“فتحة” جلبوع التي هزت كيان الاحتلال.. هذه أبرز أفلام الهروب من الأسر

بوستر فيلم الأمريكي الشهير "الهروب الكبير" الذي يحاكي بشكل كبير عملية فرار أسرى جلبوع

شكّل فرار 6 أسرى من سجن جلبوع “الأشد حراسة” صدمة واسعة وحرجًا بالغًا في المستويات الأمنية والسياسية والإعلامية الإسرائيلية. لكن من ناحية أخرى كانت العملية أكثر إثارة وتشويقًا بالنسبة للفلسطينيين والعرب وغيرهم بعدما أعادت إلى أذهان العالم قصص وأساطيرالهروب الكبرى التي وثقتها السينما العالمية.

وبين الواقع والخيال، كرّست تلك الأفلام فكرة “قهر المستحيل” منذ عشرات السنين فيما يتعلق بحكايات الهروب من الأسْر والبحث عن الحرية، فمنها ما أُخذ عن قصص حقيقة ومنها ما كان من وحي خيال المؤلف وطبقّه غيره على أرض الواقع.

لكن أحد أبرز الأسرى الفارين مؤخرًا من سجن جلبوع الإسرائيلي، أضاف منهجًا أكاديميًا فريدًا للعملية بعد الكشف عن رسالته للماجستير بخصوص “المطاردة في التجربة الفلسطينية” والتي طبقها حرفيًا وعمليًا ونجح في انتزاع حريته وزملاءه عبر حفر “نفق الحرية” قاهرًا كل ما قيل عن السجن الأشد تحصينًا حتى من بنك إسرائيل المركزي ذاته، وهي فكرة قد تلهم صناع السينما والدراما العالمية.

فرار 6 أسرى فلسطينيين أبرزهم زكريا زبيدي عبر نفق أسفل سجن جلبوع شديد التحصين (هيئة البث الإسرائيلي)

وطوال عمرها، استحوذت قصص البحث على طريق الحرية والتخطيط لها سواء بالهروب أو غيره، على اهتمام صناع السينما عالميًا إذ بدأتها في مرحلة مبكرة جدًا خاصة الأفلام التي تحكي عن السجناء السياسيين وأسرى الحروب، ونسرد هنا أبرز ما أنتجته السينما العالمية في هذا الشأن.

أنتج السينمائيون الكثير من الأفلام، حظي بعضها بشهرة عالمية واسعة مثل “الهروب الكبير” (the Great Escape) وهو فيلم أمريكي أُنتج عام 1963 مأخوذ عن قصة حقيقة وقعت أحداثها إبان الحرب العالمية الثانية وتمكن خلالها معتقلون ينتمون لقوات الحلفاء، من ابتكار خطة دقيقة للهرب من سجن حصين تابع للمعسكر النازي وتهريب عشرات آخرين. ويعتبر من أعظم أفلام الخروج من الأسر.

أيضًا الفيلم الشهير “الخلاص من شاوشانك” (The Shawshaank Redemption) إنتاج عام 1994، و يتناول قصة رجل عادي اكتشف خيانة زوجته فقتلها وعشيقها معًا، ثم يودَع سجن شاوشانك وبعد جحيم عاناه بدأ التأقلم وتكوين صداقات مع السجناء والحراس حتى يصبح لديه كلمة مسموعة، وتتوالى الأحداث.

ومن الأفلام التي بدأت مبكرًا تناول قصص البحث عن الحرية، كان “الوهم الكبير” (the grand illusion) الذي أُنتج عام 1937 وهو من أوائل الأفلام التي تناولت فكرة الهروب من السجن ويحكي عن مجموعة من أسري الحرب الفرنسيين في الحرب العالمية الأولى الذين يخططون للفرار في دراما مناهضة لفكرة الحرب.

وفي عام 1956 قدمت السينما العالمية فيلم “هرب الرجل” (The man escaped) وهو مأخوذ عن قصة واقعية من الحرب العالمية  الثانية مرجعها مذكرات اندريه ويفجني، هو سجين  لدى قوات النازية في فرنسا، ويجسد الفيلم حالة التوتر والوحشية الباردة لتفاصيل الحياة داخل السجن النازي ويقدم كل تفاصيل خطة ومحاولة الهروب من السجن.

كما أنتج صناع السينما العالمية فيلم الفتحة (The Hole) عام 1960 ويتناول قصة 5 معتقلين في سجن لاسانتي يتطلعون للحرية ويخططون بدأب للهروب.

في عام 1998، تم إنتاج فيلم “التاريخ الأمريكي إكس” (American History X) وهو يطرح العديد من الأفكار الفلسفية بشأن تغيّر الإنسان وجعله أكثر تهذيبًا على غير عادة السجون التي يخرج منها السجين وقد تحول للأسوأ. ويتناول الفيلم الأفكار العنصرية ضد الزنوج في الولايات المتحدة وكيف كافح البطل بعد خروجه من السجن بمحاربة العنصرية ضد السود، ورُشح الفيلم لجائزة الأوسكار.

وفي عام 2002، قُدم فيلم “حرب هارتس” (Harts War) ويتناول قصة هروب أحد الأسرى في معسكرات النازي وخطته مع زملائه من أجل الهروب من المعسكر في دراما بطولية مليئة بالأحساس والشرف.

وكانت أحداث حرب فيتنام ملهمة للسينمائيين فقدموا الكثير من الأفلام عنها ومن بينها “فجر الإنقاذ” (Rescue Dawn) عام 2006، يتناول حدثًا واقعيًا عن أسر طيار أمريكي بعد إسقاط طائرته ويعرض الفيلم حالة تمرده وهروبه من السجن مع معتقل آخر.

أما فيلم “المتاهة” (Maza) الذي أُنتج عام 2007 فيتناول قصة حقيقية حيث تخطط مجموعة من المعتقلين المنتمين لمنظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي للهروب من السجن الشديد الحراسة، وبالفعل تنجح خطتهم ليخرج 19 سجينًا إلى الحرية، من أصل 38 إذ اعتُقل نصفهم بعد الهروب.

وفي عام 2010، أُنتج فيلم “طريق العودة” (The Way Back) وهو مأخوذ أيضًا عن قصة واقعية تتناول ملحمة هروب مجموعة من السجناء من معسكر سيبريا وكفاحهم من أجل البقاء بعد إنجاز عملية الهروب، حيث نكتشف أن الجزء الأسهل في رحلتهم كانت عملية خروجهم من السجن أما الملحمة الحقيقية التي يخوضونها فكانت عبر قطع 4 آلاف ميل وسط الطبيعة القاحلة.

وقدمت السينما في عام 2020 فيلم “الهروب من بريتوريا” (Escape From Pretoria) ويتناول الفيلم أحداثًا حقيقية عن هروب ثلاثة سجناء سياسيين من سجن في جنوب أفريقيا عام 1979 واللافت أن السجناء الثلاثة أصحاب بشرة بيضاء ويناهضون سياسية الفصل العنصري هناك في ذلك الوقت، قبل ملحمة النضال التي قادها الشعب بزعامة نيلسون مانديلا من أجل إنهاء الفصل العنصري.

وتظل قصص البحث عن الحرية والهروب من الأسر، مصدر إلهام واهتمام لمبدعي السينما العالمية. وعربيًا تبقى قضية فلسطين بما تحمله من عدالة وإنصاف وحق ونضال أيضًا محل اهتمام صناع السنيما.

ولعل ما حدث البارحة من شجاعة وصبر وتخطيط والقدرة على استخدام أبسط الأدوات والمثابرة من أجل انتزاع حرية 6 أسرى من سجن جلبوع الحصين، يؤكد ان نضال الشعب الفلسطيني مهما طال أمده وواجهته من صعوبات فإنه قادر في النهاية على تحرير نفسه وتقرير مصيره مهما أبت الظروف.

المصدر : الجزيرة مباشر