ديرة العز: قنابل سياسية قطرية

من المشاهد القوية في المسرحية مشهد لقاء إيفانكا وترمب في السعودية واستقبالهما برقصة السيف الذي يكشف كيف باعوا كل شيء مقابل إيفانكا!

-أدعوك لحضور مسرحية ديرة العز!

توقفت قليلا قبل أن أجيب الصديق “علي المسند” مسرحية وقطرية..!!

لا أتحمل الجلوس على كرسي في المسرح لثلاث ساعات أشاهد مسرحية، أفضل مشاهدتها وأنا جالس في البيت أمام التلفاز، كنت أخرج من مسرح الهرم في منتصف عرض مسرحية عادل إمام، وكذلك كنت أفعل مع محمد صبحي في مسرح راديو، ومع محمد هنيدي في مسرح الزمالك.

حفزني المسند بأنها تمتليء بالإسقاطات السياسية، وأنها ليست ثلاث ساعات، وتحمست أكثر لأني أعرف الفنان عبد العزيز جاسم والفنان سعد بخيت وشاهدت لهما أعمالا قبل ذلك، ذكرتني المسرحية بأعمال المسرحي الكويتي سعد الفرج.

الحقد

تبدأ ديرة العز بعرض غنائي راقص، ثم تحكي وبذكاء فني وسياسي مذهل عن الحقد الذي ظهر ضد قطر بمجرد ظهور الغاز عندهم، والذي انتهي إلى قصة حصار قطر، من خلال أبو مانع (عبد العزير جاسم) الذي يأتي اليه أولاد عمه من السعودية والبحرين والإمارات، ومعهم شخص من مصر، يطلبون منه أن يقاسمهم الغاز الذي ظهر في قطر، ويحاول أبو مانع الجلوس معهم على الطاولة للتفاهم وحل الأمور بين أبناء العمومة، لكنهم يرفضون، يحاصرونه ويطردون ابنه الذي كان يؤدي العمرة، وابنته التي كانت تتعلم في جامعة الإمارات.

وسط ألم الحصار النفسي والإجتماعي من قبل أولاد العم، لا يجد أبو مانع من يكسر الحصار سوى شمعة من سلطنة عمان، وفاتح التركي الذي يدخل إلى المسرح على وقع موسيقى مسلسل أرطغرل، وشاب ايراني، ورجل سوداني( لعب دوره الممثل القدير محمد السني) وزوجته.

في كوميديا سوداء تستعرض المسرحية أيام الحصار، مع عشرات الإسقاطات السياسية بين اللوم والحزن والضحك، وهي إسقاطات وقعها يفوق وقع القنابل.

المفاجأة غير المتوقعة بالنسبة لي هي الفنان المصري فيصل رشيد الذي لعب دور السيسي في المسرحية، كان مسرحنا في مصر، وكذلك الدراما والسينما يسخرون من بعض عادات دول الخليج وتصرفاتهم في شارع الهرم، فإذا بالمسرح القطري يسخر من أفعال السيسي وتصرفاته، حزنت كثيرا كمصري، وأنا أشاهد تلك الإهانات التي تصور المصري “شلبي، وهذا هو اسمه في المسرحية”  يكذب دائما، ويفرق بين الأشقاء، ويفتعل المشاكل لأجل الحصول على الرز، لا سامح الله السيسي الذي حول مصر إلى مسخة وأضحوكة بين دول العالم.، وقد أجاد كاتب مسرحية ديرة العز حين استعان بجمل السيسي، التي كنت أظن أننا أكثر من نضحك عليها، ففوجئت بأن القاعة كلها، وبالمناسبة لا يوجد كرسي واحد فارغ في مسرح قطر الوطني، تضج بالضحك، خصوصا حين ذكر شلبي أنه “عايز رز.. وانتوا نور عينينا وتلاجتي 10 سنين مفيهاش غير الماء”.

وكان المحزن أن “شلبي” هذا مستعد أن يبيع أية جهة لأجل المال، فهو مع السعودية والإمارات، لكن لا مانع من أن يكون مع قطر، هو يتجه حيث الرز.

العادات والترقيم

تطرقت المسرحية أيضا إلى السخرية من بعض العادات الاجتماعية في قطر، وتعرضت لطريقة الترقيم أو المعاكسة بين الشباب والبنات، وانتقدت كذلك اهتمامات المرأة بزينتها، ويتبعها الإسقاط السياسي، مثال: يقول أبو مانع لزوجته التي تبكي بسبب الحصار: ” لا تبكين.. دمعتك القطرية غالية.. الرموش شانيل والكحل كريستيان ديور.. والمسكرة جيفنشي.. يعني دمعتك بحوالي 1500 ريال.. يعني أغلى من راتب من رواتب موظف من دول الحصار”.

من المشاهد القوية في المسرحية مشهد لقاء إيفانكا وترمب في السعودية واستقبالهما برقصة السيف الذي يكشف كيف باعوا كل شيء  مقابل إيفانكا!

سعيد بخيت بأداء بسيط وقوي استطاع أن يشرح النظام السعودي الحالي، ويكشف كيف تم استخدامه من قبل الإمارات للتفرقة وتدمير الشعوب.

الشاعر فالح العجلان أبدع في هذا النص الشعري ديرة العز، فكانت أغنية ديرة العز مسك الختام، وعبرت عن رؤية الشعب القطري، كما أن المخرج سعد البورشيد استطاع أن يرسم صورة مسرحية بديعة تتوازي مع النص المسرحي وأداء ممثلية.

شلبي المصري وخلفان الإماراتي وسعيد السلحفاة البحريني، ومزعل السعودي ليست شخصيات تمثل في مسرحية ديرة العز، لكنه واقع أليم لأهل وأبناء عمومة فرقهم الحقد والكره والحياة الدنيا التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه