رمضان صبحي.. وحرب الأهلي!

 

قبل أكثر من عام وبالتحديد في التاسع والعشرين من أبريل نيسان 2019، قلت في مقال تحت عنوان” أزمة نادي القرن” إن الأهلي المصري يتعرض لحرب هي الأسوأ والأعنف في تاريخه. حرب تهدف لإسقاطه والقضاء على تاريخه، حرب تشارك فيها أطراف عدة منها الداخلي المتمثل في العسكر، والخارجي المتمثل في السعودية والإمارات، وكلها تسعى لتحقيق هدف واحد، هو القضاء على شعبية الأهلي وتفتيت جماهيره، خوفا من خروجها على النظام يوما ما!

واليوم وبعد كل هذه الفترة أجدني مصرا إلى  إبداء رؤيتي ووجهة نظري تجاه ما يتم تدبيره للأهلي في الخفاء، وإن كانت الصورة الآن تبدو أوضح كثيرا مما كانت عليه وقت كتابة مقالي السابق، في ظل تسارع وتيرة الحرب ضده، وارتفاع معدلات الأزمات التي يتم تصديرها إليه، وجديدها تعاقد نادي بيراميدز المملوك للإمارات مع رمضان صبحي نجم الفريق، في واحدة من أقسى الضربات التي تعرض لها النادي في تاريخه وخلال تلك الحرب.

وقبل استعراض بعض من تلك الأزمات، يجب الإشارة إلى الدوافع من وراء تلك الحرب، لأن معرفة الدوافع ستسهل على من يعجزون عن الربط بين ما يتعرض له الأهلي من أزمات ودور المحركين لها، وأول وأهم تلك الدوافع هو ما أشرت إليه في السطور الماضية، وهو الخوف من جماهير الأهلي العريضة، حيث يخشى نظام السيسي من أن تكون تلك الجماهير نواة لثورة قادمة، خاصة وأن هذه الجماهير نفسها كان لها دور واضح في ثورة يناير، أو أن تخرج الجماهير نفسها للتظاهر ضده في ظل عمليات التنكيل المستمرة التي تمارسها ضده الجهات الأمنية المختلفة.. كذلك تهدف الحرب إلى توسيع الطريق وتمهيدها أمام سلسلة الأندية الجديدة المملوكة للعسكر وتحمل اسم “سيتي كلوب” والتي يتوقع أن يتم تدشينها خلال الشهور القليلة القادمة.

ضربة تركي الشيخ

دخول السعودي تركي آل الشيخ النادي الأهلي من باب دعم النادي ماديا كان بمثابة العملية المخابراتية الناجحة التي مهدت لباقي العمليات التالية، فالمتأمل لكل الأزمات والمشاكل التي تعرض لها الأهلي منذ دخول تركي النادي في 2017 وحتى خروجه في 2020 بعد تجريده من الرئاسة الشرفية، يجدها جميعا إما هو طرف رئيسي فيها، أو أنها ترتبت على علاقته بالنادي وبمسؤوليه، فهو من أهان المسؤولين وأهدر كرامتهم أمام جماهيرهم والرأي العام، تارة بالسب المباشر ووصفهم بالعصابة، وأخرى باتهامهم بسرقة تبرعاته التي قدمها للنادي وللاعبين والعمال، وفي أحسن الأحوال معايرتهم بالأموال والهدايا التي قدمها إليهم.. وقد فتح تركي الشيخ بهذا التجرؤ على  مسؤولي القلعة الحمراء وإهاناتهم الطريق أمام بعض الأطراف الأخرى التي يتم توظيفها لنفس الغرض، ومن هؤلاء مثلا مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك، الذي أخذ من اتهامات تركي مدخلا لشن حرب شاملة على محمود الخطيب رئيس النادي، فلم يترك مناسبة إلا ويكيل له الاتهامات، بل ويوجه له السباب من منطلق أنه قبل على نفسه وعلى ناديه الحصول على هدايا وأموال من تركي الشيخ، وهو ما دعا الخطيب للتقدم بالعديد من البلاغات ضده وصلت 13 بلاغا، كلها لم تفتح أو تناقش لأن مجلس الشعب رفض أن يرفع الحصانة عن مرتضى، وهنا يظهر دور عسكر السيسي في الحرب بتوفير الحماية لمرتضى منصور من أي مساءلة قانونية، لأنه وكما معروف للجميع أن العسكر هم من يرفعون الحصانة عن أعضاء مجلس الشعب وهم من يبقون عليها، ولولا أن العسكر شريكاء في تلك الحرب أو ربما هم المحرك لها، لترك العدالة تأخذ مجراها ولسمح بتنفيذ طلب النائب العام رفعَ الحصانة عن مرتضى للتحقيق معه، خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي يطلب فيها النائب العام رفع الحصانة عنه.

ضربة رمضان صبحي

وعلى مدار تاريخ الأهلي الطويل الممتد لـ113سنة، تلقى النادي العديد من الضربات وتعرض للكثير من الحروب، لكنه لم يتعرض لحرب أشرس وأعنف وأقذر من تلك الحرب، كما لم تؤلمه أو تهزه ضربة مثل التي تعرض لها بانتقال رمضان صبحي لنادي بيراميدز، صحيح رمضان لم يكن على قوة الأهلي عند الإعلان عن الانتقال لبيراميدز وإنما على قوة ناديه الإنجليزي هيدرسيفلد، لكنه كان في حكم المقيد بالأهلي، فهو كان موجودا بالنادي على سبيل الإعارة، كما أن الأهلي كان يتفاوض مع النادي الإنجليزي من أجل شرائه، والعالم كله يعلم أن الأهلي هو من يريده وبقوة، وكان على مشارف إتمام الصفقة، لكن المفاوضات مع النادي الإنجليزي كان يجب أن تأخذ مجراها، لا سيما أن قيمة الصفقة تزيد عن الـ140 مليون جنيه مصري طبقا للسعر الذي حدده النادي الإنجليزي وهو سبعة ملايين جنيه إسترليني، بخلاف ما سيدفعه الأهلي للاعب والذي كان متوقعا أن يصل إلى عشرين مليونا في الموسم الواحد.. لكن ووسط هذه النيات وتلك الامنيات، فاجأ رمضان صبحي الأهلي وجماهيره بالإعلان عن الانتقال إلى بيراميدز.

ولم يكن فشل الأهلي ونجاح بيراميدز في التعاقد مع لاعب بموهبة رمضان صبحي، هو مكمن ألم الأهلي هنا، إنما الألم الحقيقي تمثل في القضاء على مشروع كبير كان الأهلي يرتب له عبر اللاعب، لأن رمضان واحد من أبناء النادي وواحد من أصحاب المواهب الكروية الكبيرة، والأهلي وآلته الإعلامية هم من جعلوه يصبح اللاعب الأشهر والأهم في مصر حاليا، حتى وإن لم يكن هو الأحسن، إلا أن الأهلي نجح في وضعه في هذه المكانة، ليكون بمثابة الواجهة المشرفة للنادي، ويكون النموذج لابن النادي الحقيقي، ويكون هو الاستثمار القادم للنادي، لكن كل هذا سقط وتبخر أمام أموال بيراميدز القادمة من الإمارات أحد أهم القوى المشاركة في الحرب على الأهلي.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه