منبج مدينة الشعراء.. رحلة الدم بين الجيوش والتنظيمات المسلحة

مدينة منبج السورية.. سيرة متقلبة من الأزمات والأحكام المتصارعة

تحمل مدينة منبج السورية في تاريخها الممتد لآلاف السنين، سيرة متقلبة من الأزمات والأحكام المتصارعة، والتي أعادت لأكثر من مرة تشكيل المدينة جغرافيًا وسكانيًا.

عاصمة العواصم
  • تحتل منبج اسم عاصمة العواصم وفق ما أطلق عليها الخليفة العباسي الشهير هارون الرشيد.
  • تمثل بالنسبة للشمال السوري إحدى أبرز البوابات مع تركيا وإحدى أهم الطرق الموصلة إلى حلب والريف السوري بشكل كامل.
مدينة الشعر والأدب
  • تقع مدينة منبج في المنطقة الفاصلة بين شرقي الفرات وغربه، وقد ظلت
    ولاتزال محتفظة بموقع استراتيجي، واشتهرت بتاريخها في مقارعة الروم خلال القرون الأولى من الإسلام.
  • كذلك تقع بجوار الطريق السريع ( إم فور) وهو طريق تجاري رئيسي يربط مدينة اللاذقية الساحلية الغربية بحلب والرقّة، ودير الزور الغنية بالنفط في الشرق، وبسبب ذلك تحولت إلى مركز اقتصادي محلي.
  • ينتمي إلى منبج عدد كبير من الشعراء والعظماء من بينهم (الوليد بن عبادة المعروف بالبحتري، ودوقلة المبنجي). كما كانت منبج، جزءا من دولة الحمدانيين في عهد أميرهم الشهير سيف الدولة وابن عمه الشاعر المشهور (أبو فراس الحمداني) كما ينتمي إليها شاعر سوريا الكبير عمر أبو ريشة.
  • ترتفع منبج عن مستوى البحر بحوالي 400 متر، وتقع في مواجهة تركيا التي يفصلها عنها نحو 30 كيلومترًا.
  • زاد عدد سكان المدينة من مئة ألف شخص سنة 2004 إلى أكثر من مئتي ألف بعد 2011 بسبب وصول آلاف النازحين الذين توافدوا عليها من مختلف أنحاء سوريا، قبل أن تنال هي الأخرى نصيبها من النزوح باتجاه تركيا بشكل خاص.
  • تعايش في مدينة منبج وعلى امتداد حقب التاريخ الغابرة، العرب الذين يمثلون غالبية سكانها إضافة إلى الأكراد والشركس والتركمان.
الولايات المتحدة أقامت قاعدة عسكرية في منبج عام 2018
منبج.. ثورة وحروب
  • شاركت منبج بقوة في الثورة السورية منذ اندلاعها، واستقبلت الجيش الحر في يوليو/تموز 2012، الذي طرد قوات النظام من المدينة وضواحيها وأقام سلطته العسكرية والأمنية والقضائية قبل أن يغادر المدينة مطرودًا تحت رصاص تنظيم الدولة، في 23 يناير/كانون الثاني 2014.
  • مثلت منبج “فتحًا” أساسيًا بالنسبة لتنظيم الدولة حيث ربطت بين مدينة جرابلس التي يسيطر عليها التنظيم، ومدينة الرقة عاصمة التنظيم خلال فترة إقامته “لخلافته” في سوريا والعراق.
  • لم تطل إقامة جيش تنظيم الدولة لأكثر من سنتين قبل أن يواجه هجومًا شرسًا من قوات سوريا الديمقراطية في 31 مايو/أيار 2016 مدعومة بقصف جوي من قوات التحالف الدولي الذي شُكل -بقيادة الولايات المتحدة- لمحاربة تنظيم الدولة.
  • منذ طرد قوات تنظيم الدولة منها وسيطرة الوحدات الكردية عليها، عاشت منبج في مواجهة إرادات دولية متصارعة، حيث أقامت الولايات المتحدة قاعدة عسكرية لمواجهة تنظيم الدولة، ودعم قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية.
  • ذلك في وقت، ظل النظام السوري وروسيا يتحدثان عن ضرورة استعادتها، في حين هددت تركيا والقوات المعارضة الموالية لها باقتحامها أكثر من مرة بسبب سيطرة ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية المصنفة في تركيا إرهابية عليها.
  • منذ عام 2014 –حين سيطر تنظيم الدولة على المدينة- أصبحت تركيا تتوجس مما يجري في المدينة وعلى حدودها الجنوبية، حيث أصبحت منذ ذلك الحين تحتضن الكثير من خصوم تركيا ونظامها.
  • منذ نحو سنتين دخل عامل جديد أقلق تركيا كثيرًا، حيث بدأت السعودية والإمارات تحركًا غامضًا في منطقة شرق الفرات على الحدود السورية التركية على وقع تصاعد الأزمة بينهما مع تركيا.
  • تردد أن الدولتين سعتا باستخدام نفوذهما على العشائر العربية لإنشاء مليشيا عربية اعتمادا على قوات الصناديد التابعة لأحمد الجربا الذي يحظى بدعم مصري إماراتي، والذي توصف علاقته بأنقرة بالسيئة.
مركبة عسكرية تركية في ريف منبج-18 ديسمبر 2018
السباق نحو منبج
  • بمجرد إعلان الأمريكيين سحب قواتهم من الشمال السوري، سارعت كل القوى المتنافسة والمتحاربة في المنطقة إلى منبج، حيث دفعت تركيا وحلفاؤها من قوات المعارضة بتعزيزات عسكرية نحو المدينة وضواحيها.
  • في حين اندفع النظام السوري إلى المدينة بعد تفاهم مع القوات الكردية، التي تسعى للإبقاء على منبج تحت سيطرتها لاعتبارات عديدة منها أنها تمثل عقدة ربط جغرافية مهمة بين المناطق التي يسيطرون عليها وبين محافظات النظام ومناطق سيطرة المعارضة.
  • تتضارب الأنباء بشأن سقوط المدينة الهامة بيد قوات النظام السوري مدعومة بالقوات الروسية، في حين أعلن الجيش الوطني السوري مدعومًا بقوات تركية عن استيلائه على عدد من القرى بمحيط المدينة.
  • منذ يومين، تحدثت وسائل إعلام النظام السوري أن وحدة صغيرة من جنود النظام دخلت للمرة الأولى إلى منبج منذ 2012، وقالت روسيا إن وحدات من شرطتها العسكرية تقوم بدوريات في المدينة ومحيطها.
  • في حين أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن عملية نبع السلام ماضية في تطهير الأراضي من منبج إلى الحدود العراقية وستستمر حتى إنجاز هذا الهدف.
  • من المؤكد أن خروج منبج من قبضة “الأكراد” يمثل خسارة فادحة، وأن سيطرة أي طرف عليها يمثل مكسبًا استراتيجيًا هامًا في لعبة التوازنات والأدوار.
  • من شأن سيطرة الأتراك عليها بالذات، أن يقربهم من هدف تشتيت شمل الوحدات الكردية وتعزيز الحضور عسكريًا وميدانيًا وحتى سياسيًا في الملف السوري.
  • بين النيران المتعاقبة والأهداف المتناقضة تنام منبج (مدينة البحتري) وتصحو على يوم مجهول آخر من أيامها.
المصدر : الجزيرة مباشر