هل ستغير تركيا سياساتها عام 2021؟

أردوغان

عادة ومع بداية الأعوام الجديدة تتجه الأنظار إلى سياسات بعض الدول الكبرى والمؤثرة في العالم، كيف ستكون سياساتها في العام الجديد، هل سنشهد تغييرات جذرية في بعض السياسات هل وهل، وهذا أمر طبيعي.. ترقب وانتظار.

ومن بين هذه الدول التي أضحت اليوم محل اهتمام إقليمي ودولي، تركيا، التي بات الكثيرون ينتظرون تحركاتها ويترقبون سياساتها في الكثير من الملفات الكبرى والحساسة، فتركيا وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء لم تعد كما كانت عليه قبل عقدين من الزمن ضعيفة غير مؤثرة لا يُسأل عنها كثيرا، بل أصبحت اليوم من الدول التي تغير موازين هنا وهناك.

ومن هذا المنطلق، تتجه الأنظار إلى تركيا، كيف ستكون سياساتها في العام الجديد 2021؟

وكي لا نطيل كثيرا في هذا المقال، فإننا سنستعرض أهم النقاط والسياسات الكبرى التي من المنتظر أن تتبعها تركيا والتي لن تتغير كثيرا أصلا عن عام 2020 أو الأعوام التي سبقته.

من أهم الملفات الحساسة، ملف شرقي المتوسط وحقوق تركيا من الثروات الطبيعية، هنا لا تغير في مواقف تركيا وسياساتها خلال العام الجديد لأن الأمر محسوم بالنسبة إليها، فحماية الحقوق أمر لا تراجع عنه، ومواجهة الطامعين في حقوقنا أمر لا يمكن السكون عنه.

والكرة في هذا الملف هي في ملعب الطرف الآخر، اليونان، التي يجب عليها أن تجلس إلى طاولة الحوار مع تركيا إذا كانت تريدا حلا عادلا للمشكلة هناك، وعلى اليونان ومن يدعمها ألا تنتظر أي تغيير أو أي تراجع في سياسات تركيا شرقي المتوسط.

فإن السياسة التركية في ما يتعلق بملف الخليج العربي ثابتة أيضا وبالتحديد مع قطر لناحية استمرار التحالف الاستراتيجي بين الدوحة وأنقرة

في القضية القريبة جغرافيا واستراتيجيا لقضية شرقي المتوسط، أي القضية الليبية، لا تراجع في سياسات تركيا هناك، إن كان لناحية الدعم المطلق والكبيرة لحكومة الوفاق الوطني وعلى كل الأصعدة وخاصة العسكرية، وكذلك لا تغير لناحية موقف تركيا الداعم للحوار الليبي ـ الليبي، والمشجع أيضا لمشاركة الدول الإقليمية المؤثرة بهذه القضية، بهدف إنهاء الأزمة بما يحفظ مصالح الشعب الليبي ووحدة أراضي بلاده.

وإذا أردنا أن نتجه شرقا قليلا، فإن السياسة التركية في ما يتعلق بملف الخليج العربي ثابتة أيضا وبالتحديد مع قطر لناحية استمرار التحالف الاستراتيجي بين الدوحة وأنقرة، وكذلك في ما يتعلق بالسعودية لا تغيير في الموقف تركي، لأنه لم يكن يوما عدائيا تجاه السعودية، بل إن التغيير الإيجابي أتى من الرياض فقوبل بيد ممدودة من أنقرة وبالتالي يمكن أن يشهد عام 2021 تحسنا أكبر بالعلاقات التركية السعودية.

وإذا اقتربنا أكثر للحدود التركية، فإننا سنكون أمام ملف حساس وهو الملف السوري، وفيه شقان، الشق الأول يتعلق بالنظام السوري فإن الموقف التركي منه ثابت لناحية أنه نظام غير شرعي ويجب إنهاؤه من خلال عملية سياسة شاملة في كل سوريا، والشق الثاني هو الشمال السوري، تركيا ثابتة هناك بتحركاتها العسكرية ضد التنظيمات الإرهابية، وقد توسع هذه العمليات قريبا، وكذلك الوجود العسكري التركي في إدلب غير قابل للنقاش، حيث تهتم تركيا في الشمال السوري بملايين المدنيين السوريين.

وفي العراق، وشماله تحديدا، فإن التحركات التركية العسكرية ستتوسع عام 2021 ضد حزب العمال الكردستاني الإرهابي، وذلك بمزيد من التنسيق الأمني والعسكري بين أنقرة وبغداد وحتى مع أربيل، وبالتالي فالسياسة التركية هناك ثابتة وصامدة لإنهاء الإرهاب الذي يزعج العراقيين قبل الأتراك.

والحال نفسه في الملف الأذربيجاني، حيث ستوجد تركيا أكثر هناك حماية لحليفتها أذربيجان، ومن غير الوارد أن تتراجع مواقف أنقرة هناك، خاصة أن انتصار قراه باغ حقق لتركيا وللأتراك في العالم نقطة إيجابية استراتيجية على طريق إعادة الاتحاد بين دولهم التركية.

ونختم بالسياسة العامة التركية في العام 2021 مع بقية دول العالم،  التي يمكن أن نلخصها أن سياسة ستعتمد على قاعدة القوة المتبادلة والندية المتبادلة حيث ترفض تركيا أن يتم التعامل معها على أساس التبعية أو من منظور انتقاص لها.

سياسة تركيا في العام 2021 لن تختلف كثيرا عما كانت عليه عام 2020، بل ستكون أكثر زخما لتحقيق مصالح تركيا الإقليمية والدولية، وكذلك مصالح حلفائها الصادقين، وبالتالي السفينة التركية تسير كما هو مرسوم لها رغم كل الرياح الشديدة والعواصف القوية والأمواج الهائجة.