انتخابات تركيا.. كيف سيدير أردوغان تحالفاته داخل البرلمان بعد حصول ائتلافه على الأغلبية؟

حصل حزب العدالة والتنمية على نسبة 35.61% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية مؤخرا (رويترز)

رصد تقرير لموقع (ميدل إيست آي) البريطاني خريطة التحالفات المحتملة داخل البرلمان التركي عقب حصول تحالف الجمهور الحاكم على الأغلبية النيابية من جديد.

وذكر التقرير أنه رغم عدم قدرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، فإن التحالف الذي يقوده استطاع تحقيق الفوز في الانتخابات التشريعية.

وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان شهد انخفاضًا في الدعم الانتخابي خلال الانتخابات البرلمانية التي أجريت جنبًا إلى جنب مع الانتخابات الرئاسية، إذ انخفض من 42.28% إلى 35.61%، وهو أدنى مستوى في تاريخه، فإنه تمكن من تأمين 268 مقعدًا.

كما تراجع حزب الحركة القومية، الحليف الرئيسي لحزب العدالة والتنمية، في نسبة التمثيل من (11.20%) إلى (10%)، حائزًا على 50 مقعدا فقط.

وبينما نال الحزبان معًا 318 مقعدًا في البرلمان المؤلف من 600 مقعد، استطاع  حزب الرفاه من جديد، حليف أردوغان، الحصول على 5 مقاعد أخرى، مما أعطى التحالف الحاكم أغلبية مقاعد البرلمان إثر الحصول على نسبة 49.37% من الأصوات.

وفي الوقت نفسه، تبدو المعارضة، بحسب التقرير، منقسمة بشكل واضح، مما يوفر فرصة لأردوغان لاستكشاف تحالفات جديدة داخل البرلمان.

يُعرف تحالف المعارضة الرئيسي باسم الطاولة السداسية، ويتألف من ستة أحزاب يقودهما اثنان: حزب الشعب الجمهوري (من يسار الوسط)، والحزب الجيد وهو حزب قومي.

وبحسب نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 14 من الشهر الجاري، فقد تمكن زعيم حزب الشعب الجمهوري والمرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو من حمل عدد من الأحزاب الصغيرة على قائمة تحالفه وحصل لها بالفعل على عدد من المقاعد للمرة الأولى.

ففي حين حصل حزب الشعب الجمهوري على 25.37% من الأصوات محققًا 169 مقعدًا برلمانيًّا، والحزب الجيد على 9.75% من الأصوات و43 مقعدًا، حصل كل من حزب الديمقراطية والتقدم على 14 مقعدًا، وحزب المستقبل على 11 وحزب السعادة على 10 والحزب الديمقراطي على 3 مقاعد، عبر مرشحيهم على قوائم الشعب الجمهوري. ويمنح ذلك التحالف كله 213 نائبًا بعد الحصول على نسبة 35.12% من الأصوات.

لكن التوترات سرعان ما بدأت تتصاعد بالفعل بين كليجدار أوغلو وميرال أكشنار، التي عارضت بشدة أن يكون الأول هو مرشح الطاولة السداسية في الانتخابات الرئاسية.

وتوقع التقرير أنه إذا تعرض كليجدار أوغلو للهزيمة في جولة الإعادة، فمن المحتمل أن تفكر أكشنار في مغادرة الطاولة السداسية.

أحزاب المعارضة التركية في تحالفها “الطاولة السداسية” (رويترز)

انقسامات أيديولوجية داخل المعارضة

وأشار أوغوز أريكبوغا، الباحث المتخصص في شؤون تركيا والاتحاد الأوربي، إلى أن احتفاظ أردوغان بأغلبية برلمانية يسمح له بالحكم بشكل مريح، ولا سيما بسبب الانقسامات الأيديولوجية داخل المعارضة.

وأضاف للموقع “مع فوز أردوغان الرئاسي شبه المؤكد، ستفترق المعارضة في النهاية، وسيصبح الانقسام في خطط الأيديولوجيا والسياسة أكثر وضوحًا”.

ويرى الموقع المتخصص في قضايا الشرق الأوسط، أن اعتماد أردوغان على دعم حزب الحركة القومية أثار انتقادات كثيرة، حيث دفعه نحو سياسات أكثر يمينية، لكن مع ذلك، فإن أردوغان وفق النتائج الحالية أصبح لديه خيار التخلي عن حزب الحركة القومية وتشكيل تحالف برلماني جديد.

ويعتقد أريكبوغا أن الأحزاب الأربعة الصغرى التي دخلت عبر قائمة حزب الشعب الجمهوري، ستسعى في النهاية إلى تحقيق أجنداتها الخاصة وربما تنضم إلى أردوغان لكونها أقرب إليه من الناحية الأيديولوجية، حيث ستحصل أحزاب العدالة والتنمية والمستقبل والديمقراطية والسعادة، على إجمالي 302 مقعد، مما يمنح أردوغان أغلبية برلمانية بدون حزب الحركة القومية.

وعلاوة على ذلك، يرى أريكبوغا أن أردوغان يمكن أن يضم حزب الجيد، بمقاعده البالغ عددها 43 مقعدًا، في ائتلافه لتعزيز أغلبيته.

وقال “سيكون من السهل بعد ذلك على أردوغان الاستفادة من ذلك في توفير الأغلبية اللازمة داخل البرلمان لإجراء استفتاء على حزمة تعديلات دستورية، ظل حزب العدالة والتنمية يناقشها منذ فترة.

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد إجراء تغييرات دستورية في استفتاء عام 2017، فإن حزب العدالة والتنمية ما زال يريد “إصلاح الدستور” بشكل أكبر لإبعاده عن الآثار التي أحدثها الانقلاب العسكري عام 1980.

تبدو المعارضة، بحسب التقرير، منقسمة بشكل واضح، مما يوفر فرصة لأردوغان لاستكشاف تحالفات جديدة داخل البرلمان (رويترز)

معضلة الاختيار

ولتعزيز الدعم لحملته الانتخابية، كرّس أردوغان بشكل استراتيجي جميع وزرائه للمناصب البرلمانية؛ إذ قام بوضعهم على رؤوس المحافظات الكبرى وشجعهم على حشد الدعم المحلي. وحتى بعد انتهاء الانتخابات النيابية، أمرهم بالبقاء في ولاياتهم لمواصلة السعي للحصول على دعم جولة الإعادة لرئاسة الجمهورية.

ومع ذلك، يرى الموقع أن أردوغان إذا خرج منتصرًا غدا الأحد، فسيواجه معضلة الاختيار بين وزرائه والمقاعد البرلمانية، حيث لا يمكن للوزراء شغل مناصب نواب في النظام الرئاسي في البلاد. وإذا تنحى أحد النواب عن منصبه، يظل هذا المقعد غائبًا بقية ولاية ذلك البرلمان، ما لم يرتفع عدد الغيابات بشكل خاص.

ويشكك الكثيرون فيما إذا كان أردوغان على استعداد للتضحية بالعديد من نواب حزب العدالة والتنمية من أجل الاحتفاظ بالشخصيات الرئيسية وزراء. ومع ذلك فإن المشهد السياسي الحالي يوفر له هامشًا مريحًا للعمل، ومن المتوقع إعادة تعيين بعض الوزراء، بمن فيهم وزير الدفاع خلوصي أكار، ولو خسروا مقاعدهم التي فازوا بها مؤخرًا في البرلمان.

المصدر : ميدل إيست آي