خاتمة عزمي مجاهد

صحيح عزمي مجاهد كان واحدا ممن تتفننوا في الدفاع عن نظام السيسي، وواحدًا ممن قذفوا المحصنات الغافلات، وواحدًا ممن شجعوا على القتل وصفقوا له.

مثلما كان ظهور عزمي مجاهد لاعب الكرة الطائرة وعضو مجلس إدارة الزمالك السابق في الوسط الإعلامي مفاجئا للناس، فقد جاءت وفاته مفاجئة أيضا، فما أن علم الناس بإصابته بفيروس كورونا وحجزه بإحدى مستشفيات حي الدقي حتى جاءهم نبأ وفاته، فما بين إصابته بالفيروس وإعلان وفاته لم يمض سوى أسبوع واحد تمكن فيه الفيروس من إحكام قبضته عليه والتغلل في أجهزته التنفسية، فشلت معه كل أجهزة التنفس الاصطناعي في أن تجعله يأخذ ولو نفسًا واحدًا يبقيه على قيد الحياة!

الموت علينا حق، وكلنا سنموت ونرحل مثلما رحل عزمي مجاهد، ولن تبقى إلا الذكرى، فإما تكون خيرا ويترحم عليك الناس ويذكروا محاسنك، أو سوءا فيلعنك الناس ولا يذكروا لك إلا مساوئك، والعبرة بالخواتيم.

والحقيقة أن ما جرى مع عزمي مجاهد بعد الوفاة أمر يستحق التوقف والتأمل والعظة في ظل حالة الفرحة الطاغية التي استقبل بها الغالبية من المصريين خبر الوفاة، حالة تناسب موت حاكم باطش أو عدو غاشم وليس مجرد شخص ظهر في الإعلام أيام معدودة لم يترك فيها أثرا يذكر!!

 صحيح عزمي مجاهد كان واحدا ممن تتفننوا في الدفاع عن نظام السيسي، وواحدًا ممن قذفوا المحصنات الغافلات، وواحدًا ممن شجعوا على القتل وصفقوا له، لكنه يظل واحدًا من عشرات وربما مئات فعلوا مثله وربما أكثر، ومع ذلك لم يشمت فيهم الناس ويفرحوا لموتهم مثلما فرحوا وهللوا وكبروا لموت عزمي مجاهد.. فما الذي بينك وبين ربك يا عزمي؟!!!

إلغاء العزاء

لم تكن حالة التشفي في موت عزمي مجاهد عند الكثيرين من المصريين، هي الشيء الوحيد اللافت بعد رحيله، وإنما كانت هناك العديد من المظاهر الأخرى التي جاءت لتضعنا أمام نوع وطبيعة الخاتمة، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب حالة ضخمة من التهافت للتعقيب على الوفاة، كلها تهلل وتكبر وتحتفل، لم أر صفحة واحدة على أي من مواقع التواصل الاجتماعي خرجت لتترحم على الرجل أو حتى تدافع عنه وتذكر محاسنه، حتى أقرب الناس إليه والذين أعرف منهم الكثيرين عزفوا عن رثائه والترحم عليه خجلا وتراجعا أمام الأعداد الغفيرة المحتفية بوفاته!!

تعلم الناس أن حسن وسوء الخواتيم هو علامة لمصير الناس بعد الوفاة، والحديث الشريف يقول: عن أنس رضي الله عنه، قال: مَرُّوا بجنازة، فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَت»، ثم مَرُّوا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَجَبَت» فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال صلى الله عليه وسلم: « هذا أثنيتم عليه خيراً، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض »

ومن الشواهد أيضا الدالة على صلاح الميت أو فساده هو أعداد الناس التي تودعه إلى القبر فيه وتصلي عليه، وقد ظهر من مراسم الجنازة أن من شيعوه كانت أعدادهم قليلة جدا ولا تتناسب مع الشهرة التي تمتع بها في سنواته الأخيرة، كما لا تتناسب مع علاقاته الواسعة بالوسط الرياضي والسياسي أيضا، بل العجيب هو أن أسرته نفسها لم تتمكن من وداعه والمشاركة في جنازته، فزوجته وابنه الوحيد أمير مدرب الكرة وزوجته كانا قد أصيبا بالفيروس أثناء زيارتهما له بالمستشفى، بل الأعجب والأغرب من كل ذلك هو أن تقرر وزارة الداخلية العزاء الوحيد الذي كان سيقام له بمسجد الحامدية الشاذلية وهو العزاء الذي وعد به مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك لكن الداخلية رفضت إقامته قبل يوم واحد تطبيقا لإجراءات الحجر الصحي!

تتوقف المفارقات عند هذا الحد؟ أبدأ، فابنه الوحيد الذي يعتمد كليا على علاقات والده للعمل بالأندية رغم إمكاناته المحدودة في التدريب، تم مؤخرا بيع النادي الذي كان يعمل به وهو نادي إف سي مصر الذي أشترته شركة زد المملوكة لنجيب ساويرس، ليصبح أمير في الشارع.

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه