لماذا تمنع القاهرة هنية من القيام بجولة خارجية؟

هنية يشكر مصر بعد الإفراج عن 4 شبان من حركة حماس

يبدو أن القيادة المصرية غير مدركة أن منع جولة هنية المعبرة عن قيادة الداخل، وما تشكله من ثقل في صناعة القرار له أبعاد وارتدادات على طبيعة العلاقة بين الجانبين.

من المعروف أن العلاقة بين حركة حماس ومصر شهدت مؤخرا تحسنا كبيرا وتناغما واضحا، وتم ترجمة ذلك بوقائع على الأرض إذ قدمت مصر امتيازات وإشارات إيجابية للحركة. وجاءت الامتيازات في ظل رفض تام من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أبرزها: استمرار عمل معبر رفح رغم خروج حرس الرئاسة منه، وإدخال كميات متواصلة من الوقود ومواد البناء وبعض الأمور التجارية الأخرى التي من شأنها التخفيف من الحصار الخانق على قطاع غزة ..
 كما سمحت مصر لحماس أن ينعقد المكتب السياسي بكامل أعضائه بالقاهرة.
وجاءت إحدى الإشارات الإيجابية بتحسن العلاقة مع الإفراج عن المخطوفين الأربعة وحل هذا الملف الذي كان شائكا في حينه، فيما ظلت حماس متمسكة بخيار الانفتاح بالعلاقة مع مصر كخيار استراتيجي، وركزت على أهمية الدور المصري في رعاية المصالحة الفلسطينية، بل وبقيت داعمة لعدم خروج هذا الملف من القاهرة بالإضافة لاحترام حماس موقف الوسيط المصري في رعايته لتفاهمات التهدئة مع التركيز على ضبط الحالة الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

لماذا لم يخرج هنية في جولة خارجية حتى الآن؟

ما دفعني لهذا السؤال هو منطقيته؛ فبعد فوز إسماعيل هنية برئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، من الطبيعي جدا أن تكون له جولة خارجية لعدد من دول وعواصم العالم التي يمكن من خلالها حشد الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية بالإضافة لتشبيك العلاقات بين حركته وبعض الدول المعنية بهذه العلاقة في المحيط.

قرابة 3 زيارات لهنية بصفته رئيس المكتب السياسي لحماس تجاه القاهرة كان من المتوقع في إحداها أن يغادر مصر متوجها لعدد من الدول العربية والإسلامية، غير أن هذا الأمر لم يتم، إذ في كل مرة يعود وفد الحركة لغزة مؤكدا متانة العلاقة مع الجانب المصري.
في نوفمبر من العام الماضي وجهت الخارجية الروسية دعوة رسمية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لزيارة العاصمة موسكو غير أن هذه الزيارة أُلغيت بعد ضغوط خارجية نجحت في أن تلغيها.
استمر الوضع على حاله ولم يُعلن بعدها عن أي زيارة لقيادة حماس بقطاع غزة خارج مصر ما يؤكد أن هناك قرارا مصريا بمنع هنية من السفر خارج مصر.

 

تحرك قيادة الخارج في ظل منع قيادة الداخل 

يبدو أن الزيارات الأخيرة التي تحركت بها قيادة حماس بالخارج برئاسة رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل هي أيضا تؤكد أن هناك صعوبة بل استحالة في سفر قيادة غزة لا سيما أن هذه الزيارات جاءت في ظل تحركات أمريكية وإقليمية يعد أخطرها ما يعرف بصفقة القرن بشأن القضية الفلسطينية ..
 يضاف لذلك الأزمة المالية التي تعصف بالحركة وذراعها العسكري كتائب القسام، وبالتالي لم يعد هناك مجال أمام قيادة الخارج سوى سد الثغرة، والبدء بجولات خارجية كان أبرزها لماليزيا وقطر، ومن المتوقع أن يكون هناك زيارات لدول أخرى.

 

أبعاد منع مصر لقيادة الداخل من السفر

يبدو أن القيادة المصرية غير مدركة أن منع جولة هنية المعبرة عن قيادة الداخل، وما تشكله من ثقل في صناعة القرار له أبعاد وارتدادات على طبيعة العلاقة بين الجانبين؛ فمصر التي تحافظ على الملف الفلسطيني في حاضنتها بشكل حصري قد يتأثر دورها على المدى القريب في وجود منافسين مثل: قطر وتركيا – تناصبهما مصر العداء- اللتان تتمتعان بعلاقات قوية ومؤثرة مع قيادة الخارج.
مصر بهذا المنع عززت أيضا الرؤية التي تقول إن غزة لا تصلح أن تكون مقرا لقيادة الحركة، وهو أمر لا تحبذه القيادة المصرية حيث تتعامل وتناور بحرية مع القطاع وهو أمر غير متاح خارجه.
ورغم كل ما سبق فإنه من السابق لأوانه أن نقول إن العلاقة بين حماس ومصر وصلت لحد القطيعة، لأن طبيعة الجغرافيا تجبر الأطراف على ذلك؛ لكن قد يختلف أمر واحد -وهذا أمر مهم- هو أن قيادة غزة لم تعد تملك الثقل في القرار، وسينتقل الثقل لقيادة الخارج التي تتمتع بعلاقات قوية مع من ينافسون مصر في ملف القضية الفلسطينية.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه