الفرنسية: استقلالية القضاء المصري تتبدد على يد السيسي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

أثارت التعيينات القضائية التي قام بها مؤخرا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مخاوف على استقلالية القضاء في بلد غالبا ما يتعرض لانتقادات بشأن أدائه القضائي من منظمات حقوق الإنسان.

وعين الرئيس المصري في يوليو/ تموز الماضي رئيسا للمحكمة الدستورية العليا ورئيسا لمحكمة النقض ورئيسا لهيئة النيابة الإدارية.

وهي المرة الأولى التي يكون فيها الخيار مطلقا لرئيس البلاد بشأن تعيين رؤساء الهيئات القضائية، إذ جرت العادة على أن تكون “الأقدمية” هي معيار الاختيار الذي يقوم به وزير العدل ليتم التصديق عليه من الرئيس.

وجاء ذلك بموجب تعديلات دستورية أقرّت في استفتاء في أبريل/ نيسان الماضي، وأعطت رئيس الجمهورية صلاحية تعيين مسؤولي الهيئات القضائية بين أقدم سبعة قضاة لكل هيئة.

مواد القضاء في الدستور بعد التعديل:
  • تضمنت التعديلات الدستورية المادة رقم 185 التي يعين بمقتضاها الرئيس المصري رؤساء الهيئات القضائية.
  • نصت المادة على تشكيل مجلس أعلى لهذه الهيئات يرأسه أيضا الرئيس المصري، ويختص بـ “النظر في شروط تعيين أعضاء الجهات والهيئات القضائية وترقيتهم وتأديبهم، ويؤخذ رأيه في مشروعات القوانين المنظمة لشؤون هذه الجهات والهيئات، وتصدر قراراته بموافقة أغلبية أعضائه على أن يكون من بينهم رئيس المجلس”.
  • نصت المادتان 189 و193 على قيام رئيس الدولة بتعيين كل من النائب العام ورئيس المحكمة الدستورية العليا.
ما الذي حدث؟
  • من بين أقدم 7 قضاة اختار السيسي القاضي عبد الله عصر رئيسا لمحكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى بالرغم من أنه ليس الأقدم. وجرت العادة أن يتم اختيار الأقدم دائما.
الصورة من التلفزيون المصري
  • شهدت هيئة النيابة الإدارية تعيين عصام المنشاوي رئيسا لها رغم أنه الأحدث بين المرشحين السبعة.
مساس باستقلالية القضاء:
  • علّق أحد القضاة بالقول “لماذا نريد أن نبقى في قالب الأقدمية المطلقة؟ ليس بالضرورة أن يكون الأقدم هو الأكفأ”.
  • مسؤولا قضائيا سابقا قال إن “الأقدمية هي العمود الفقري للقضاء، أمّا الكفاءة فيجب أن يحددها شخص من داخل المجال”.
  • تساءل “هل يمكن لأحد من خارج مجال الطب أن يقيّم أداء طبيب؟.. بالطبع لا”.
  • قال قاض رفض الكشف عن اسمه إن “ضمانات القاضي في الاستقلال تكمن في أن يبقى بعيدا عن السلطة التنفيذية، ولكن ذلك يتضارب مع كون نقله وترقيته وانتدابه وتأديبه سيكون متداخلا مع رئيس الجمهورية”.
  • أضاف أن المواد التي سمحت للرئيس بتعيين القضاة “قد تنتقص من استقلال القاضي الحر وقد تساعد أكثر من ذلك في أن يطمع أي قاض غير مستقل في الحصول على المناصب والمميزات”، من خلال علاقته بالسلطة.
  • قال المحامي المصري والناشط الحقوقي جمال عيد إن التعديلات القضائية “تضعف موقف القضاء المصري ولا تقوّيه وتزيد من تآكل استقلاله”.
  • لم يرغب كل القضاة الذين تحدثوا مع فرانس برس الإفصاح عن أسمائهم لحساسية الأمور المتعلقة بالقضاء في مصر.
  • لكن على الرغم من المخاوف، تبقى الأصوات الناقدة خافتة وغير قادرة على تغيير ما حصل.
مؤشر سيادة القانون:
  • المحامي المصري والناشط الحقوقي جمال عيد قال إن التعديلات القضائية “تضعف موقف القضاء المصري ولا تقوّيه وتزيد من تآكل استقلاله”.
  • أوضح عيد، وهو محام للعديد من متهمي قضايا الرأي في مصر، أن مؤشر سيادة القانون الذي تصدره منظمة “مشروع العدالة العالمي” منذ 2006 ومقرها واشنطن، أتى بمصر في المركز الـ121 من أصل 126 دولة مشاركة.
  • يقيّم هذا المؤشر أداء الدول في نواح عديدة متعلقة بسيادة القانون مثل القيود على سلطات الحكومة ومكافحة الفساد والحقوق الأساسية والأمن والإجراءات الإصلاحية والقانون المدني وقانون العقوبات.
  • توقف عيد عند الانتقادات التي توجه أصلا للقضاء المصري، مشيرا الى أن “فترات الحبس الاحتياطي الطويل ووضع مئات الأشخاص على قوائم الارهاب وأحكام الإعدام الكثيرة هي أمثلة على الموقف الحالي للقضاء”.
الحقوقي المصري جمال عيد

وتشدد منظمات حقوقية على ضرورة إجراء محاكمات عادلة في مصر، خصوصا منذ أطاح الجيش في يوليو/تموز 2013 الرئيس الراحل محمد مرسي، وتصنيف السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين بأنها “تنظيم إرهابي”.

ومنذ ذلك الحين، تم توقيف الآلاف من أنصار مرسي والإخوان المسلمين وإحالتهم للمحاكمات، وحُكم بالإعدام على المئات منهم لكن ألغى القضاء لاحقا بعض هذه الأحكام.

انتقادات حقوقية:
  • ترى منظمات حقوقية أن التعديلات الدستورية الأخيرة والسلطات الممنوحة للرئيس في مجال القضاء لا تحسّن من وضع مصر القضائي.
  • وجّهت منظمات حقوقية دولية ومحلية انتقادات لهذه التعديلات لعدم إعمال مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء فيها.
  • قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في بيان إن المواد المُعدّلة “تمنح الرئيس صلاحيات إشراف واسعة وهي غير خاضعة للرقابة على السلطة القضائية والنيابة العامة، في تعارض مع المبادئ الأساسية لسيادة القانون المتعلقة بفصل السلطات، واستقلالية القضاء، والحق في المحاكمة العادلة”.
  • ترفض الحكومة المصرية باستمرار هذه الانتقادات وتعتبرها تدخلا في شأن داخلي لا ينبغي المساس به.
خلفيات:
  • أقرّت التعديلات الدستورية في مصر بغالبية 89 في المئة من المقترعين الذين بلغ عددهم حوالي 26 مليونا.
  • وافق المصريون في ذلك الاستفتاء أيضا على تمديد فترة حكم الرئيس الحالي حتى عام 2024 على الأقل.
  • قال النائب البرلماني محمد فؤاد “مرّت التعديلات الدستورية بحلوها ومُرّها وما بني عليها من قوانين، أصبحت أمرا واقعا”.
المصدر : الفرنسية