توصيات البرلمان الأوربي .. وماذا بعد ؟!

البرلمان الأوربي

غضبة البرلمان الأوربي وتفاعله وحماسه لصالح ملف حقوق الإنسان المصري يشبه لحد كبير مواقف عددُ غير قليلٍ من الشعوب و النُخب العربية التي تعتبر نفسها ليست طرفا في الصراع القائم، وربما يكون البعض منحازاً ضد المظلوم المكلوم لاعتبارات المواقف والمصالح وغياب المعلومات أو حتى كيد النساء السائد في علاقات هذه المنطقة من العالم .

يظل هؤلاء على حالهم هذا حتى ينالهم المصاب الذي أصاب غيرهم، بالقتل أو الجرح أو الأسر أو مصادرة الأموال أو فرض الاتاوات، وقتها يعود العقل ويرجع الرشد ليتبين هؤلاء ظلم النظام ومؤسساته الفاسدة؛ حتى لو قيل عنهم خير أجناد الأرض، أو وصفهم البعض بالشموخ والنزاهة وهم في وحل الظلم غارقون.

هكذا كان وما زال الغرب، بما فيه البرلمان الأوربي رغم قوة الموقف الأخير وتوصيات نالت بالإجماع 434 صوتا مقابل 49 صوتا، وضعت السيسي ومربعه الاقليمي في الزاوية، ودعك من أجهزة السيسي ومؤسساته فلا أحد يهتم بها أو يسمع لها وهي تعلم ذلك جيدا (راجع تصريحات وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل عن الإعلام المصري).

البرلمان الأوربي غاضب من السيسي ويطالب بالإفراج الفوري عن 25 ناشطا حقوقيا من إجمالي سجناء تجاوز عددهم الـ 60 ألفاً بينهم أطفال دون الـ 18 عاما ، وفتيات ونساء وشيوخ  وعجائز لم يلتفت اليهم البرلمان الأوربي الذي دافع عمن يخصه من سجناء أجانب، أو من يقف في هذا المربع ولا بأس، المهم أن يعلن للعالم غير الأخلاقي والذي يغض الطرف عن جرائم ضد الإنسانية تتم في غالبية بلدان العرب بعلم غربي، وربما بإشراف غربي وتعاون رسمي (راجع الأخبار المتداولة عن سجن تشرف عليه فرنسا لصالح الإمارات وسجناء من اليمن).

ما تم من البرلمان هو حصاد عمل منظمات وشخصيات مصرية وطنية بالتواصل والتفاهم وعرض الملفات

لم تفلح مليارات الخليج ولا مليارات شراء الأسلحة ولا مليارات الاستثمار في أبار الغاز لشرق المتوسط، ولم يفلح ما تنازل عنه السيسي من الأرض والمياه الإقليمية ولا الديون وفوائدها للمؤآسات الدولية في منع تصويت اغلبيه البرلمان من ادانة السيسي ونظامه، وأنه نظام مستبد يحكمه طاغية.

ما تم من البرلمان هو حصاد عمل منظمات وشخصيات مصرية وطنية بالتواصل والتفاهم وعرض الملفات وهو جهد يحتاج استكمال، ولا نقف عند القول بأن العالم يسمع ويري، لا .. العالم أبكم وأصم ولا يتعامل إلا بالمحسوس، فلتُحمل الملفات ولتُطرق الأبواب وليأتي بالشهود والضحايا والوثائق، هكذا تعمل المنظمات الحقوقية ذات العلاقات الدولية.

الوصايا الصادرة فرصةٌ كبيرةٌ لصالح المعارضة والحقوق المشروعة تحتاج التعظيم خاصة توحد المعارضة إذ كيف يتوحد البرلمان الأوربي نصرة لهم ولا يتوحدون هم نصرة لأنفسهم

توصيات البرلمان الأوربي تقطع شوطا كبير لتسهيل تواصل المعارضة المصرية بالخارج مع أوروبا كلها، على مستوى الحكومات والبرلمانات والمنظمات الحقوقية والإعلام الغربي، فرصة كبيرة تحتاج من يقدرها ويدفعها إلى الأمام .

ما تم من توصيات من الممكن ألا تعيره النظم السياسية الحاكمة اهتماماً؛ وهذا واراد لأن البرلمان الأوربي شئ والنظم السياسية الحاكمة شئ آخر لكنها في جميع الأحوال نقطة قوية مضافة لجولة الصراع مع أنظمة الاستبداد والفساد والقمع.
التوصيات تؤكد أن هناك نسبة كبيرة في هذا العالم تتوقع تغيرات قادمة في المنطقة خاصة مصر، وأن العالم سيكون أكثر قبولا لها شرط أن نكون نحن أكثر قبولا لأنفسنا والآخرين

من المتوقع تحرك فاعل لأذرع المربع الصهيوخليجي بملياراته الضخمة لإنقاذ السيسي ومنظومة الانقلاب وبالفعل سيحدث، لكنها جولة تُحسم بالنقاط الفنية لا الضربة القاضية، وتوصيات البرلمان الأوربي ال 19 تمثل عدد كبير من النقاط .

العالم يعلن أن الشعوب عاشت وفكرت ومارست وذاقت، وهي أمور كفيلة بأن تجعلها دائما في شوق للتكرار، مهما تحملت من الأم وجراح عن ذي قبل، ويبقى الرهان على الشعوب أصحاب القضية لا غيرهم.