وسط تعتيم إعلامي مصري.. مخاوف اقتصادية عالمية من تعطل الملاحة في قناة السويس (فيديو)

حذر خبراء دوليون في الطاقة والأمن والاقتصاد من مخاوف عالمية عدة بسبب  تعطل حركة الملاحة في قناة السويس نتيجة جنوح سفينة نقل عملاقة في مدخل القناة منذ الثلاثاء الماضي.

وتعوق السفينة إيفر جيفن البالغ طولها 400 متر حركة الملاحة في كلا الاتجاهين في القناة التي تربط بين آسيا وأوربا وتعد من أكثر ممرات شحن السلع والنفط والحبوب والمنتجات الأخرى ازدحاما في العالم.

وقال ديفيد دي روش، أستاذ مشارك في مركز الشرق الأدنى للدراسات الأمنية، إن تعطل الملاحة في القناة يتسبب يوميا في توقف 10 مليارات دولار من التجارة العالمية عن الحركة.

وحذر دي روش في مقابلة مع الجزيرة مباشر من أن حادثة قناة السويس تبين مدى هشاشة نظام النقل العالمي، مطالبا بإيجاد حلول سريعة ودائمة للأزمة.

 

وأوضح دي روش أن 12% تقريبًا من التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، مشيرًا إلى أن ما يحدث الآن في قناة السويس يزيد وقت الشحن لعدة أسابيع.

وتابع أن العالم تخلى منذ نحو 30 عامًا عن تخزين البضائع لفترات طويلة واعتمد بصورة كلية على عمليات النقل السريع للبضائع عبر العالم.

وأشار أن أزمة تعطل الملاحة في قناة السويس سوف يؤدي إلى إغلاق مصانع في أوربا تعتمد بصورة كبيرة على حركة النقل العالمية وهو ما قال إنه مدعاة للقلق بسبب فقدان كثيرين لوظائفهم.

مخاوف

وىطالب نهاد إسماعيل، خبير الاقتصاد والطاقة، في مقابلة مع المسائية على الجزيرة مباشر، السلطات المصرية بالشفافية حيال ما يحدث في القناة.

وقال إنه يجب على السلطات المصرية الإفصاح عن المعلومات وطمأنة الشركات العالمية.

وأضاف إسماعيل أن الأمر بدأ بأحاديث عن حل الأزمة في غضون 24 ساعة ثم في اليوم التالي ظهرت أحاديث جديدة عن استغراق الأزمة 48 ساعة، والآن يجري الحديث عن استغراق الأزمة أسابيع.

وحذر من أن عدم الإفصاح عن المعلومات من جانب مصر سيؤدي إلى تكدس في الموانئ الأوربية التي تعتمد حركة الشحن فيها على السفن التي تمر عبر قناة السويس.

وقال إسماعيل إن مصانع البلاستيك في أوربا ستكون من أكبر المتضررين نظرا لاعتمادها على المشتقات والمواد الخام التي تمر عبر القناة.

وتابع أن مصر في حاجة ملحة لإنهاء الأزمة سريعا، نظرا للعواقب الاقتصادية الوخيمة التي يتكبدها الاقتصاد المصري بعد انتهاء موسم السياحة في عام 2020، وهو ما حرم مصر من إيرادات ضخمة.

وأشار إسماعيل إلى أن مصر في الفترة الأخيرة اضطرت لتقديم خصومات للسفت المارة عبر قناة السويس لتشجيعها على المرور، مضيفا أن السفن السياحية تحصل على تخفيض بنسبة 50% إذا أقامت 48 ساعة في أحد الموانئ المصرية بينما تحصل الناقلات من أمريكا الجنوبية على خصومات أكبر.

وشارك ريتشارد ميد، خبير النقل البحري، مخاوفه قائلا للجزيرة مباشر، إن نحو 230 سفينة تنتظر في مدخلي القناة، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تكدس في حركة النقل العالمية وخسائر باهظة.

وقال ميد في مقابلة مع المسائية إن بعض السفن تجد أن تغيير مساراتها مكلف جدا وسيزيد تكلفة الرحلة، وتجمعت على مدخلي القناة على أمل حل الأزمة خلال 24 ساعة كما قيل.

وأضاف أن تعطل حركة الملاحة سيؤدي بدوره إلى تأخير في تسليم البضائع بصورة كبيرة، إلا أنه أشار أن تأثير ذلك على النفط أقل بكثير نظرا لانخفاض الطلب العالمي حاليا.

تعتيم إعلامي

وحذر الصحفي محمد السطوحي، في مقابلة مع الجزيرة مباشر، من أن التعتيم الإعلامي الذي تمارسه مصر مضر للغاية بالأزمة.

وقال السطوحي، إن الإعلام المصري يتعامل بمنطلق أنه “إذا لم نتحدث عن الأزمة فمعناها أنها لا تحدث”، مضيفا أن هذا أمر خاطئ تماما خاصة في أزمة عالمية مثل تعطل حركة الملاحة في قناة السويس.

وأضاف السطوحي أن الشركات العالمية والدول مجبرة على الإعلان عن المعلومات التي لديها بشأن حركة الملاحة ونقل البضائع من أجل طمأنة الأسواق العالمية والمستهلكين، إلا أن مصر تعتبر الإفصاح عن تعطل حركة الملاحة والوضع أمر مضر بالأمن القومي.

وقالت هيئة قناة السويس أمس الخميس إنها أوقفت حركة الملاحة في القناة مؤقتا بينما تستمر لليوم الرابع جهود تعويم السفينة.

وأوضحت الهيئة أن تسعة زوارق قاطرة تعمل على تعديل وضع السفينة بعد أن علقت عرضيا في الجزء الجنوبي الذي يسمح بالمرور في اتجاه واحد بالقناة صباح يوم الثلاثاء بسبب رياح قوية وعاصفة ترابية.

وذكرت القناة في بيان أن جنوح السفينة “يعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظرا لمرور البلاد بعاصفة ترابية.. مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة ومن ثم جنوحها”.

ويمر نحو 30 في المئة من حركة نقل الحاويات في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12 في المئة من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع.

وذكرت شركة إيه.بي.مولر ميرسك، أكبر شركة في العالم، إنها تدرس تحويل مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا مما يضيف للرحلة بين آسيا وأوروبا ما بين خمسة إلى ستة أيام.

وأضافت الشركة أن البضائع التي لا تحتمل الانتظار لوقت طويل قد ترسل في قطارات أو طائرات لكنها لم تتخذ قرارا بعد.

تحويل المسار

وقالت شركة كبلر لتحليل البيانات اليوم الجمعة إن سبع ناقلات غاز طبيعي مسال حولت مسارها بعيدا عن قناة السويس.

وقالت ريبيكا شيا المحللة في كبلر إن ثلاثا من الناقلات جار تحويلها نحو المسار الأطول حول رأس الرجاء الصالح، مضيفة أن غالبية الناقلات التي حولت مسارها تتجه الآن إلى أماكن أخرى بعد أن كانت وجهتها في الأساس هي قناة السويس.

وأضافت أن أربع ناقلات تحمل شحنات من الولايات المتحدة وقطر بينما لا تحمل البقية أي شحنات. وقالت ريبيكا إن ست سفن للغاز الطبيعي المسال تنتظر الدخول على جانبي القناة مع وجود سفينة أخرى تسمى جولار تندرا عالقة في القناة منذ يوم الثلاثاء.

وأضافت “ستتأثر خطط عبور ما جملته 16 سفينة غاز طبيعي مسال لقناة السويس إذا استمر الازدحام حتى نهاية الأسبوع الجاري”. ومضت تقول “سيكون هناك تأخير كبير في جدول التحميل في راس لفان في بداية أبريل/نيسان بسبب الازدحام”.

المصدر : الجزيرة مباشر