من وحي صورة: الأزهر يكسر احتكار “جمعة” لخطبة “الجمعة”!

د. أحمد عمر هاشم من فوق منبر الأزهر اليوم

لم يكن الخبر الخاص بنقل التلفزيون المصري لصلاة الجمعة من الجامع الأزهر، يحتاج إلى إضافة بأن الخطيب ليس “مختار جمعة” وزير الأوقاف، ومع هذا فالمواقع التي نشرت الخبر بشرت بأن خطيب الجمعة هو الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق!

ففي ظل الود المفقود بين الوزير وشيخ الأزهر، لم يكن منطقياً أن يتم السماح للوزير بأن يكون هو خطيب الجامع الأزهر، وإنما لابد من أن يعتلي منبر الجامع التاريخي بالمحروسة من في حجم أحمد عمر هاشم، لتكون هذه هي المرة الأولى بعد عودة افتتاح المساجد منذ جائحة كورنا التي لا يحتكر الخطابة فيها وزير الأوقاف، فهناك حالة احتكار لمنبر الجمعة من قبل الوزير، وفي الحقيقة أن الاحتكار بدأ من قبل الجائحة، فبدا الوزير كما لو كانت لديه حالة جوع للخطابة، أو للدقة للأضواء، فالمساجد كثيرة، والمنابر بعددها، لكنه احتكر خطبة الجمعة بالتلفزيون، وحيثما انتقلت الكاميرات، ولو لمحافظات بعيدة، كان هو حيث وجدت، وضج الناس بالشكوى من هذا الوضع الجديد، لاسيما وأن الوزير يفتقد لمقومات الخطيب المفوه، فضلا عن أنه لا يكف عن نفاق السلطة فوق المنابر، فلا يميز بين “منبر المسجد” و”منبر البرلمان”، وكان حديث السياسة في الخطبة الرسمية قديماً، لا يخرج عن الدعوة لولي الأمر وللبلاد والعباد!

وفي هذا السياق كان تعيين “مختار جمعة” أمراً طبيعيا وهو الذي تم طرده من الجمعية الشرعية بعد الثورة

بيد أن المرحلة التي بدأت بالانقلاب العسكري، كانت تستدعي أن تكون مواصفات وزير الأوقاف هي في ضآلة مختار جمعة، وربما عمد هذا الانقلاب على رد الاعتبار لكل من أسيئ لهم بعد الثورة في دوائرهم، فعين لفترة مكرم محمد أحمد رئيسا للمجلس الأعلى للإعلام وهو الذي طُرد من نقابة الصحفيين، وعين عبد الله حسن وكيلا للهيئة الوطنية للصحافة وهو الذي طرد من وكالة أنباء الشرق الأوسط التي كان رئيساً لها. وعُين كرم جبر رئيساً للهيئة الوطنية للصحافة قبل أن يخلف مكرم محمد أحمد في موقعه والذي أطيح به بسبب تنازع الاختصاص بين مراكز القوى في البلاد، وبسبب الأزمة بينه وبين وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل على المكاتب! وكانت مؤسسة “روزا ليوسف” قد شهدت طرد كرم جبر رئيس مجلس ادارتها بعد الثورة من مكتبه للشارع بالقوة.

وفي هذا السياق كان تعيين “مختار جمعة” أمراً طبيعيا وهو الذي تم طرده من الجمعية الشرعية بعد الثورة، حيث كان عضواً في مجلس ادارتها، وكان القرار الذي أجمع عليه علماء الجمعية وشيوخها أنه رجل أمن الدولة فيها، وعلقت اللافتات بالبنط العريض التي ترحب بالقرار وتنشر أسبابه في المنطقة المحيطة بالمقر العام للجمعية الشرعية، بوسط القاهرة، قلب الثورة النابض!

وإذ عرف المصريون فتح المذياع، والتلفزيون في وقت لاحق، عند نقل وقائع صلاة الجمعة، وكأنه بهدف شيوع البركة في البيوت، وكانت الظاهرة أكثر وضوحا في الريف، فإن من انتقل منهم للحضر أخذ معه هذه العادة، وربما كانت في جانب منها تعيد الانسان لسنوات طفولته، ووقائع الجمعة بالشكل المتعارف عليه مصرياً تبدو مصرية بامتياز حيث تبدأ بالقرآن الكريم وليس بالأذان، ويتم نقل القراءة  في المساجد المختلفة عبر المذياع، فالمساجد الكبرى فقط التي بها قراء معينون، وغيرها فإن الراديو يقوم بالمهمة، وكذلك بالنسبة للبيوت، الذي قد يتنافس على ذلك الراديو مع التلفزيون، وهي في العموم خطبة واحدة فالنقل موحد بين البث التلفزيوني والنقل الإذاعي.

لم يكن الناس ينتظرون أن يكون خطيب الجمعة عبر الإذاعة والتلفزيون واحداً من الشيوخ الذين يلتف حولهم الناس، فلم يكن التلفزيون ينقل الصلاة من مسجد الشيخ كشك مثلاً

ومع احتكار “مختار جمعة” لمنبر التلفزيون، فقد ضج كثيرون بالشكوى عبر منصات التواصل الاجتماعي، فقد كرهوا هذه العادة بسبب هذا الخطيب المزعج صوتاً وأداء، وقد قرأت لصحفية إنها لن تعود مرة أخرى لفتح التلفزيون ساعة نقل صلاة الجمعة بسبب مختار جمعة، خلافاً لما كانت تفعله مع كل جمعة.

لم يكن الناس ينتظرون أن يكون خطيب الجمعة عبر الإذاعة والتلفزيون واحداً من الشيوخ الذين يلتف حولهم الناس، فلم يكن التلفزيون ينقل الصلاة من مسجد الشيخ كشك مثلاً، أو أن يكون خطيبه الدكتور عمر عبد الكافي، فخطيب التلفزيون هو دائماً رسمياً محافظاً، ولكن لم يكن أبداً في مستوى هذا التهافت الذي يمثله مختار جمعة!

وربما استشعرت إدارة التلفزيون هذه الأزمة، فبدأت القناة الثانية– لأول مرة في تاريخها- نقل صلاة الجمعة، من مسجد التلفزيون، وهو ما شاهدته بالصدفة ودون اعلان، وأعتقد أن كثيرين لم يقفوا على هذا البديل بعد!

في الواقع، فإن “مختار جمعة” ليس أول من احتكر منبر التلفزيون، فقد بدأ هذا  في السنوات الأخيرة من عمر الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، والذي كان يحتكر الخطب الرسمية فقط في المناسبات التي يكون حاضراً فيه رئيس الجمهورية، بجانب بعض الخطب الأخرى، لكنه في الأخير كان مرتبطاً بمنبر الجامع الأزهر، الذي احتكره بعد توليه المشيخة، وتم ابعاد الشيخ إسماعيل صادق العدوي إلى مسجد النور بالعباسية، وهو الذي كان يشغل منصب خطيب الجامع الأزهر لسنوات عدة ربما بدأت مع الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، والذي لم يكن خطيباً، تماماً كما لم يكن وزراء الأوقاف يزاحمون الخطباء ويحتكرون المنابر، لاسيما مع أطول وزيرين عمراً، وعلى غير العادة في هذه الوزارة التي كان شغل موقع الوزير فيها ما بين عدة شهور وفي حدود السنة!

تولى محمد علي محجوب الوزارة في ثلاث حكومات من 1986 (وزارة عاطف صدقي الأولى)، الى سنة 1995، ومنها إلى قيام الثورة في سنة 2011 تولى موقع وزير الأوقاف الدكتور محمود  حمدي زقزوق، ولم يصعد أياً منهما منبراً في هذه الفترة، وكانا يحضرون في المناسبات الدينية والسياسية المختلفة مع وجود التلفزيون، فلا يخطبون ولا يمسكون ميكروفوناً، وإن تغير الأمر بتولي الشيخ طلعت عفيفي المنصب في عهد الرئيس محمد مرسي، وإن لم يحتكر منبر الجمعة الذي تنقله الإذاعة والتلفزيون، الأمر الذي جعل من “مختار جمعة” استثناء غريباً، لاحتكاره المنبر في حضور التلفزيون!

ظلت الوزارة هي نقطة ضعف الدكتور محمد عمر هاشم، وكان من الذين يتندر بهم عند كل تشكيل وزاري

وقد كسر الأزهر في جمعة اليوم 8 يناير 2021 هذا الاحتكار، فكانت خطبة الجمعة للدكتور محمد عمر هاشم، فاذا حضر الماء بطل التيمم، ومن سخريات القدر أن الرجل عاش حياته كلها يحلم بالمنصب، الذي لم يصل اليه رغم قربه من الحزب الحاكم ومن دوائر الحكم في عهد مبارك، وقد ترشح نائباً بالبرلمان عن الحزب الوطني، وعُين رئيساً لجامعة الأزهر لكنه حرم من تحقيق هذا الحلم الذي كان لا ينكره وكان يعرفه كل من ارتبط بالصحافة والسياسة في هذه الفترة، وربما انتقص هذا من مكانته، كخطيب مفوه، وعالم متمكن، كان سيفيده أكثر إن كان مستقلاً عن السلطة، لكن ليس معلوماً ما إذا كان التلفزيون سيفتح له حينئذ أبوابه أم لا؟، وقد ظل لفترة طويلة يقدم برنامجاً عبر التلفزيون تعرض قناة “ماسبيرو زمان” بعض حلقاته الآن، ومنذ أن كان شاباً حديث العهد بحصوله على درجة الدكتوراه!

لقد ظلت الوزارة هي نقطة ضعف الدكتور محمد عمر هاشم، وكان من الذين يتندر بهم عند كل تشكيل وزاري، فقد كانت بعض الشخصيات بعينها عند كل تشكيل وزاري ترابط بجوار الهاتف، ولا يبرحون مكانهم إلا بعد الإعلان عن التشكيل الوزاري تماماً، سواء شمل بعضهم أو لم يشملهم جميعاً، وأبدع الرسام مصطفى حسين بجريدة “أخبار اليوم” في رسم صورتهم وهي شخصية “عبدو مشتاق” التي كانت فكرة الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب!

ولعل نهاية الانتظار كانت مع حكومة الجنزوري الأولى، وتعيين حمدي زقزوق وزيرا، واستمراره طويلاً في الوزارة، وبدا أنه الشخص الذي ارتاح له مبارك لهدوئه، وارتاحت له مراكز القوى لعدم تطلعاته ولأنه شخصية باهتة لا تجذبها الأضواء، وقد راح محمد علي محجوب ضحية هذه التطلعات وقربه من الرئيس الذي لم يعجب مراكز القوى من مبارك،  فحب الرئيس له مكنه من اختراق دائرته اللصيقة، على غير رغبة “سدنة المعبد”، وعلى رأسهم رئيس ديوان رئيس الجمهورية، زكريا عزمي، والدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس من أول وزير العدل فاروق سيف النصر، وانتهاء بكمال الشاذلي ومروراً بصفوت الشريف!

عندما كُلف وزير التخطيط كمال الجنزوري بتشكيل الحكومة في بداية يناير 1996، كان الارتجال يغلب على عملية التشكيل، فلم يتصرف على طريقة رؤساء الحكومة السابقين، بالإعلان عن تشكيل الحكومة في وقت حلف اليمين، أو قبله قليلا بالإعلان الكامل للوزارة، انما كان التشكيل بالتنقيط وعلى مدى ليلة كاملة، فيعلن عن اختيار هذا الشخص لحملة حقيبة وزارة كذا، ثم يستبدل بغيره، ثم يُعلن عن تعيين وزير آخر بعد فترة، وكنا في هذه الليلة نرابط في الجريدة انتظاراً لما سيسفر عنه تشكيل الحكومة ولم يكن يساورونا شك في أن الدكتور أحمد عمر هاشم هو وزير الأوقاف الجديد!

هاتفه أحد الزملاء، فوجده كالعادة مستعداً بكامل ملابسه بجانب التلفزيون في انتظار استدعاؤه من قبل مجلس الوزراء، لكن بعد قليل تلقت الجريدة اتصالا من مجلس الوزراء يسأل إن كان أحد معه هاتف أستاذ بجامعة الأزهر اسمه حمدي زقزوق. وكانت دهشتنا كبيرة أن مجلس الوزراء ليس فيه قاعدة بيانات بأسماء الشخصيات المهمة في كل قطاع؟ وكنا ندرك ان هذا الاتصال ليس من فراغ، واتصل زميل تربطه علاقة بالدكتور زقزوق ليهنئه بتولي منصب وزير الأوقاف، والذي قال له إن أحداً لم يفاتحه في الأمر، فأخبره أنهم سيفاتحونه حالاً وعليه ألا يشغل خط التليفون!

في هذا التشكيل الوزاري تم الإعلان عن تغيير الوزيرة العتيقة أمال عثمان وزيرة الشؤون الاجتماعية، بل وإلحاق الوزارة كلية لتكون قطاعاً في وزارة أخرى، لكن تم العدول عن القرار، وتردد أنها هرعت إلى “الهانم” حرم رئيس الجمهورية شاكية من أنها خسرت حياتها الاجتماعية بسبب الوزارة وانشغالها بها، فكيف يكون الثمن هو عزلها؟!.. وتردد أنها بكت وهي تشكو لها!

وفي هذه الليلة تم الإعلان عن اسم أحد الشخصيات المسيحية المعروفة لشغل منصب وزير الهجرة، وصدرت صحيفة “الأهرام” وبها اسمه في المانشيت ضمن تشكيل الحكومة الجديدة، وفي الصباح حمل الرجل الجريدة وذهب إلى مجلس الوزراء، ليخبروه أنهم اتصلوا به مساء فلم يرد عليهم، وأنهم تراجعوا عن الفكرة بل وألغوا وزارة الهجرة وتم دمجها في وزارة القوى العاملة، لتكون من نصيب أحمد العماوي!

والحال كذلك، يصبح من الطبيعي الاستعداد بارتداء الملابس كاملة والجلوس بجانب الهاتف، لمن يحلمون بالوزارة عند كل أنباء عن تعديل وزاري ، وكان الدكتور أحمد عمر هاشم أحدهم، وذات مرة هاجمه إبراهيم سعده في زاوية كان يكتبها في “أخبار اليوم” باسم مستعار “أنور وجدي”، وهاج هو وماج في مجلس الشعب وكان عضواً فيه، وكان غاضباً فلم يتمكنوا من السيطرة عليه، لكن وزير شؤون البرلمان كمال الشاذلي نجح في هذا عندما خاطب عنده هذا الحلم؛ فكيف بمن يريد أن يكون وزيرا ألا يتحمل نقد الصحافة.. وهدأت ثائرة أحمد عمر هاشم!

لكن مع تقدم السن، خفت هذا الأمل، والذي لم يعد صالحاً له فقد بلغ من الكبر عتياً الآن، وإن كان الظرف السياسي مناسباً، وإن كان الهبوط بالمنصب وصل لمختار جمعة، الذي أمم الخطبة الرسمية، فصار هو الخطيب بقوة المنصب، لكن عندما كان النقل من الجامع الأزهر، كان لابد من الخطيب أن يكون على مستوى المنبر التاريخي، إن لم يكن بحكم منصبه، فبحكم قيمته العلمية، ليختفي “جمعة” ويكون خطيب الجمعة هو الدكتور أحمد عمر هاشم.

ومع ذلك ترك الشيخ في عهد الرئيس محمد مرسي ليتقرب من الاخوان بالنوافل، ويعرض خدماته، لأن الرئيس محمد مرسي رفض طلب شيخ الأزهر بتعيينه نائباً لجامعة الأزهر

وهناك سبب مهم إضافي على تفاوت القيمة بين المنبر والخطيب المحتكر للخطبة، وهو أن شيخ الأزهر ليس على وفاق مع وزير الأوقاف، الذي ذهب بعيداً عندما استشعر عدم التوافق بين شيخ الأزهر والسيسي، ونسي حماية الشيخ له في فترة الثورة، عندما تم طرده من الجمعية الشرعية، فعينه عضواً بالمكتب الفني بمكتبه، ثم  عينه عميداً لكلية الدراسات الإسلامية، ليكون أعلى رتبة من رئيس الجمعية الشرعية ذاته، الذي كان وكيلاً للكلية، متخطياً به الرقاب ومتجاوزا به القامات بالكلية، ومع ذلك ترك الشيخ في عهد الرئيس محمد مرسي ليتقرب من الاخوان بالنوافل، ويعرض خدماته، لأن الرئيس محمد مرسي رفض طلب شيخ الأزهر بتعيينه نائباً لجامعة الأزهر لأن واقعة طرده من الجمعية الشرعية، ستجعل من خطوة تبنيه  مشكلة مع كثيرين يعرفون حقيقة مختار جمعة!

ولم يحدث من قبل هذا التوتر في العلاقة بين وزير الأوقاف وشيخ الأزهر، فقد كان الشيخ هو المسؤول الأعلى عن “الأوقاف” و”دار الإفتاء” يلتمسون عنده القبول حتى قبل تعديل القانون ليصبح شيخ الأزهر بدرجة رئيس وزراء، وقد طالب الشيخ الشعراوي بذلك وهو وزيراً للأوقاف فلم يستسيغ  أن يكون منصبه يسبق بروتوكولينا الشيخ عبد الحليم محمود، ولعل الخلاف المكتوم كان بين الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر، وسيد طنطاوي عندما كان يشغل منصب مفتى الديار، لأن الأخير كانت له تطلعات، جعلت السلطة تستغني برأيه به في بعض القضايا التي يكون لشيخ الأزهر فيها موقفا معارضا، مثل مؤتمر السكان، وقانون الأحوال الشخصية، والتبرع بالأعضاء، إذ طلبت منه مهام إضافية، كان مسارعاً في تلبيتها، ولديه رغبة أن يكون عند حسن الظن، وعند اعلان شيخ الأزهر موقفه المعارض في بعض القضايا مثل مؤتمر السكان، صرخ طنطاوي: أنا ضد التكويش. يقصد أن شيخ الأزهر يقوم بأدوار المؤسسات الأخرى، وفي الرد عليه أبرز الأزهر دور لجنة تتبعه هي لجنة الفتوى ونفخ فيها من روحه!

وفي هذه الأثناء لم يكن بمقدور وزير الأوقاف محمد علي محجوب أن يعلن انحيازه ضد شيخ الأزهر، فقد ضبط متلبساً بالنميمة عندما استمال أذن طنطاوي في أحد المؤتمرات ليقول له إن الشيخ جاد يقول كذا وكذا. بما يؤكد أنه يريد أن يجور على اختصاص المفتي، وبما يوغر صدر طنطاوي سريع الغضب بالفطرة!

بيد أن الوضع اختلف الآن، لكن ليس بإمكان وزير الأوقاف بطبيعة الحال أن ينفس عن الخلاف بشكل علني، لما لموقع شيخ الأزهر من مكانة، وبإمكان شاغله أن يحرق الأرض تحت قدمي وزير الأوقاف، الذي تم كسر احتكاره للمنبر هذه الجمعة، ولم يمكن من صعود منبر الأزهر الشريف، ويلاحظ أن خطيب الأزهر لم يلتزم بالخطبة المقررة لهذه الجمعة من قبل الأوقاف، رغم أن الوزير صرح للصحف والمواقع ضرورة ان يلتزم الخطباء بها، وبدا واضحاً أن التصريح مستهدفا به شخص خطيب الأزهر، فلا يستطيع الوزير أن يلزمه بذلك بشكل مباشر، وليس منطقيا أن يخاطب أئمته الرسميين عبر المواقع الالكترونية، وهناك شبكة اتصال بهم، وليست هي المرة الأولى لفرض الخطبة الموحدة! لقد كانت الخطبة الرسمية بعنوان “اتقان الصنائع والحرف والمهن سبيل الأمم المتقدمة” بينما كانت خطبة الدكتور أحمد عمر هاشم تدور حول جائحة كورونا وضرورة الحفاظ على الضوابط لمواجهة الوباء!

إن مختار جمعة “عظمة طرية” عندما تكون المواجهة مع شيخ الأزهر، ولا يجوز لنظام “عاقل رشيد” أن يهبط بمستوى الاختيار، ثم يريد لأقزامه مواجهة الكبار، على قواعد المنافسة، دون أن يلتمس طريق السابقين!

فعندما أقرت وزارة الأوقاف قانون “الترخيص” لخطباء الجمعة، وهو الذي قوبل بعاصفة من الرفض، فإن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي منح القانون مشروعية بمبادرته للحصول على الترخيص الذي يمكنه من صعود المنبر، فمن يعترض وقد التزم الإمام الأكبر!

لقد لا ينقل التلفزيون مرة أخرى صلاة الجمعة من الجامع الأزهر!