تقرير: كولن باول.. “الرجل اللطيف” الذي ساعد في تدمير العراق

كولن باول
باول يرفع أنبوبا أمام مجلس الأمن قائلا إنه قد يحتوي على مادة "الانثراكس" (رويترز)

نشر موقع (ذي انترسبت) الأمريكي مقالا للكاتب بيتر ماس تناول فيه الدور الذي لعبه وزير الخارجية الأمريكي الراحل كولن باول في تدمير العراق.

وقال الكاتب إنه فور وفاة باول ركزت تقارير وسائل الإعلام والكلمات التي كتبها المسؤولون والكتاب على دور باول كـ”رائد” للأمريكيين من أصل أفريقي وللكثير من الجنرالات من جيله داخل المؤسسة العسكرية.

وأضاف ماس أن أغلب ما كُتب في الولايات المتحدة بعد رحيل باول -رئيس الأركان السابق في إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب- مر سريعا على الدور الذي قام به كوزير للخارجية في إدارة الرئيس جورج بوش الابن في تبرير غزو العراق عام 2003 بصفته الشخصية الأكثر شعبية بين كبار مسؤولي الإدارة.

وأشار الكاتب بشكل خاص إلى الكلمة الشهيرة لباول أمام مجلس الأمن الدولي والصور والأنبوب الشهير الذي عرضه أمام المجلس زاعما أن العراق لديه أسلحة دمار شامل، ما ساعد الرئيس بوش الابن على المضي قدما في الغزو بتأييد قوي من الحكومة البريطانية وقتها برئاسة توني بلير.

وقال ماس إن الصورة بدت مختلفة في العراق الذي فقد فيه مئات الآلاف حياتهم نتيجة للغزو.

وأشار إلى ما كتبه الصحفي منتظر الزيدي الذي ألقى بالحذاء على الرئيس بوش الابن في حادثة شهيرة خلال مؤتمر صحفي في بغداد عام 2008 مع رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي.

وكتب الزيدي على حسابه على تويتر “حزنت على وفاة كولن باول من دون أن يحاكم على جرائمه في العراق، لكنني على يقين من أن محكمة الله ستنتظره”.

وقال ماس إن باول كان الشخصية العامة الوحيدة تقريبا التي كان بإمكانها وقف بوش عن غزو العراق، ولكنه لم يفعل.

ونقل عن مقال للكاتب روبرت درابر تناول فيه ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن باول، الذي كان أكثر شخصيات إدارة بوش الابن شعبية، قال الحقيقة عندما كان ذلك مهما.

واقتبس ماس فقرة من المقال تتحدث عن كيف لو أن ذلك الصوت الذي دافع علانية عن الغزو، أوضح لبوش في حديث خاص ليس فقط عواقب عملية الغزو ولكن أن يقول له أيضا إن الغزو خطأ، كما كان يعتقد شخصيا.

وتساءل المقال عما كان سيحدث لو رفض بأول طلب الرئيس بوش الحديث أمام مجلس الأمن؟ وأجاب قائلا إنه كان سيتوجب على بأول حينها الاستقالة من منصبه، مضيفا أنه بالتبعية كان الكثير من كبار موظفيه الذين يعملون على ملف العراق سيستقيلون أيضا.

جورج بوش الابن كولن باول
الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن (يمين) ووزير خارجيته كولن باول (يسار) (رويترز)

وقال ماس إن هذا لو حدث لتساقطت باقي قطع الدومينو، مضيفا أنه من المؤكد أن وزير الخارجية البريطاني جاك سترو كان سيفعل مثلما فعل بأول ويستقيل من منصبه، مما كان سيتسبب في فشل وانهيار الدعم البريطاني الهام جدا لعملية الغزو.

وينقل عن درابر قوله إن استقالة باول كانت ستعطي دفعة للمشككين من كبار الجنرالات في المؤسسة العسكرية الأمريكية للحديث عما يعتقدونه، كما كان سيتم إعادة تقييم معلومات أجهزة الاستخبارات، بل وكان يمكن أن تدفع الديمقراطيين، الذين كانوا قد تخلصوا للتو من ضغوط انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، للانضمام إلى الجبهة المعارضة للغزو.

يضيف الكاتب أن كل ذلك لم يحدث لأن باول لم يتصد لبوش، وهو ما فسره باول لاحقا لدرابر بالقول إنه لم يكن أمامه من خيار آخر، مضيفا “ما الخيار الذي كان أمامي؟ إنه الرئيس”.

وقال ماس إن باول وغيره من كبار الضباط، افتقدوا لأهم شيء يجب أن يتمتع به الجندي: الشجاعة.

وأضاف أن “تاريخ الحروب في أفغانستان والعراق مليء بأسماء كبار الضباط الذي يشار لهم كأبطال، ولكنهم افتقدوا الشجاعة أو الصراحة والأمانة في مواجهة المسؤولين”، مشيرا إلى أن “الملايين من الأشخاص قتلوا أو أصيبوا نتيجة فشلهم منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر”.

وقال ماس إن باول لم يقر أبدا بالخطأ الذي ارتكبه أمام مجلس الأمن، بل رأه مجرد حديث “غير دقيق” و”مؤلم” و”نقطة سوداء” في تاريخه المهني.

وأضاف أن هذه “النقطة السوداء” في تاريخ بأول المهني، لم تؤثر على سمعته في الولايات المتحدة، إذ عمل لدى عدد كبير من كبرى الشركات بالإضافة إلى تقاضيه 6 ملايين دولار مقدما أجرا عن مذكراته.

المصدر : الجزيرة مباشر + ذي إنترسيبت