ما لا تعرفه عن وزيرة الصحة الجديدة بمصر!

وحيث إنني كنت شاهدا على تلك الفترة من عمر الوزارة فقد لعبت الوزيرة دورها ببراعة شديدة إذ أظهرت الولاء والانصياع التام حد التملق.

منذ الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 تولى وزارة الصحة ثلاثة وزراء حتى التشكيل الحكومي الأخير برئاسة مصطفى مدبولي وهم د. مها الرباط، د. عادل عدوي، د. أحمد عماد الدين، ولم يكن هناك ما يستدعي الحديث عن هذه التغييرات رغم معرفتي ببعض هؤلاء الوزراء.

لكن استوقفني طويلا اسم وزيرة الصحة في التشكيل الحكومي الأخير د. هالة مصطفى زايد إذ أعتبره نقلة نوعية في أسلوب الاختيار، وهو ما سينعكس على الأوضاع الصحية في مصر في المدى القريب.

التكيف

تتمتع الوزيرة الجديدة بقدرات هائلة على التكيف مع كافة الأنظمة والسياسات والرؤساء كذلك، فقد تقلدت مناصب عدة منذ التحاقها بالعمل في الوزارة في 2006 ورغم تناوب 10 وزراء على المنصب من ذلك الحين إلا أنها استطاعت دائما حجز مقعد متقدم في المناصب داخل الديوان.

مثلت فترة حكم الرئيس محمد مرسي انقلابا في نظر الجهاز البيروقراطي للدولة حاول سدنته التكيف معه ومقاومته في آن واحد، ولا شك أنها كانت فترة عصيبة لهم، وحيث إنني كنت شاهدا على تلك الفترة من عمر الوزارة فقد لعبت الوزيرة دورها ببراعة شديدة إذ أظهرت الولاء والانصياع التام إلى حد التملق لنظام الحكم الجديد والذي كان يبحث عن التوافق ويتجنب الصدام بدوره؛ فاستطاعت رئاسة قطاع شؤون مكتب الوزير وهو أهم وأخطر قطاعات الوزارة لنفاذه إلى كافة مفاصل العمل.

هذا الولاء والتملق الظاهري لم ينعكس أبدا على العمل والإنجاز وإنما كان غطاء لسياسة التعويق المتبعة داخل كافة الوزارات في هذا الوقت، في ظل عجز الوزير والحكومة عن مواجهة تلك السياسات ولم يكن تعويق العمل وحماية الفاسدين سرا بل كان معلوما للكثيرين من صغار وكبار الموظفين وحذروا منه مرارا بلا جدوى.

دون مؤهلات

الوزيرة التي بدأت حياتها المهنية في عام 92 بعد تخرجها اكتفت بالحصول على دبلومة في تخصص النساء والولادة خلال 14 عاما هي عمرها في ممارسة المهنة، فقد التحقت بعد ذلك بالعمل القيادي في 2006 ودون مؤهلات لكنها أحسنت استغلال المنصب بعد ذلك في الحصول على الماجستير والدكتوراه في الإدارة على نفقة الوزارة بمنح بالأمر المباشر.

مثّل الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 محطة فارقة في مسيرة الوزيرة إذ قدمت خدمات جليلة للجنرال المنقلب وحصدت الجائزة الكبرى بعد 5 سنوات بتعيينها وزيرة وهو ما كان مستحيلا في حينه لعدم قناعة باقي قيادات الوزارة بها وعدم رغبة النظام في حدوث أي اضطراب.

فور إعلان بيان الانقلاب قدمت هالة زايد نفسها للمؤسسة العسكرية كحارس أمين للوزارة والقائم الفعلي بأعمال الوزير حتى تعيين د. مها الرباط في 16 يوليو، ورغم قصر تلك المدة إلا أنها قدمت فيها الكثير للنظام

في خدمة الانقلاب

فقد قامت بإخفاء كافة البيانات الحقيقية للقتلى والمصابين للأحداث المشتعلة في ذلك الحين، وتولت التغطية على مجزرة الحرس الجمهوري في 8 يوليو والتي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد، وقامت بتخفيض الرقم إلى 51 ضحية فقط.

وسارعت بنفي تصريح المتحدث الرسمي للوزارة في ذلك الحين- كاتب هذه السطور- بل وسارعت لنفي الصفة عنه كلية والتلويح بمقاضاته وهو ما لم يحدث حتى اللحظة.

كما بادرت بتقديم أسماء كافة المنتسبين أو المقربين من حزب الحرية والعدالة من العاملين بالديوان العام للوزارة إلى الجهات الأمنية لإقصائهم من وظائفهم.

واختتمت تلك الفترة القصيرة بقرار غريب بتجريم كافة أشكال الاعتراض والإضراب داخل المستشفيات في انتهاك للحق الدستوري والقانوني في التعبير وتنظيم الإضرابات وهو القرار الذي تبرأت منه د.مها الرباط بعد ذلك.

دائما ما حافظت وزارة الصحة على بعض المهنية في التعامل مع الشأن الطبي في مصر رغم تدهور الأوضاع وتراكم المشكلات، وكان الوزراء يحاولون الابتعاد عن المعارك السياسية والتأييد الفج للنظام احتراما للمهنة في المقام الأول؛ لكن التغيير الجديد بتنصيب وزيرة بدرجة “ضابط” ينذر بقرارات وخيمة تمس المرضى والأطباء والكادر الصحي بوجه عام.

ولعل تصريح الوزيرة الأول بامتداحها لمنظومة التأمين الصحي الجديد وعدم خذلان القيادة السياسية هو إعلان لخصخصة الخدمة الصحية في مصر بشكل كامل.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه