لماذا فرضت فرنسا قانونا يستهدف المسلمين ويميز بين النساء على أساس الحجاب؟ (فيديو)

قال الدكتور غالب بن شيخ رئيس مؤسسة (إسلام فرنسا) إن مصادقة المجلس الدستوري الفرنسي على قانون “تعزيز احترام قيم الجمهورية” يعني أن المجلس يرى أن القانون يتماشى مع الدستور ولا ينتهك الحريات أو حقوق الإنسان.

وأضاف بن شيخ للجزيرة مباشر أن إقرار القانون جاء بعد سنوات من المشاكل التي تورط فيها بعض من يدعون صلتهم بالإسلام ويريدون التقوقع والانعزال والانفصال عن المجتمع الفرنسي.

وأوضح أن الحكومات الفرنسية المتتالية اتهمت بالتقاعس عن التعامل مع هذه الظاهرة، تزامنا مع انتشار تيارات اليمين المتطرف، ولذلك أرادت الحكومة الحالية ألا تقف مكتوفة الأيدي وأقرت هذا التشريع.

وحول السبب الذي أقنع المجلس الدستوري الفرنسي بأن هذا القانون يتماشى مع الدستور، ذكر بن شيخ أن القانون لا يذكر كلمة الإسلام ولا المسلمين، بل يتحدث بشكل عام عن الأشخاص الذين يتبنون خطابا يدعو للانفصال عن المجتمع الفرنسي.

وعن علاقة تعزيز القيم الجمهورية بمنع الحجاب في المدارس الحكومية وحظر تعليم الأسر لأطفالها في المنازل، قال بن شيخ إن هناك فهما صارما لفكرة العلمانية في فرنسا، وهو ما يظهر في القانون الذي أقر عام 2004، والذي يمنع ارتداء أي لباس أو شعار يمكن أن يدل على هوية أو انتماء الطلاب في المدارس الحكومية.

أما فيما يخص حظر التعليم المنزلي، فأكد بن شيخ أن بعض الأسر الكاثوليكية أبدت امتعاضها من هذا القانون ورأت أنه يمس حريتها. أما الحكومة فترى أن الطلاب عندما لا يذهبون للمدارس فإن هذا قد يعود إلى أن بعض الأسر ربما تغذي نزعة الانفصال لدى التلاميذ في المرحلة قبل الجامعية، ولذلك أصبحت هذه المادة محل إشكال.

واعتبر بن شيخ أن هناك تضاربا بين مبدأين أساسيين، وهما احترام الحريات الأساسية مقابل مبدأ العلمنة وفصل الدين عن الدولة، داعيا إلى الاعتراف بوجود أيديولوجيا لدى بعض الأسر تغذي الانكماش والتطرف، ومبديا تفهمه لرغبة الحكومة في أن ترد على هذه الأفعال.

وأكد بن شيخ أن التشريع وحده لا يكفي، بل لابد من اللجوء إلى أساليب التربية والتوعية والتعليم واتباع الطرق الحضارية.

وعن السبب الذي دعا الدولة الفرنسية لسن قانون يميز بين النساء على أساس الحجاب، قال بن شيخ إن منع ارتداء الحجاب في المدارس والمصالح الحكومية لا يتعلق بالفتيات المسلمات فقط، بل بكافة الشعائر الدينية ومنها زي الراهبات، واصفا ذلك بأنه من خصائص فهم العلمانية بصورة صارمة في فرنسا.

واعتبر بن شيخ أنه كان من الأحرى ألا يعطي المسلمون الحكومة الفرنسية الفرصة لتشريع مثل هذا القانون، وذلك بعد تعرض فرنسا لسلسلة من الهجمات الإرهابية، ولذلك يرى أن هذا التشريع بمثابة “رد فعل” على تلك الهجمات، معربا عن اتفاقه مع الذين يقولون إنه كان من الأولى أن تبذل الدولة الفرنسية جهدها في التواصل المجتمعي والمراقبة الأمنية بدلا من سن القانون الذي ينتقده المسلمون ويرون فيه انتهاكا لحقوقهم.

ودعا بن شيخ الجمعيات الإسلامية وعمداء المساجد ورؤساء الهيئات الإسلامية إلى أن يبثوا روح التربية وأن تكون تعاليمهم متماشية ومنسجمة مع المجتمع الفرنسي.

إقرار القانون

وكان المجلس الدستوري -أعلى سلطة قضائية في فرنسا- أعلن أول أمس الجمعة إقراره قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية” باستثناء مادتين.

وخلال مناقشة القانون، رفض أعضاء المجلس المادة 16 منه المتعلقة بتعليق أعمال الجمعيات التي يدرج اسمها ضمن إجراءات الإغلاق لأن العملية قد تستغرق 6 أشهر وهذا ينتهك حرية الجمعيات.

كما رفض الأعضاء المادة رقم 26 الخاصة بإجراءات منح تصريح الإقامة أو سحبها من الأجنبي الذي يعلن رفضه لمبادئ الجمهورية.

وكانت أحزاب سياسية يمينية أعلنت اعتزامها نقل القانون إلى المجلس الدستوري، بزعم أنه “لا يكافح الإسلاميين بقدر كاف” بينما أكدت أحزاب يسارية أنها ستقوم بالخطوة ذاتها لكن بسبب “انتهاك القانون للدستور”.

ويواجه القانون الذي أعدته حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون انتقادات من قبيل أنه يستهدف المسلمين ويكاد يفرض قيودا على كافة مناحي حياتهم ويسعى لإظهار بعض الأمور التي تقع بشكل نادر وكأنها مشكلة مزمنة.

كما ينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين ويفرض قيودا على حرية تعليم الأسر أطفالها في المنازل إضافة إلى حظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم قبل الجامعي.

المصدر : الجزيرة مباشر