تركيا وفن إنتاج الفرص

 

أن تبحث عن الفرص فهذا مطلوب، وأن تحسن إدارتها فهذا منشود، أما أن تنتج الفرص فهذه تركيا أردوغان وسياستها الخارجية.

 نعم لقد رفع البروفسور أحمد داود أغلو شعار (صفر مشاكل) عندما كان وزيراً للخارجية، لكن ربما تملك حكمة عدم السعي إلى المشاكل وكذلك مهارات تجنبها، لكن أن تفرض عليك المشاكل وبقصد من كبريات الدول؟ فالصفر هنا غير موجود، بل قد ترغم على صناعة المشاكل والسعي إليها حفاظا على وجودك وحدودك، ومكانك ومكانتك، بل أصبح السعي إلى مشكلات بعينها عين الصواب والسلامة والإنجاز، هذه هي تركيا أردوغان.

السلطان العثماني

 المشهد التركي يحتاج إلى الكثير من النظر والتفكر والتدبر والاستفادة، دولة على الخط الفاصل بين أسيا الصاعدة الواعدة وأوربا العجوز.. دولة تمثل  الضلع الثالث في مثلث  القوى الفاعلة في المنطقة مع كل من إسرائيل وايران، تمتلك  ثروة بشرية كبيرة قرابة الـ70 مليون نسمة وبها قرابة 5 ملايين وافد بين لاجئ ومهاجر ومنفي، تتمتع  باقتصاد قوى فهو  الـ 16 عالميا ومعلق بها قلوب وأمال مئات الملايين من شعوب دول المنطقة لما عرف عنها من العدل والسلامة والإيواء وحسن البلاء ، فرضت نفسها ممثلاً  لقرابة 2 مليار مسلم خاصة في القضايا المتعلقة بنصرة الإسلام والأقليات الإسلامية في العالم ، لدرجة لقب فيها الرئيس أردوغان  بالسلطان العثماني  وقيل إنه يسعى لإعادة  الامبراطورية العثمانية من جديد ! قد يكون هذا طموحا قوميا، وربما من الخصوم تحريضا دوليا

تركيا تمارس دورا برجماتيا بغطاء أخلاقي محافظ، حدث هذا في سفينة مرمرة لكسر الحصار المفروض على غزة.

 وتركيا توقف المشروع الاقليمي فى ليبيا بواسطة اللواء المنشق حفتر، وحدث هذا في مياه شرق المتوسط بإصرارها على كسر أى حصار إقليمي على حدودها وحقوقها المائية ، وحدث هذا حينما أصبحت تركيا تمثل مأوى ثوار الربيع العربي من بطش الثورات المضادة، وحدث هذا بالدعم العسكري لدولة أذربيجان ضد أرمينيا وتحقيق انتصارات تاريخية واسترداد الأراضي المحتلة ، وفوق كل هذا تتصدر تركيا الدولة والمؤسسات مشهد الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضد الإساءات الأوربية  خاصة في فرنسا ورئيسها المهووس ماكرون الذي أصبح يعانى من كابوس أردوغان وتركيا.

دولة عظمى

هذا التفوق التركي فرض على الإعلام الصهيوني الاعتراف به في كبريات الصحف المحلية والدولية حيث كتبت “هآرتس” الإسرائيلية: 

“أردوغان بنى تركيا دولةً عظمى وقوة سياسية لا يمكن تجاهلها أو الاستهانة بها، وباتت مستعدة لمواجهة أوربا وروسيا وأمريكا، أردوغان يخطط لنظام عالمي جديد تكون فيه تركيا نجما صاعدا، ولم يعد بوسع أحد كترمب  أو بوتين والاتحاد الأوربي إيقافه ، ومن الخطأ الاعتقاد أن بايدن ـ اذا فاز ـ سيواجه أردوغان “.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه