مسجد آيا صوفيا بين التكبير والتكفير

والعجيب أنك لا تكاد تسمع صوت مسيحي تركى معترض والأصوات العالية من أفراد حزب الشعب الجمهوري ( دينهم الإسلام ) فهم يكفرون أردوغان سياسياً ( ليس عقائدياً)

 

بعد تداول القضية المرفوعة أمام القضاء التركي لمدة اثنى عشر عاماً بإبطال قرار الحكومة التركية عام 1934 بتحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف

أصدرت المحكمة العليا اليوم الجمعة 10/7/2020حكمها ببطلان القرار وإلغائه وإعادة المتحف مسجداً كما كان حيث ظل مسجداً منذ فتح السلطان محمد الفاتح مدينة القسطنطينية (إسطنبول) عام 1453 وتم تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد وقد قيل بوجود أوراق ثبوتية بشرائها من البطاركة آنئذ.

وقد أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرسوماً جمهورياً في الحال بفتح المسجد للمصلين.

وليس بخافٍ على أحد أن الغالبية العظمى من الشعب التركي تدين بدين الإسلام وأن نسبة النصارى 6, % ستة من عشرة في المئة حسب إحصاء 2019 أي أن عددهم أقل من  1% في عموم الجمهورية التركية وأن عددهم في اسطنبول لا يملأ زاوية فضلاً عن كنيسة وتوجد عشرات الكنائس في المدينة.

لا يوجد اعتراض مسيحي

والعجيب أنك لا تكاد تسمع صوت مسيحي تركي معترض والأصوات العالية من أفراد حزب الشعب الجمهوري (دينهم الإسلام) فهم يكفرون أردوغان سياسياً (ليس عقائدياً) بالطبع وهم معارضون له على أي فعل مهما كان، وللإنصاف يوجد غيرهم ممن يخافون على تركيا ودائماً قلقون من قرارات أردوغان الجريئة ولكن التجارب والواقع المعاش والنظام العالمي لا يحترم الضعفاء بل يدوسهم تحت قدميه مهما قدموا من تنازلات.

ثم هذه الأصوات الناعقة من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي تألمت من القرار الذى لم يراع مشاعرها ومشهورُُ عنهم الحس المرهف والمشاعر الرقيقة إزاء المساجد فى الشيشان وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي المنحل التى لم يُكتف بتحويلها إلى كنائس بل تم طلاء جدران بعضها بدماء المسلمين التى سفكت، وإن تعجب فالعجب أشد من هذه الأصوات الحانية الرقيقة في أوربا التي لا تستحيى إذ تعطى ظهرها لمسجد قرطبة وكل مساجد الأندلس التي تحولت إلى كنائس وتقام الصلوات فيها على جماجم وأشلاء المسلمين والذين فعلت بهم محاكم التفتيش ما يشيب من هوله الولدان.

واليونان ليست أكثر حياءً من هؤلاء

أما حزب الليكود العربي الذى لا يجمع صناديده إلا الحرب على الإسلام فلا تتعجب من عويلهم ولطمهم الخدود وشقهم الجيوب وستتوالى إصدارات دار الندوة ووزارات الأوقاف ودور الإفتاء بتكفير أردوغان وإخراجه من الملة إذ كيف يعيد المتحف كما كان مسجداً ويفتحه للمصلين في وقت أحرزوا فيه انتصاراتهم في غلق المساجد، وترميم مقابر اليهود بعشرات الملايين في دولة “فقيرة قوى” أو بناء معبد يهودي في دويلة لا يوجد يها يهودي واحد ولكنها رسائل الحب والغرام وتسامح الأديان، ولتسأل الكلاب الضالة أليس هذا شأناً داخلياً تركياً يناقشه الأتراك؟  

ألستم تقولون بالدولة القومية ؟

ما الرابط بين كنيسة في روسيا أو اليونان أو أوربا وبين كنيسة تركية صارت مسجداً لمدة خمسمئة عام ثم أصبحت متحفاً ثم عادت مسجداً ؟

وهل لو تم تحويل مسجد إلى متحف كنتم ستحدثون تلك الضجة أو حتى تهمسون بكلمة أو تبدون القلق العميق أو الرقيق؟

ستسمع من بعض المتصهينين الأعراب أصوات التكفير لأردوغان وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير .

وهنا تعلو أصوات التكبير تشق عنان السماء ولا تلتفت لذلكم الغث والنقيق والنهيق.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه