الوثائق المسربة عن حرب أوكرانيا.. واشنطن تعلق وكييف تهوّن

جندي أوكراني يراقب، وسط هجوم روسيا على أوكراني، في باخموت بمنطقة دونيتسك (رويترز)

أعلنت الإدارة الأمريكية اعتزامها بذل جهود من أجل كشف ملابسات نشر وثائق سرية عن الحرب في أوكرانيا، في حين قلّلت كييف من شأن تقرير أفاد بأنها تجري تعديلات على بعض خططها لهجوم مضاد نتيجة تسرب هذه الوثائق.

ويحاول المسؤولون الأمريكيون تعقب مصدر التسريب مع مراجعتهم لإجراءات مشاركة المعلومات السرية داخليًا والتعامل مع التداعيات الدبلوماسية.

وقال بعض خبراء الأمن القومي إنهم يشتبهون في أن يكون مصدر التسريب أمريكيًا لكنهم لم يستبعدوا احتمال أن يكون أحد المؤيدين لروسيا.

وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أمس الاثنين “نأخذ الأمر على نحو جاد جدًا”، مشيرًا إلى أن وزارة الدفاع تجري مراجعة في كل الهيئات حول “التأثيرات المحتملة لهذا الأمر على الأمن القومي”، وتابع أن وزارة العدل تجري تحقيقًا جنائيًا.

ومنذ أسابيع، يجري على الإنترنت تداول وثائق يبدو أنها سرية لهيئات أمريكية عن الحرب الروسية على أوكرانيا، وتنشر وسائل إعلام أمريكية منذ أيام تقارير عن مواد حساسة عن طرفي الحرب دون أن تنشر الوثائق نفسها.

ومن غير الواضح مَنْ نشر الوثائق التي تم تداولها منذ أسابيع على قنوات موالية لروسيا. وكانت شبكة “بيلينجكات” المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية أثبتت أن بعض هذه الوثائق تم التلاعب فيها في وقت لاحق.

وقال كيربي “نحن قلقون من وجود هذه الوثائق في الخارج، فهي لا ينبغي على الإطلاق أن تكون موجودة على الملأ”، وحث على توخي الحذر قائلًا “علينا الآن ببساطة أن نكون حذرين مع التكهنات والافتراضات وماذا أو مَنْ يمكن أن يكون وراءها”.

وتابع “يبدو أن المعلومات المنشورة تم تغييرها في بعض الحالات على الأقل، لكنني لا يمكنني أن أقول لكم في الوقت الحالي على وجه الدقة كيف حدث هذا. نحن نتتبع الأمر بشكل مكثف قدر الإمكان لكي نفهم هذا”.

وحسب تقارير وسائل الإعلام الأمريكية، تتضمن هذه الوثائق معلومات عن شحنات ضخمة من الأسلحة إلى أوكرانيا ومعلومات عن استهلاك الذخيرة وحملة تنديد دولية ضد موسكو، كما تتضمن خرائط توضح مسار الجبهة ومواقع القوات الروسية والأوكرانية وحجم القوات.

وتتضمن الوثائق أيضًا معلومات عن خطط مزعومة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة حول كيفية استعداد الجيش الأوكراني لشن هجوم في الربيع.

تهوين أوكراني

من جانبها قللت كييف من شأن تقرير أفاد بأنها تجري تعديلات على بعض خططها لهجوم مضاد نتيجة لتسرب الوثائق الأمريكية المذكورة. ومع استمرار المعارك، أفادت شبكة (سي إن إن) الأمريكية بأن أوكرانيا مضطرة لتعديل بعض خططها العسكرية قبل هجومها المضاد الذي طال انتظاره بسبب تسرب العشرات من الوثائق السرية.

ومن المنتظر منذ فترة طويلة أن تشن أوكرانيا هجوما مضادا بعد حرب استنزاف استمرت شهورا في الشرق. وفشل هجوم روسي في الشتاء في إحراز تقدم يذكر ولم تحقق القوات الروسية سوى مكاسب ضئيلة بتكلفة باهظة.

وردًا على سؤال حول التقرير، قال ميخائيلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني إن خطط كييف الاستراتيجية لم يطرأ عليها أي تغيير لكن أسلوب التنفيذ قابل دائمًا للتعديل. وقال أوليكسي دانيلوف سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع لرويترز “لا نهتم بآراء من لا دخل لهم بهذا الأمر. دائرة الأشخاص الذين يملكون المعلومات محدودة للغاية”.

في المقابل، رفض ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين التعليق على التسريب لكنه قال “هناك ميل في الواقع لتحميل روسيا المسؤولية عن كل شيء. هذه عمومًا حالة مرضية”.

جنود أوكرانيون على جبهة باخموت (رويترز)

يأتي ذلك في حين يستمر القصف الروسي على المدن الواقعة على خط الجبهة في شرق أوكرانيا. وقال الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي قائد القوات البرية الأوكرانية أمس إن الروس يستخدمون أسلوب “الأرض المحروقة” في باخموت كما في سوريا، مع تعرض المدينة الواقعة في دونيتسك ومدن وبلدات أخرى لقصف عنيف.

والمعركة من أجل السيطرة على المدينة الصغيرة التي دُمرت إلى حد كبير والمتاخمة لمجموعة من المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا في دونيتسك، هي الأكثر دموية في الحرب المستمرة منذ 13 شهرا إذ تحاول موسكو إعادة الزخم لحملتها بعد عدة انتكاسات في الآونة الأخيرة.

ومن شأن السيطرة على باخموت أن تتيح لروسيا استهداف خطوط الدفاع الأوكرانية بشكل مباشر وأن تمهد الطريق أمام قواتها للتقدم تجاه مدينتين أكبر بمنطقة دونيتسك، وهما كراماتورسك وسلوفيانسك.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات