هل تستحق؟

 

هل تستحق كرة القدم كل الضجيج الذي فعله القطريون بعد فوز منتخبهم بكأس الأمم الأسيوية لتلك اللعبة؟

سؤال استهجاني تكرر على كل الألسنة بين السياسيين والمسئولين والاعلاميين الكبار فى دول الحصار.. الإمارات والسعودية ومصر.

السؤال منطقي.. ولكن انتشاره بنفس الصيغة والسرعة على تلك الألسنة يعكس تيارا موحدا يتم توجيهه بدقة من بوق واحد.

عموما نترك النوايا ونناقش السؤال.

هل تستحق؟ الإجابة: نعم تستحق.

بل وتستحق أكثر جدا مما حدث.

ففى الأوضاع الطبيعية ومنذ مطلع القرن العشرين تحظي الانتصارات الرياضية الكبري بحفاوة منقطعة النظير عند الشعوب والحكومات.

ولا ننسي حرص الرئيس الفرنسي ماكرون والرئيسة الكرواتية كوليندا ومعهما الرئيس الروسي بوتين على حضور المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم فى يوليو الماضي فى موسكو.. وفور فوز وتتويج المنتخب الأزرق شاهد العالم الاحتفالات الفرنسية العملاقة بمنتخبها بطل للعالم.. بل امتدت الاحتفالات الشعبية الضخمة فى كرواتيا وبلجيكا بمنتخبيهما رغم أنهما إحتلا المركزين الثاني والثالث على التوالي فى البطولة.

إذن.. نعم تستحق.

وفى 2014 سافرت انجيلا ميركل رئيسة وزراء المانيا إلى البرازيل لتكون شاهدا على فوز بلدها على الارجنتين فى المباراة النهائية لكأس العالم.. وعلى مدار العقود الستة الأخيرة صار سباق الدول لتنظيم كأس العالم والدورات الاوليمبية بين أولويات الرؤساء والملوك والأمراء لتحقيق مكاسب لبلادهم وزيادة شعبيتهم بين مواطنيهم.

ولأن كرة القدم هى سيدة الألعاب الرياضية فقد صارت رمزا نادرا فى كل دول العالم لتحقيق الاصطفاف الكامل للشعب على كلمة واحدة بعيدا عن الانقسامات الداخلية سواء كانت حزبية او سياسية او عرقية او دينية.. وعبر السنوات السبعة الأخيرة لم يتفق المصريون على كلمة واحدة إلا بالفرحة العارمة بصعود منتخبهم لكأس العالم 2018.

إذن.. نعم تستحق.

ما فعله القطريون بداية بالأمير ومرورا بكل المسئولين ونهاية بأصغر طفل هو رد فعل طبيعي ومنطقي لانتصار لم ينتظره أو يتخيله أحد.. فإذا به يتحقق بجدارة غير مسبوقة واستحقاق لم ينكره أشد المكابرين فى الخصومة.

رد فعل القطريين وفخرهم بالانتصار اندمج مع ترفع بلا شماته وتواضع بلا مبالغة رغم أن الانتصار تاريخي بكل المقاييس.

إذن.. نعم تستحق.

كأس اسيا 2019 ستبقي علامة فارقة فى تاريخ الخليج والقارة واللعبة.

فيها توجت قطر بطلا لأسيا بجدارة أذهلت العالم.

وخسر محاصروها رياضيا وسياسيا وأخلاقيا وإعلاميا.

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه