى حازت قسما كبيرا من حصتها السوقية.

وشركات البترول التي تنتج وتكرر وتنقل وتوزع المنتجات البترولية بأنحاء المحافظات، والشركة المصرية للاتصالات بما لديها من مقار وأراض بأنحاء البلاد والتي ما زالت تحتكر الاتصالات الأرضية ولديها شركة للهاتف المحمول وتساهم بنسبة 45% بشركة أخرى للمحمول، والشركة القابضة للكهرباء التي تضم 6 شركات بمجال إنتاج الكهرباء وشركة لنقل الكهرباء و9 شركات لتوزيع الكهرباء بأنحاء البلاد.

وأشارت بيانات أداء شركات القطاع العام خلال العام المالى 2020/2019 إلى تحقيق 27 شركة أرباحا، وخسائر في 12 شركة بقيمة إجمالية 5 مليارات و758 مليون دولار، وتوازن الإيرادات والمصرفات فى عشر شركات كلها تابعة لهيئة الإنتاج الحربي.

وكانت أعلى الخسائر لدى البنك العقاري المصري العربي بقيمة 2.305 مليار جنيه مستمرا بالخسائر لسنوات طويلة، وهو البنك الذي لم يصدر أي بيانات مالية عن أدائه منذ عام 1999، ولا يعرف المتخصصون بالمجال المصرفي شيئا عن أدائه.

وهو ما يمثل نوعا من المحاباة من قبل البنك المركزي، ويتناقض مع حق المودعين بالبنك فى التعرف الدورى على أدائه للاطمئنان على مدخراتهم، وله فروع تاريخية فى فلسطين والأردن مع إنشاء الجامعة العربية عام 1946، الشركة العربية العقارية بمصر وفلسطين والتى تحولت إلى بنك بعد ذلك.

  خسائر بخمس شركات إنتاج حربي

وثاني أعلى الخسائر كانت بالبنك الزراعي المصري بقيمة 2.246 مليار جنيه، وهو أيضا من البنوك التى لا تفصح عن أدائها المالي منذ سنوات عديدة، ويمتلك أكبر شبكة من الفروع تمتد إلى القرى المصرية بواقع 1208 فروع من إجمالى 4577 فرعا بنسبة 26% من عدد الفروع التابعة لنحو 38 بنكا بمصر.

حيث يتفوق على كل من البنك الأهلى وبنك مصر في عدد الفروع، كما يمتلك سعات تخزينية بأكثر من 4 ملايين متر مربع، حيث يمتلك 392 شونة بالمحافظات لاستلام المحاصيل الزراعية نصفها للقمح، بحكم امتداد تاريخ نشأته إلى عام 1930.

وبلغت خسائر شركة البتروكيماويات المصرية 805 ملايين جنيه بعد تحقيقها ربحا خلال السنوات الأربعة السابقة، ومن بين الشركات التابعة لهيئة قناة السويس بلغت خسارة شركة ترسانة السويس البحرية 158 مليون جنيه، وشركة القناة للحبال 86 مليون جنيه، وهي خسائر مزمنة رغم تكرار تصريحات رؤساء هيئة قناة السويس بعلاج خسائرهما على مر السنوات الماضية.

ولحقت الخسارة بخمس شركات تابعة لهيئة الإنتاج الحربي بإجمالي 211 مليون جنيه، هي: حلوان للصناعات الهندسية بقيمة 50 مليون جنيه، وأبو زعبل للصناعات الهندسية 48 مليون جنيه وحلوان للأجهزة المعدنية 16 مليون جنيه مستمرة بالخسارة للعام الخامس على التوالي، وأبو زعبل للصناعات المتخصصة 3 ملايين جنيه، وشبرا للصناعات الهندسية مليون جنيه مستمرة بالخسارة للعام الخامس على التوالي، لكنها كانت أقل الشركات بقيمة الخسارة خلال تلك السنوات.

وحققت شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات خسارة بلغت 28 مليون جنيه، وهي تحقق خسائر مستمرة منذ سنوات، حيث تراجعت مبيعاتها فى ضوء عدم الإقبال على شراء أشرطة الكاسيت والفيديو التى كانت تتميز بها للمطربين وقراء القرآن الكريم، كما حققت الشركة المصرية للصيد ومعداته خسارة بلغت 12 مليون جنيه وهي أيضا شركة مزمنة الخسائر.

ورغم الخسائر المزمنة بكثير من تلك الشركات فلم تظهر على الساحة أي خطط حكومية لعلاج تلك الخسائر، مع تعدد الجهات التي تتبعها والخسائر الموجودة لدى شركات حكومية أخرى، مثل شركات قطاع الأعمال العام والبالغ عددها 59 شركة خاسرة.

والشركات الخاسرة التابعة للشركات القابضة التي تشرف عليها الوزارات والبالغ عددها 39 شركة خاسرة، والهيئات الاقتصادية الخاسرة، وانشغال الجهات الرسمية بنشاط وبإنشاء شركات جديدة تتبع الجهات التابعة للقوات المسلحة، ليظل ملف علاج خسائر شركات القطاع العام مؤجلا خلال الفترة الحالية.

المصدر : الجزيرة مباشر