انخفاض البترول

ممدوح الولي*
تسبب تراجع أسعار النفط وزيادة الانتاج المحلى الأمريكي البترولي ، في تراجع قيمة الواردات السلعية  الأمريكية من العرب ، خلال العام الماضي بالمقارنة للعام الأسبق بنسبة 8 % ، ورغم ارتفاع قيمة الصادرات الأمريكية للعرب بنسبة 1 % ، إلا أن قيمة التجارة السلعية بين الطرفين  تراجعت بنسبة 4 % .
وكانت الواردات الأمريكية من الدول العربية قد بلغت 88 مليار دولار ، مقابل 95 مليار دولار خلال العام الأسبق ، واستحوذت الدول الخليجية الست على نسبة 74 % من الواردات الأمريكية من الدول العربية .
وتصدرت السعودية تلك الواردات الأمريكية من الدول العربية بقيمة 47 مليار دولار ، تليها العراق بحوالي 14 مليار دولار ، والكويت 11 مليار دولار والجزائر 5 مليار دولار، والامارات العربية 3 مليار دولار .
ومن بين أكثر من 29 دولة استوردت الولايات المتحدة بترول خام بنحو 246 مليار دولار خلال العام الماضي ، فى اطار سعيها لتنويع مصادر استيراد النفط حتى لا تقع تحت رحمة أية دولة ، في حالة توقف أو انخفاض انتاجها البترولي ، ومن هنا فقد شكلت وارداتها من النفط الخام من دول منظمة أوبك الاثني عشر   42 % ، من إجمالي وارداتها ، بينما كانت 58 % من واردات الخام من خارج أوبك .
وشكلت دولتي الجوار كندا والمكسيك النسبة الأكبر في واردات الخام الأمريكي بنسبة 49 % من الإجمالي ، بنصيب 38 % من كندا التي احتلت المرتبة الأولى في تلك الواردات من الخام ، تليها السعودية بنسبة 17 % ثم المكسيك بنسبة 11 % تليها فنزويلا 11 % ، ثم العراق بالمركز الخامس بنسبة 5% ، والكويت بالمركز السادس بنسبة 4 % ثم كولومبيا واكوادور .
وهكذا لم تستورد الولايات المتحدة بترولا خاما من الدول العربية بالعام الماضي ، سوى من ست دول هى : السعودية والعراق والكويت ، وكميات قليلة من الامارات العربية والجزائر وليبيا .
 ليبلغ نصيب الدول الست نسبة 26 % من إجمالي حجم الواردات الأمريكية من البترول الخام ، والمعروف أن غالبية بترول دول الخليج يتجه للسوق الآسيوية ، بينما غالب انتاج ليبيا والجزائر يتجه للسوق الأوربية .
وبلغت قيمة الواردات الأمريكية من الخام من الدول العربية الست 71 مليار دولار ، بخلاف الواردات الأمريكية من منتجات البترول من الدول العربية ، والتي لم يتم اعلان تفاصيل دولها ، وبما يشير الى استحواذ خام البترول ومنتجاته على النصيب الأكبر من الواردات الأمريكية من الدول العربية والبالغة 88 مليار دولار خلال العام الماضي .
وعلى الجانب الآخر وفى ضوء العجز التجاري الأمريكي المزمن ، والذى يعد الأكبر عالميا ، فقد حاولت الولايات المتحدة تعويض تلك الواردات البترولية من العرب ، من خلال زيادة صادراتها للدول العربية ، لتصل الى 5ر71 مليار دولار خلال العام الماضي .
 وكانت أعلى قيمة للصادرات للإمارات العربية بنحو 22 مليار دولار ، وهى الدولة التي تعتمد على إعادة التصدير لدول الجوار ، تليها السعودية بنحو 19 مليار دولار ، ثم مصر 5ر6 مليار دولار ، وفى المركز الرابع قطر بنصيب 5 مليار دولار ، تليها الكويت 4 مليار فالعراق 2 مليار دولار ،  حيث تعتمد العراق أكثر على السلع الواردة من ايران وتركيا بشكل أكبر .
وبسبب ضخامة قيمة الواردات البترولية الأمريكية من السعودية والعراق والكويت بالإضافة الى الجزائر ، فلم تستطع صادرات أمريكا لتلك الدول تجاوز قيمة الواردات منها ، فحقق الميزان التجاري الأمريكي معها عجزا تجاريا ، وبخلاف تلك الدول فقد استطاعت الولايات المتحدة تحقيق فائضا تجاريا مع 16 دولة عربية بلا اختلاف عن العام الأسبق  .
وتشتهر أمريكا بصادرات الحبوب من قمح وذرة ، وفول الصويا والأعلاف والكيماويات العضوية والأسمدة والتبغ ولب الورق وورق الصحف ، والطائرات المدنية ومحركات الطائرات والمعدات الطبية ، وأجهزة الكمبيوتر والآلات والمعدات والسيارات وقطع الغيار ولعب الأطفال . 
وكان أعلى فائض تجارى لأمريكا مع الدول العربية ، بالإمارات العربية بنحو 19 مليار دولار ، تليها مصر بفائض 5 مليار دولار ، وقطر 5ر3 مليار وكلا من لبنان والمغرب وسلطنة عمان بفائض  1 مليار دولار لصالح أمريكا  مع كل منهم .
وهكذا بلغ إجمالي العجز التجاري لأمريكا مع الدول العربية  البترولية الأربعة حوالى 50 مليار دولار ، بينما بلغ الفائض مع الدول الستة عشر العربية الأخرى   33 مليار دولار ، ليسفر الميزان التجاري الأمريكي مع الدول العربية عن عجز صافى بلغ 5ر16 مليار دولار ، إلا أنه كان أفضل كثيرا من العجز الصافي فى تجارتها مع العرب ، بالعام الأسبق والذى بلغ 24 مليار دولار .
ومسألة العجز التجاري ليست  بغريبة  عليها  ، حيث شهد العام الماضي وجود عجز تجارى أمريكي مع 95 بلدا ، كان أعلاها مع الصين وحدها بنحو 343 مليار دولار ، تليها ألمانيا بعجز 74مليار دولار ، ومع اليابان بعجز 67 مليار دولار .
 مما أسفر عن وجود عجز كلى بالميزان التجاري لها بلغ 737 مليار دولار ، كفرق بين واردات بلغت 2 تريليون و372 مليار دولار ، وصادرات سلعية بلغت 1 تريليون و635 مليار دولار .
ومن ناحية أخرى فقد تدنى النصيب النسبي للتجارة الأمريكية مع العرب ليصل الى 4 % فقط ، لتحتل الدول العربية المركز الخامس في تجارة أمريكا مع مناطق العالم .

_____________________________

*خبير اقتصادي ونقيب الصحفيين المصريين سابقاً 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه