لا رجال ولا تدفئة داخل “مخيم الأرامل” في لبنان (فيديو)

“نضع كل طفلين معًا على فراش واحد؛ في الليل كي يقوموا بتدفئة بعضهما البعض، فالفراش رقيق جدا ولا نشعر بالدفء أو الراحة عليه كما لا نملك وسائل تدفئة”. هكذا وصفت أم علي الوضع داخل مخيم للأرامل السوريات بلبنان.

حال أم علي يضاهي مثيلاتها في المخيم فجميع نسائه من الأرامل اللائي فررن من ويلات الحرب في سوريا بعدما فقدن أزواجهن.

“أم علي” لديها 8 أولاد، ورغم امتلاكها مدفأة تعمل بالوقود، فإنها تشتكي برد الشتاء لعدم قدرتها على شراء “المازوت” كي تعمل المدفئة.

داخل هذا المخيم الذي لجأت إليه سوريات مع أطفالهن، هربًا من الحرب والدمار في بلدهن منذ عام 2011، وبحثًا عن مكانٍ آمن، لا يوجد رجال!

وأطلق عليه هذا الاسم بشكل غير رسمي، لأنه مخصص للنساء وأطفالهن، الأرامل والأيتام؛ ويقع المخيم بين بلدتي بر إلياس وحوش الأمراء في البقاع، وتبلغ مساحته نحو 1200 متر مربع، ويضم 30 كرفان مسبقة الصنع تحولت إلى أماكن سكن لتلك النساء.

الأطفال بمخيم الأرامل السوريات بلبنان

واختارت سوريات لاجئات هذا المخيم ملاذا لهنّ يقيهن شر التحرش والاعتداء كما في باقي المخيمات، فالرجال ممنوعون من الدخول إليه، حسب أقوال من يقطنه.

ولم تكن الأرامل يدفعن أي إيجارات ولا فواتير كهرباء ومياه لقاء بقائهن في المخيم، لكن مع بداية 2020، تم فرض إيجار سنوي عليهن قيمته 1200 دولار أمريكي، ما اضطر العديد من الأرامل للبحث عن عمل خارج المخيم ليؤمنّ بقاءهن داخله.

تقول نصرة السويدان – سيدة سورية في العقد الخامس من عمرها – واصفة مخيم الأرامل “أشعر بالأمان والاستقرار في هذا المخيّم، حيث لا يدخل رجال إلى هنا”.

نصرة خرجت من مدينة حمص هربا من الحرب، من ارتفاع تكاليف العيش، بعدما توقفت إحدى الجمعيات التي كانت تتولى دعم المخيم عن دفع التكاليف.
وتابعت “وضعنا تعبان؛ لأنّ المخيم كان يتلقى دعمًا من جمعية يغطي من إيجار الأرض إلى التدفئة والخبز ومتطلبات العيش، وعندما توقفت الجمعية عن دعمنا، أصبحنا ندفع الإيجار والكهرباء والماء والأكل والتدريس”.
نصرة ليست وحدها فبين تلك الكرفانات (مأوى مسبق الصنع) تلعب فتيات لاجئات تحت أشعة الشمس الدافئة، بأحد المخيمات في سهل البقاع شرقي لبنان.

يعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجلين لدى المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما تقدّر الحكومة عددهم الفعلي بـ 1.5 مليون لاجىء.

رغم اعتراف معظم السيدات بتوافر الأمان داخل المخيم، إلّا أنهن يشتكين من صعوبة العيش والتكاليف المادية المرتفعة، كما أجمعن على أنه ربما تكون هذه هي آخر أيام الدفء التي يتسنى فيها للاجئات في “مخيّم الأرامل” ممارسة حياتهن القاسية، قبل اشتداد البرد وهطول المطر.
ويعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري مسجلين لدى المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما تقدّر الحكومة عددهم الفعلي بـ1.5 مليون لاجىء.
ويشهد لبنان ارتفاعًا كبيرا في أسعار المنتجات والاحتياجات الأولية، وتتحدثّ الدولة عن إمكانية رفع الدعم عن بعض السلع، ما يعني مزيدا من زيادة الأسعار.
ويعاني لبنان، منذ أشهر، من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وتهاوي سعر صرف الليرة إلى 8 آلاف لكل دولار أمريكي في السوق غير الرسمية، مقابل 1507.5 ليرة لدى مصرف لبنان المركزي.

وتتسم منطقة البقاع بانخفاض درجة الحرارة في الليل بشكل كبير نسبيا، مقابل ارتفاعها في النهار.

جميع لاجئات المخيّم يحتجن إلى الدعم المالي والاقتصادي والغذائي والنفسي

ومن جانبها قالت لينا -أم سورية لثلاثة أطفال بالمخيم “جميع لاجئات المخيّم يحتجن الدعم المالي والاقتصادي والغذائي والنفسي”.
وأردفت “بسبب وضع بلدنا أتينا إلى هنا، ولا نملك سوى رحمة الله” فليس لدينا مازوت للتدفئة، ولا يمكننا شراءه؛ لأنّنا لم نتمكن من إيجاد فرصة عمل”.
وأردفت لينا، التي توفي زوجها وابنتها في الحرب “ما نأخذه من مساعدات من الأمم المتحدة لا يكفينا، وقد توقفت الأمم المتحدة عن دعمنا منذ 6 أشهر”.
وأكدت أن سكان المخيّم في أشد الحاجة إلى الوقود من أجل التدفئة، حتّى إنّها تراه أولوية على الطعام والشراب.
كما تشتكي من كلفة استئجار أرض “مخيم الأرامل”، التي كانت تدفعه جمعيّة.
وتبلغ قيمة استئجار أرض المخيم مليون ومئتي ألف ليرة لبنانية، أي 800 دولار وفق سعر صرف مصرف لبنان المركزي.
وحسب لاجئات في المخيم، فإن الجمعية، التي كانت تقدم المساعدات، توقفت عن هذا الدعم منذ بداية العام الحالي.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر