صلاح سالم.. قصة أطول شارع وأشهر غرام

صلاح سالم ونجيب وعبد الناصر

أغلب المصريين لا يعرفون شيئا عن صلاح سالم إلا أنه اسم لأطول شارع يشق وسط القاهرة شرقا وغربا، مثله مثل تلك الرتب العسكرية المتناثرة هنا وهناك والتي تسمى بأسمائها معظم الشوارع والميادين والمنشآت في كل بر مصر.

وقلة يعرفون أنه جنرال عسكري ومع ذلك لا يعرفون في أي زمان كان ولا بطولته التي استحق بسببها أن يسمى هذا الطريق الطويل الحيوي باسمه.

صلاح سالم هو شقيق جمال سالم عضو مجلس قيادة “ثورة يوليو الأمريكية” ونائب رئيس الدولة، والذي ما إن تخرج في الكلية الحربية عام 1938 حتى تم ايفاده إلى “بريطانيا ثم أمريكا” بحجة العلاج ولإعداده على ما يبدو للمشاركة في مجموعة “الضباط الأحرار” لاتمام الانقلاب المنظور، وكان واحدا من أبرز رجالاته.

وقد قام جمال سالم بتقديم شقيقه الأصغر صلاح الذي تربى في السودان وتخرج في الكلية الحربية عام 1942 إلى مجموعة الضباط المختارين للمشاركة في معركة الفالوجا “حرب فلسطين عام 1948” من أجل تبييض صورتهم استعدادا للمهمة المرتقبة، وكانت هذه الواقعة هى بوابة السعد التي فتحت على جميع من شاركوا فيها أبواب السلطة فيما بعد، رغم أنهم لم يحققوا أي انتصار بل إنهم هزموا أو “تهازموا” وحوصروا لعدة أشهر ولم يتم تحريرهم إلا على يد لواء الإخوان المسلمين.

إعدام الملك

عُرف عن صلاح تحمسه لإعدام الملك، ثم عداؤه الشديد لرئيس الجمهورية اللواء محمد نجيب لدرجة أنه راح يتهمه بالشذوذ، ويسبه ويهينه في كل مناسبة بتحريض من عبد الناصر، وصار دوره محصوراً في تصفية شعبية نجيب بأي شكل كان في الشارع استعدادا للانقلاب عليه.

وفي العدوان الثلاثي عام 1956، لم يكن صلاح ملما بكل تفاصيل اللعبة، فسارع بمطالبة عبد الناصر بأن يسلم نفسه للقوات البريطانية لإنهاء الحرب، وبالطبع عبد الناصر رفض، فذهب إلى السويس لدعم المقاومة الشعبية!

وقد أثقلت المناصب الكثيرة أكتاف الرجل في عمره القصير حيث توفي عند سن 41 عاما متأثرا بالفشل الكلوي، فقد تولى وزارة الإرشاد القومي وتم تعيينه كمبعوث لحل النزاعات الدولية، ورئاسة هيئة الاستعلامات وصحيفتي الشعب والجمهورية ومؤسسة دار التحرير، وللعبث فبدلا من أن يترقى كضابط لرتبة نقيب بالجيش عينوه نقيبا للصحفيين.

عرف عن “سالم” البذاءة وسلاطة اللسان على حد وصف عبد الناصر ومحمد نجيب على السواء له، وأن طموحه الشديد لتولي منصب رئاسة الجمهورية أقلق منه عبد الناصر فازاحه من أغلب مهامه، بحجة فشله في مفاوضات انفصال السودان، فيما يرى صلاح نصر وزير المخابرات أن صلاح سالم كان على يقين بأن واشنطن لها دخل في إسقاطه لاتصاله بالسوفيت.

قصة الأميرة فايزة

وعلى غرار قصة شقيقه جمال سالم مع سلوى، كانت من أشهر قصص صلاح هى تحرشه بالأميرة فايزة شقيقة الملك وزوجة الأمير محمد على رؤوف الذي كان يكبرها بخمسة وعشرين عاما، ومع تواتر المضايقات الأمنية بحثا عن ثروات العائلة لتأميمها، آثر السلامة وفر هاربا للخارج، فيما منعتها السلطات من السفر.

الروايات كثيرة منها ما يتحدث عن أن صلاح سالم كان يقود بنفسه تلك المضايقات ويعبث بمتعلقات الأميرة الشخصية أمام زوجها لإذلالها، وأنه سكن في أحد القصور “المؤممة” بالقرب من قصرها بجاردن سيتي لمحاصرتها والتضييق عليها لتستجيب لرغباته.

وعرف الجميع في الداخل والخارج بالواقعة حتى قامت صحف بريطانية بالنشر عنه، ما أغضب عبد الناصر بشدة منه وأمر برفع حظر السفر عنها.

فيما تؤكد روايات أخرى أن الأميرة شكت لصلاح سالم من تلك التصرفات ومع تعدد اللقاءات بينهما، وهي فاتنة الجمال وقع في غرامها، فاستغلت هي هذا الأمر لاستخدامه لتهريب مجوهرات العائلة في فجوات الكتب والمراجع التي تم نقلها للخارج.

وتضيف أن صلاح سالم طلب من عبد الناصر السماح لها للسفر لطلب الطلاق من زوجها ثم تعود ليتزوجها، ولكنها لما سافرت بالقطع لم تعد.

الطهر الثوري

اعترف الكاتب موسى صبري وهو مقرب من صلاح سالم في مذكراته بالوقائع لكنه راح يعزيها إلى الحب المتبادل بين الاثنين الذي بدأ مع معاقبته لضابط قام بالعبث في ملابس الأميرة الداخلية أثناء تفتيشه لمنزلها، فذهبت إليه لتشكره فنشأت بينهما صداقة.

ويقول صبري: تحولت الصداقة إلى حب عنيف، وكان صلاح سالم يذهب للقائها فى شاليه بمنطقة الهرم وهو يقود سيارة جيب عسكرية، وكان كل أعضاء مجلس قيادة الثورة يستخدمون هذه السيارات فى تنقلاتهم تعبيرا عن الطهر الثوري، وقال صلاح سالم إن عبد الناصر استمع منه بإنصات كامل ولم يعترض، وقال لي لا داعي يا صلاح أن تذهب فى سيارة جيب، ربما يراك أحد معها فى هذه السيارة وستكون فضيحة، خد سيارتى الأوستن الخاصة عندما تكون على موعد بها، وبالفعل هذا ما حدث، وكان يروى له تفاصيل كل لقاء بالتفصيل!

وتابع “ذات يوم فوجئ صلاح سالم بقرار منشور فى الصحف بمصادرة أملاك أسرة محمد على ولم يكن صلاح سالم يعرف شيئا عن هذا القرار. ولما فاتح جمال عبد الناصر فى ذلك كيف لا أعرف، أجابه عبد الناصر كنت أخشى أن تبلغ الأميرة فايزة بهذا القرار قبل صدوره”.

شارع صلاح سالم

عبد الناصر أزاح صلاح سالم من جميع مهامه وكاد ينسى الناس اسمه حتى مات متأثرا بالفشل الكلوي والسرطان وكان حينئذ عبد اللطيف البغدادي وزيرا للشئون البلدية والقروية يفتتح مشروعا اقتطعه من طريق المقطم فلما سمع بخبر الوفاة أطلق عليه طريق صلاح سالم، ولم يعرفوا بعد أنه سيصير بهذه الشهرة، وإلا أطلقوا اسم الزعيم عليه كما أطلقوا اسمه على مدينة ناصر ومنشأة ناصر.

مات سالم ولم يبق منه إلا سيرة تحرشه بالأميرة فايزة وأهم شارع في القاهرة.

المصدر : الجزيرة مباشر