تيار الصحوة السعودي.. أفكاره وأبرز شخصياته ومستقبله

سلمان العودة (يمين) وعوض القرني وعلى العمري

ألقت تقارير عن احتمال إعدام الداعية السعودي سلمان العودة بالضوء على تيار الصحوة الذي انتمى له العودة وبرز بقوة خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين. فما هو تيار الصحوة؟

النشأة:
  • يطلق مصطلح “الصحوة الإسلامية” على التغيرات الاجتماعية والسياسية القوية التي شهدتها المملكة العربية السعودية بين الستينيات والثمانينيات من القرن العشرين.
  • تعود جذور حركة الصحوة إلى خمسينيات القرن الماضي عندما وصل الملك فيصل بن عبد العزيز إلى الحكم في السعودية، ووفرت المملكة آنذاك الملاذ لآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا من الحكومات القمعية في مصر وسوريا وأماكن أخرى.
  • نشر المنفيون أيديولوجيتهم بعدما أصبحوا نافذين في المناصب الحكومية الرئيسية ويقودون أدوارا تعليمية في الجامعات والمدارس، كما تأثروا أيضا بعناصر من الثقافة الدينية السعودية في طريقة تفكيرهم.
الأفكار:
  • يقول المعارض السعودي سعد الفقيه، الذي نشأ في ذروة الصحوة، ومؤسس الحركة الإسلامية للإصلاح: “رأى أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الحاجة إلى دمج التقاليد السعودية مع تصوراتهم كي يتكيفوا مع بيئتهم الجديدة”.
  • بهذا صارت حركة الصحوة مزيجا من أفكار الإخوان المسلمين والتقاليد السلفية الوهابية في الدولة السعودية.
  • يوضح الفقيه أن هذا المزيج من التقاليد “أنتج مقاربة قوية ومثيرة للإعجاب نجحت في جذب الشباب وإحداث ثورة في المجتمع”.
  • بشكل أساسي دعت مجموعات الصحوة إلى دمج التعاليم الإسلامية في التعليم والحياة اليومية.
  • رغم أن الجماعات المنضوية تحت مظلة الصحوة كان لديها مجموعة من الأفكار المختلفة، فإنها تؤمن باللاعنف وتؤيد التقاطع بين الدين والسياسة.
  • عمل بعض رموز الصحوة على زيادة دور علماء الدين في السياسة، وزيادة التمثيل الشعبي في الدولة السعودية، متحدين هيمنة العائلة المالكة.
  • كانت للمجموعات المنضوية تحت مظلة الصحوة وجهات نظر متنوعة حول المجتمع، ولكن بشكل عام كانت لديها آراء تقدمية، حيث دعم بعضهم – على سبيل المثال – منح المرأة المزيد من الحقوق.
  • بحلول سبعينيات القرن العشرين، أصبحت الصحوة شبكة تضم العديد من المجموعات الدينية التي تبنت مجموعة واسعة من وجهات النظر الدينية والاجتماعية، بعضها أكثر محافظة من غيرها.
  • الفقيه أوضح أن “الصحوة ليست حركة، لكنها ظاهرة. تطورت بشكل طبيعي وليس على أيدي مجموعة معينة من الناس. تضمنت أيضا العديد من الناشطين ومجموعة من الإيديولوجيات”.
  • في بدايتها، ركزت حركات الصحوة على نشر ثقافة مناهضة لبعض المعايير الاجتماعية السائدة.
  • الفقيه: الجماعات الإسلامية التي تطورت تحت مظلة الصحوة ركزت في الغالب على الأنشطة التعليمية والاجتماعية، مثل إقامة معسكرات صيفية للشباب.
  • الفقيه: “جذبت وجهة نظر الصحوة الشباب الذي تعرض للتهميش من قبل المشايخ في الدولة. لقد ركز على بناء الفخر بالهوية الإسلامية والشعور بالمسؤولية تجاه المسلمين في جميع أنحاء العالم”.
  • الفقيه: “تقليديا، ترك الشيوخ السعوديون السياسة لآل سعود، لكن القادة الجدد [من تيار الصحوة] شجعوا على الاهتمام بآراء غير تقليدية مثل السياسة والتصويت في الانتخابات. لقد رأوا الإسلام من خلال منظور عملي وشامل يتناول جميع القضايا”.
  • علي الأحمد، وهو محلل سعودي مقيم في واشنطن وخبير في الحركات الإسلامية والتاريخ السياسي السعودي، قال إن الدولة رأت في هذا الجانب من أيديولوجية الصحوة تهديدا.
  • الأحمد: “الصحوة تحدت فكرة أنه ينبغي أن يكون هناك طاعة للحاكم، وقدمت أفكارا لم تكن موضع ترحيب في معاقل الوهابية”.
  • رغم أن الصحوة لم تعد موجودة بمعناها الأصلي فإن أفكارها ونشطاءها ما زالوا مؤثرين.
كيف تصدرت الصحوة المشهد السعودي؟
  • رغم أن الدولة السعودية اتخذت إجراءات صارمة ضد مجموعات الصحوة في بعض الأوقات فإن الحكومة كانت فعالة في تنامي تيار الصحوة حتى التسعينيات من القرن الماضي، كما يقول الخبراء.
  • لم يكن هذا الدعم الحكومي للصحوة مقتصرا على الأنشطة الاجتماعية والتربوية فقط لحركات الصحوة بل امتد أيضا إلى مهامها السياسية.
  • بحسب البروفيسور أحمد بن راشد بن سعيد، أستاذ الاتصالات والذي يعيش في المنفى في بريطانيا، فإن “النشاط السياسي للصحوة خلال الثمانينيات كان مدعوما من الدولة ويحظى بتشجيع قوي منها. كانت الدولة في الواقع هي قائدة الصحوة في ذلك الوقت، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالجهاد الأفغاني”.
  • يرى الفقيه أن صعود الصحوة في ثمانينيات القرن الماضي يمكن تتبعه بثلاثة أحداث محورية، وهي سيطرة مجموعة من المتشددين بقيادة جهيمان العتيبي على المسجد الحرام عام 1980، والثورة الإيرانية، والحرب الأفغانية.
بداية الصدام الحكومي مع الصحوة:
  • مرت العلاقة بين الصحوة والدولة بعدة مراحل، انتهت المرحلة الأولى من رعاية الدولة للصحوة بحرب الخليج، التي سمحت للرياض باستقدام القوات الأمريكية إلى الأراضي السعودية.
  • أثارت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة وتزامنت مع إعلان شخصيات من الصحوة من أبرزهم سلمان العودة وسفر الحوالي عن مبادرة تضمنت 12 مطلبا بالإصلاح السياسي.
  • ردت الدولة بقمع حركات الصحوة وسجن المئات من نشطاء الصحوة والعديد من قادتها، من بينهم العودة والحوالي عام 1994.
  • عندما أطلق سراح هؤلاء الدعاة في أواخر التسعينيات، بدأت مرحلة من التقارب حيث اعتمدت الدولة على أمثال العودة لمحاربة “التطرف”، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.
  • لكن العلاقة توترت مرة أخرى في أعقاب الربيع العربي عام 2011، حيث دعم عشرات من شخصيات الصحوة – ومن بينهم سلمان العودة – ثورات الربيع العربي، ودعا بعضهم لإجراءات إصلاحية سريعة في المملكة.
الصحوة في السجون:
  • تعرضت الحركة لعدة موجات من قمع الدولة منذ التسعينيات من القرن الماضي، لكنها حافظت على نفوذها على مر السنين.
  • خوفاً من وصول المد الثوري للربيع العربي إلى المملكة، حاولت السلطات السعودية سحق المعارضة.
  • بعد أن وصل الأمير محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد، كثف من حملته القمعية ضد مجموعة واسعة من المعارضين المحتملين، ومن بينهم الإسلاميون السعوديون، وخصوصا أولئك المنتمين لتيار الصحوة.
  • حاليا يخضع اثنان من أبرز رموز تيار الصحوة، وهما سلمان العودة وعوض القرني، للاعتقال، إضافة إلى علي العمري.
  • يواجه الثلاثة عقوبة الإعدام، حيث أشارت تقارير غير مؤكدة إلى أنه يمكن إعدامهم بعد شهر رمضان.
ما هو مستقبل الصحوة؟
  • يرى علي الأحمد أن حملة القمع الأخيرة على قادة الصحوة قد تشهد انفصالا تاما بين السلطات السعودية وتيار الصحوة إلى الأبد.
  • الأحمد: “العلاقة بين الاثنين وصلت إلى الطلاق النهائي لأنه ليس من المرجح أن يتراجع محمد بن سلمان عن نهجه”.
  • الأحمد حذر من أن إعدام العودة وغيره قد يؤدي إلى فقدان المجتمع الثقة في الدولة.
  • في المقابل يرى البروفيسور أحمد بن راشد بن سعيد أن تيار الصحوة سوف ينجو من حملة القمع.
  • بن سعيد: “حملة محمد بن سلمان الحالية على الصحوة ستفشل. لا يمكن قمع الأفكار. عندما يحين الوقت، سيعود هؤلاء الأشخاص للظهور والتعبير عن أنفسهم من جديد”.
المصدر : الجزيرة الإنجليزية + الجزيرة مباشر