تنامي الرفض السياسي والشعبي في الجزائر لتصريحات الرئيس الفرنسي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

تصاعدت حدة الأصوات الرافضة في الجزائر لتصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصفت رسميا بالمسيئة، طعن من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي.

والسبت، أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها في باريس “من أجل التشاور”، حسب التلفزيون الرسمي، عقب تصريحات لماكرون حول الفترة الاستعمارية للجزائر والوضع الداخلي فيها.

واستنكرت الرئاسة الجزائرية تلك التصريحات وقالت إنها “تمثل مساسا غير مقبول بذاكرة 5 ملايين و630 ألف شهيد ضحوا بأنفسهم عبر مقاومة شجاعة ضد الاستعمار الفرنسي”.

وأضافت في بيان أن “جرائم فرنسا الاستعمارية، التي لا تعد ولا تحصى، هي إبادة ضد الشعب الجزائري وهي غير معترف بها (من قبل فرنسا) ولا يمكن أن تكون محل مناورات مسيئة”.

“تصريحات مسيئة”

وادعى ماكرون في تصريحاته أن السلطات الجزائرية “تكن ضغينة لفرنسا”.

وطعن في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للبلاد، إذ تساءل مستنكرا “هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي”.

وقال إنه “كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي” للجزائر، في إشارة لفترة الحكم العثماني للبلاد بين عامي 1514 و1830.

وتابع “أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تمامًا الدور الذي لعبته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون”.

ومنذ فترة، تشهد العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وباريس توترا وفتورا رافقهما نزيف اقتصادي لدى شركات فرنسية غادرت البلاد ولم تجدد السلطات الجزائرية عقودها.

وقبل أيام، استدعت الجزائر سفير باريس لديها للاحتجاج على قرار فرنسا تقليص عدد التأشيرات الممنوحة لمواطنيها.

وقال حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، صاحب أكبر كتلة برلمانية، إنه تلقى باستياء وتذمر كبيرين تصريحات ماكرون، التي “تنم عن حقد دفين تجاه الجزائر وجهل مريب بتاريخها”.

وأضاف الحزب في بيان أن “ماكرون أطلق اتهامات خطيرة تضمنت إساءة بالغة للجزائر، مما يؤكد أن فرنسا لم تتخلص بعد من عقدتها الاستعمارية، وما زالت أسيرة ماضيها”.

وأردف “وليدرك ماكرون أن حملته الانتخابية للرئاسيات المقبلة (في 2022) قد أصابته بلوثة خطيرة تزلفا لليمين المتطرف”.

وبدأ ماكرون ولاية رئاسية في 2017، لمدة 5 سنوات، ويطمح إلى الفوز بولاية ثانية في الانتخابات التي تجرى العام المقبل.

ووصفت حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي بالجزائر)، تصريحات ماكرون بأنها “عدائية وإهانة للدولة والشعب، وجاءت في سياق عقلية كولونيالية (استعمارية) واستعلائية لفرنسا الرسمية”.

وتابع الحزب أن “هذه التصريحات كشفت عن الوجه الحقيقي للسياسة الرسمية الفرنسية تجاه الجزائر، هو ما يفضح زيف علاقة الصداقة والاحترام المتبادل”.

واعتبر الحزب أن تصريحات ماكرون “استفزازية وخطيرة تمس بسيادة الدولة الجزائرية، وإهانة لرموزها وشعبها وتدخلا مرفوضا في شؤونها الداخلية”.

ودعا الحزب السلطات الجزائرية إلى إحداث قطيعة مع الفترة الاستعمارية، عبر تفعيل قانون تعميم استعمال اللغة العربية، وقانون منع استعمال الفرنسية في الوثائق والخطاب والاجتماعات الرسمية، وتحويل الشراكات الاقتصادية الدولية نحو دول غير معادية للجزائر.

وقال ناصر حمدادوش القيادي في حركة مجتمع السلم للأناضول إن “الحزب لم يتفاجأ بتصريحات ماكرون، فهذه هي مواقف فرنسا الرسمية ونظرتها الاستعمارية الاستعلائية تجاه الجزائر”.

واعتبر أن هذه التصريحات “تفضح علاقة الصداقة المزيفة، ففرنسا لم تتغير بالأمس واليوم ولن تتغير غدا، وهي بمثابة تزييف للتاريخ واعتداء واضح على سيادة الدولة وتدخل في شؤونها الداخلية”.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر