اقتحام مؤسسات الحكم.. كيف تشابه ترمب مع نظيره “الاستوائي”؟

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب (يسار) مع نظيره البرازيلي السابق جايير بولسونارو (غيتي)

اقتحم أنصار الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو مؤسسات عامة في العاصمة برازيليا قبل أيام، احتجاجا على فوز الرئيس لولا دا سيلفا بالانتخابات الرئاسية.

وقد أثارت هذه الاقتحامات مقارنات مع أحداث مشابهة جرت في عدة بلدان لأسباب متنوعة، سياسية واقتصادية. ويعتبر ما جرى في العاصمة الأمريكية واشنطن قبل عامين أشهر تلك الأحداث، وذلك عندما اقتحم أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب مبنى الكونغرس لمحاولة عرقلة مصادقة النواب على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

إلا أن هناك العديد من أوجه التشابه الأخرى التي يمكن رصدها بشأن ما حدث في الولايات المتحدة والبرازيل، سواء من ناحية الخلفيات والسياقات، وحتى النتائج والتداعيات. ويمكن رصد أبرز تلك العناصر في الفقرات التالية:

صعود متماثل

شكّل صعود ترمب وبولسونارو مفاجأة للأوساط السياسية في الولايات المتحدة والبرازيل، فكلاهما قدما من خارج المؤسسات السياسية التقليدية، وعبّرا عن طبقة معينة في المجتمع، ومثّلا تحديا كبيرا للتقاليد الديمقراطية، واشتهرا بتصريحاتهما الصادمة وتشويههما لخصومهما بأساليب وخطب حادة. وقد أطلق على بولسونارو لقب “ترمب الاستوائي”، للإشارة إلى التشابه الشديد بينهما.

ترمب وبولسونارو قدما من خارج المؤسسات السياسية التقليدية (غيتي)

انقسام واستقطاب

أدى تولي ترمب وبولسونارو السلطة إلى انقسام سياسي واستقطاب مجتمعي حاد في البلدين، ترجم في أعمال عنف بين أنصار الرئيسين وخصومهما. وشهدت تلك الاشتباكات مقتل وإصابة العديد من الأشخاص. وقد تصاعدت الاشتباكات في الولايات المتحدة منذ مقتل الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا على يد شرطي أبيض، ما أثار غضبا كبيرا داخليا وخارجيا.

التشكيك في نتائج الانتخابات

هُزم ترمب في الانتخابات التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وكذلك خسر بولسونارو الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أمام المرشح اليساري لولا دا سيلفا الذي تولى الرئاسة قبل ذلك لولايتين رئاسيتين، في الفترة من 2002 وحتى 2010.

وقد بدأ ترمب وبولسونارو وأنصارهما التشكيك في نتائج تلك الانتخابات أثناء الحملات الانتخابية لكل منهما. فشكك ترمب في التصويت بالبريد واعتبر أنها محاولة للتزوير، بينما انتقد بولسونارو التصويت الإلكتروني رغم أنه مطبق في البرازيل منذ عام 1996.

وبعد الإعلان عن نتيجة الانتخابات، استمر أنصار ترمب وبولسونارو في الادعاء بأنها كانت مزورة، دون أن يقدموا أي دليل على مزاعمهم. وشهدت البلدان محاولات لتغيير النتيجة عبر اللجوء إلى القضاء، للمطالبة إما بإلغاء النتيجة بالكامل، أو إعادة الانتخابات، أو إعادة فرز الأصوات كليا أو جزئيا، أو إضافة أصوات لصالح مرشحهم، أو حذف أصوات احتسبت لصالح المنافس.

ترمب وبولسونارو شككا في نتائج الانتخابات الرئاسية في بلديهما (رويترز)

اقتحام المؤسسات

هو الحدث الأبرز الذي يظهر بجلاء تشابه مجريات الأمور في أمريكا والبرازيل. وإن كان أنصار ترمب اكتفوا باقتحام مبنى الكونغرس، إلا أن أنصار بولسونارو توسعوا في اقتحاماتهم بعدما شملت مقرات الرئاسة والبرلمان والمحكمة العليا.

الجيش

طالب أنصار بولسونارو الجيش البرازيلي بالتدخل لمنع لولا دا سيلفا من تولي السلطة، وهو ما لم يفعله مؤيدو ترمب، لكن صحيفة الإندبندنت The Independent البريطانية قالت في تقرير لها إن ترمب ناقش مع مستشاريه خيار الاستعانة بالجيش لإعادة كتابة نتائج الانتخابات، وإن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين اقترح فرض الأحكام العرفية واستخدام الجيش لإعادة التصويت.

أنصار بولسونارو طالبوا الجيش صراحة بالتدخل لمنع لولا دا سيلفا من تولي منصبه (رويترز)

التوقيت

وقعت حوادث اقتحام المؤسسات في الولايات المتحدة والبرازيل في شهر يناير، بفارق زمني عامين بينهما. فقد حدث اقتحام مبنى الكابيتول بواشنطن في 6 يناير 2021. بينما اقتحم أنصار بولسونارو المؤسسات في 8 يناير الجاري. ويبدو التوقيت مرتبطا بمواعيد إجراء الانتخابات وانتقال السلطة المتقاربة في البلدين.

عصر الصورة

لعبت وسائل الإعلام ومواقع التواصل دورا كبيرا في إبراز الحدثين. فقد اشتهرت صور أنصار ترمب وهم داخل مبنى الكونغرس مرتدين ملابس غريبة. كما برزت صور أنصار بولسونارو وهم يخربون المؤسسات السيادية بعد اقتحامهم لها.

فشل ونتائج عكسية

لم تؤد اقتحامات أنصار ترمب وبولسونارو لمؤسسات الحكم إلى تغيير المشهد، بل أدت إلى عواقب وخيمة عليهما، منها نفور المواطنين في البلدين من فكرة اقتحام المؤسسات العامة، وإدانة هذا الفعل على نطاق واسع، والقضاء على آمال أنصار الرئيسين السابقين في تحويل نتيجة الانتخابات لمصلحتهم. كما أن المحاولتين لم تستمرا سوى ساعات قبل استعادة النظام مرة أخرى.

اشتهرت صور أنصار ترمب وهم داخل مبنى الكونغرس مرتدين ملابس غريبة (رويترز)

رفض المشاركة في تسليم السلطة

غادر ترمب البيت الأبيض قبل ساعات من انتهاء ولايته، دون أن يشهد مراسم تسلم خلفه جو بايدن الرئاسة. وهو ما فعله بولسونارو الذي غادر البرازيل رافضا المشاركة في حفل تنصيب لولا دا سيلفا ومراسم تسليم السلطة كما كان مفترضا.

الإقامة بعد الهزيمة

من ضمن مفارقات التشابه بين ما حدث في الولايات المتحدة والبرازيل، توجه ترمب وبولسونارو للإقامة في ولاية فلوريدا، وهي إن كانت تعتبر مقرا لأعمال ترمب، إلا أنها اعتُبرت منفى اختياريا لبولسونارو.

عواقب الفشل

لوحق أنصار كل من ترمب وبولسونارو بصرامة في البلدين. فقد ألقت قوات الأمن القبض على المئات من أنصاركل منهما وأحيلوا إلى المحاكمة. ولا تزال السلطات البرازيلية تبحث عن المزيد ممن اقتحموا مؤسسات الدولة من أنصار بولسونارو. كما شملت المحاسبة مسؤولين متهمين بالتقاعس وتعمد السماح لأنصار الرئيس السابق باقتحام مباني المؤسسات العامة، مثل حاكم برازيليا الذي عزل من منصبه لمدة 90 يوما حتى اكتمال التحقيقات.

وفي الولايات المتحدة، مازالت الشرطة تبحث عن نحو 350 من أنصار ترمب رغم مرور عامين على اقتحام مبنى الكونغرس. وأعلن مكتب التحقيقات الفدرالي مكافأة نصف مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات عن متهم وضع قنبلة يدوية الصنع قرب مقري الحزبين الجمهوري والديمقراطي في اليوم السابق لاقتحام الكونغرس.

المصدر : الجزيرة مباشر